«الجدار الأزرق» يُعلِّق «رئاسية أميركا»
ترامب يشكك... وبايدن جاهز لمعركة قضائية
للمرة الأولى منذ عام ألفين، استفاق الأميركيون أمس بدون أن يعرفوا هوية رئيسهم المقبل، بعد اقتراع شهد نسبة مشاركة قياسية مع استمرار فرز الأصوات في سبع ولايات أساسية، وهو الأمر الذي لم يمنع دونالد ترامب من اعتبار نفسه فائزاً في مواجهة جو بايدن.وتغيّرت الخريطة الانتخابية بشكل دراماتيكي خلال النهار الانتخابي الطويل، لكنها عُلِّقت عند ما يعرف بـ "الجدار الأزرق"، خصوصاً ولايتي ميشيغان وبنسلفانيا، مما جعل الحسم يحتاج إلى المزيد من الوقت، خصوصاً مع كثافة التصويت في البريد. وبعد أن كانت الأمور تميل بقوة إلى انتصار "ترامبي" مفاجئ بولاية ثانية مع فشل رهان بايدن على "مد ديمقراطي"، تغيّرت المعطيات لتميل الدفة إلى مصلحة المرشح الديمقراطي.
وقال المسؤولون في "بنسلفانيا"، التي يحتاج إليها ترامب بشدة للفوز، إنهم يحتاجون، ربما، إلى يومين آخرين للانتهاء من الفرز.وباتت هوية الرئيس المقبل، الذي سيحلف اليمين الدستورية في 20 يناير، رهناً بنتائج عدة ولايات أساسية.وهذا السيناريو أكثر تعقيداً من عام 2000 عندما كانت النتيجة رهناً بولاية فلوريدا وحدها، وعندئذ تدخلت المحكمة العليا بعد أكثر من شهر على الانتخابات، لوضع حد لإجراءات إعادة فرز الأصوات واحتسابها، والبت لمصلحة المرشح الجمهوري جورج دبليو بوش.لكن الشيء المؤكد أن المد الديمقراطي، الذي كان يأمله البعض في معسكر بايدن لتسجيل انتصارات تاريخية في كارولاينا الشمالية أو تكساس، لم يتحقق.واحتفظ الرئيس الجمهوري بفلوريدا، التي سبق أن فاز فيها عام 2016، مُكذِّباً نتائج استطلاعات الرأي، كما كسب أوهايو التي فاز فيها منذ عام 1964 كل المرشحين الذين وصلوا إلى الرئاسة، وظفر أيضاً بتكساس المعقل الجمهوري الذي كان يبدو في وقت من الأوقات مهدداً.لكن الطريق للفوز بولاية ثانية يبقى صعباً، فلا يزال يتعين عليه الفوز بالقسم الأكبر من الولايات الأساسية الأخرى التي ساهمت في فوزه المفاجئ عام 2016.وفي النظام الأميركي، يُنتخب رئيس الولايات بالاقتراع العام غير المباشر، إذ يقوم الناخبون في كل ولاية باختيار ناخبين كبار. ويحتاج المرشح إلى 270 صوتاً من أصوات كبار الناخبين للفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، من أصل 538.وحتى الآن نال ترامب أصوات 213 ناخباً كبيراً، متأخراً بشكل طفيف عن بايدن (238)، الذي يقف أمام سيناريوهات مختلفة لتحقيق النصر. وقد فاز المرشح الديمقراطي في أريزونا، المعقل السابق للمحافظين، وأول ولاية تنتقل من معسكر إلى آخر في هذه الانتخابات، مقارنة مع عام 2016.ويمر طريق بايدن إلى البيت الأبيض عبر الشمال الصناعي للبلاد، ولا يزال عليه الفوز بولايتين على الأقل من الولايات الثلاث المتنازع عليها في ذلك الشمال (بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن)، التي سبق أن فاز فيها الملياردير الأميركي قبل أربع سنوات.لكن في هذه الولايات، قد يستمر فرز الأصوات حتى الخميس أو لعدة أيام، بسبب المستوى القياسي للتصويت عبر البريد خصوصاً.وفي ويسكونسن وميشيغان، راح الفارق بين ترامب وبايدن يتقلص مع ورود بطاقات الاقتراع عبر البريد. وبهاتين الولايتين، فضلاً عن بنسلفانيا، يتوقع محللون أن تكون أغلبية البطاقات، التي لم تفرز بعد، عائدة إلى المرشح الديمقراطي.وفي بنسلفانيا، كان ترامب متقدماً، أمس، بنحو 700 ألف صوت، لكن لا تزال 1.4 مليون بطاقة اقتراع مرسلة بالبريد غير مفرزة بعد. وقد حاز بايدن حتى الآن نسبة 78 في المئة من المصوتين بالبريد.ويريد ترامب اللجوء إلى المحكمة العليا بهذا الشأن خصوصاً، وقبل موعد الانتخابات رُفعت إلى المحكمة العليا عدة شكاوى حول التصويت البريدي، وطلب فيها الجمهوريون في بنسلفانيا منع احتساب البطاقات، التي ترسل عبر البريد قبل مساء الثلاثاء لكنها تصل في الأيام الثلاثة التي تلي موعد الانتخابات.ورفضت أعلى محكمة في البلاد بتّ هذه الشكوى على عجالة، لكن في حال كانت النتيجة متقاربة جداً، فسيكون عليها أن تبحث في جوهر القضية، وأن تقول ما إذا كان ينبغي احتساب البطاقات التي ترد بين يومي الأربعاء والجمعة أم لا.ويخيم شبح عدم اليقين لأيام طويلة ومعارك قضائية محتدمة حالياً على أكبر قوة في العالم تشهد أساساً أزمات صحية واقتصادية واجتماعية كبرى.ورغم إعلانه، بطريقة مواربة، الانتصار، شكك ترامب بنزاهة الاقتراع، وقال إنه سيتوجه إلى المحكمة العليا لوقف العد.وفي المساء، مع تبدل الخريطة الانتخابية ضده، صعّد ترامب تصريحاته، وقال على "تويتر": "كنت متقدماً في كثير من الولايات الرئيسية، وبعد ذلك، بدأت الواحدة تلو الأخرى تختفي بطريقة سحرية، مع ظهور بطاقات انتخابية مفاجئة واحتسابها"، مشدداً على أنه لن يهدأ له بالٌ حتى احتساب كل صوت.وفي المقابل، قالت حملة بايدن إنها مستعدة لمعركة قانونية.وكما كان متوقعاً، احتفظ الديمقراطيون بالسيطرة على مجلس النواب، إلا أن آمالهم بانتزاع مجلس الشيوخ من الجمهوريين بدأت تتلاشى.