جمال الروح
خلق الله الإنسان وبث فيه الروح الطيبة النقية، فالروح تميل للجمال والجمال يسكن الروح؛ فتزداد النفس رضا وسعادة، وبها يصح البدن والعقل، وهي حقيقة لا يقر بها البشر إلا بعد فوات الأوان؛ بعد أن تسأم العين ما لفت نظرها وأبهرها ومن ثم عافته النفس فلا قول حينها إلا أن: "الجمال جمال الروح". إن التصور غير الصحيح للجمال أنه يتعلق بالشكل الخارجي فحسب، وذلك وفق أحدث ما يطرحه مسوقو السلع من تجميل ولباس- لتحقيق مزيد من الربح التجاري- وبتجديد مستمر لما يبهر العين، ويشحذ حماسة الفكر السريعة بالتغيير والتجديد، في حين الجمال الحقيقي هو الاهتمام بأساسيات الجمال الطبيعي وتطويع الجمال التجاري بما يتناسب مع إمكانات كل منا المادية والشخصية مهما كانت محدوديتها.
كما أن الفهم غير الصحيح لجمال الروح يكون من خلال ربطه بنمط معين من الحب أو التعلق، في حين جمال الروح يتجسد بكل شخص بعيدا عن صفته وعمره، وهو يرتبط بالعقل ويتجسد بجميل التعامل والاحترام المتبادل وحسن التصرف والمعاملة والإحساس بالآخرين والكلام الحَسن والتعاطف مع الآخر والعطاء المتبادل والمشاركة الفعلية في السراء والضراء والنوايا الصافية والمشاعر الصادقة وصولا للتضحيات المتعددة بحسب المواقف الحياتية المختلفة. إذا التصور الخطأ للجمال والفهم الخطأ لجمال الروح مؤداهما أن يصبح "جمال الروح" كلاما نظريا لا عمليا، ومن ثم تتعب النفس باللهاث وراء الجمال المزيف للعين بما فرضه المجتمع من حولها، بل إن الوعي بمعنى الجمال وجمال الروح رضا وسعادة للنفوس وصحة للأبدان.