الوصول لسدة البرلمان والحظوة بالكرسي الأخضر ربما يمثلان حلما صعب المنال للمرأة المرشحة، لاسيما بعد تجارب كثيرة لم يكتب فيها النجاح إلا مرات محدودة خلال فصول تشريعية مختلفة لمجلس الامة، وربما لم يتجاوز عدد النائبات اللائي وصلن إلى المجلس أصابع اليدين منذ عام 2006 عندما نلن حقوقهن السياسية.والغريب أن الناخبات لهن نصيب الاسد من اجمالي اصوات من يحق لهم التصويت، حيث يبلغ عددهن 293754 ناخبة، بينما يبلغ عدد الناخبين الرجال 273940 بفارق يفوق 2000 صوت تقريبا.
لم يصل الى المجلس منذ 2006 إلا 6 نائبات، تمثلن في معصومة المبارك وأسيل العوضي ورولا دشتي وذكرى الرشيدي وسلوى الجسار وصفاء الهاشم رغم العدد الكبير من الناخبات، لكن أصواتهن تذهب لنصرة الرجال، وتعتبر الهاشم الوحيدة التي استطاعت الوصول الى البرلمان من خلال تمثيلها للدائرة الثالثة بمجلسي 2013 و2016، بينما نجحت معصومة المبارك في الوصول إلى مجلسين أبطلا في 2012، أما بقية النائبات فوصلن إلى المجلس مرة واحدة فقط.أصوات الناخبات تكون حكرا على المرشحين الرجال والدليل أن اكثر من 80 في المئة من نواب مجلس الامة هم من الرجال خلال المجالس الماضية.وربما يعود الأمر الى قلة وعي المرأة الناخبة بالمرشحة، او عدم ثقتها بها، لإيصال رسالتها والمطالبة بحقوقها، أو الأمر الأهم وهو العادات والتقاليد وامتثال اغلبية الناخبات لأوامر ازواجهن أو آبائهن او ذويهن من الرجال في التصويت، لكن ربما هناك ثمة تفاؤل بجديد قد يكون حاضرا في هذه الانتخابات بوصول أكثر من امرأة للمجلس بعد ترشح 33 امرأة في الدوائر الخمس، وهذا التفاؤل حملته مرشحة الدائرة الأولى نيفين معرفي التي اشارت بقولها: "أنا متفائلة بوصول عدد اكبر من المرشحات إلى سدة البرلمان في انتخابات 2020"، مشيرة إلى ان المرأة الناخبة اصبحت تعي ان صوتها والمطالبة بحقوقها لن يحصلا الا من خلال النائبة المرأة، كما حدث في مجلس 2009 عندما حصلت المرأة على حقها الإسكاني من خلال صوت النائبات النساء".وأكدت معرفي ان الخلل في عملية تصويت النساء للرجال في الانتخابات يعود الى ان عادات وتقاليد المجتمع تحتم على المرأة الناخبة اتباع ذويها الرجال في عملية التصويت في انتخابات مجلس الأمة، لذلك يمتثلهن لهم، ويقمن بالتصويت للمرشح الرجل.ولفتت إلى أن هذا الأمر كان يحدث سابقا، أما الآن وخاصة في هذه الانتخابات فإن الناخبة الكويتية تدرك أن صوتها لا يمكن ان يصل وحقوقها المفقودة لا يمكن ان تقر الا من خلال النائبة المرأة التي تستطيع ان تمثلها التمثيل الحقيقي لا الرجل، مؤكدة ان هذه الانتخابات ستشهد وصول اكثر من امرأة للبرلمان.وأكدت معرفي أن المرأة أدركت متأخرة أن حقوقها لا يمكن أن يأتي بها الرجل، بل مثيلتها المرأة.ولم تخف معرفي أن أغلبية النساء يتبعن ذويهن الرجال في عملية التصويت، لكن "نتطلع كنساء أن تنتصر المرأة الناخبة للمرشحة في الخامس من ديسمبر من أجل مستقبل أفضل لنساء الكويت".وخاطبت الناخبات بقولها: صوّتوا هذه المرة للمرشحة، فهي الأقدر على إيصال صوت المرأة والمطالبة بحقوقها.من جهتها، انتقدت مرشحة الدائرة الخامسة، د. أنوار القحطاني، اتجاه الناخبات خلال المجالس النيابية الماضية لنصرة المرشح الرجل على حساب المرأة، مشيرة الى "أننا كنساء نملك نصيب الأسد من حيث الأصوات، لكن الناخبات يتجهن لنصرة الرجال على حسابها".وأكدت القحطاني أن هناك أزواجا يحلفون على نسائهن بضرورة التصويت للمرشحين الرجال الذين يريدونهم أو يفضلونهم، وعدم التصويت للمرشحة المرأة، الأمر الذي ساهم في غياب المرأة عن المشهد السياسي كنائبة إلا من خلال حضور خجول خلال عدد من المجالس منها ما تم إبطاله.
جهاد نسائي
وقالت: نركز على المرأة المتزوجة من غير الكويتي، والتي تؤمن بأن حقوقها وحقوق أبنائها لن يأتي بها إلا النائبة المرأة، أما الرجال فيقدمون لهذه الفئة بالذات وعودا كثيرة ولا يوفون بها بعد نجاحهم.وأكدت عدم وجود وعي بدور المرأة، وضرورة أن تجاهد الناخبة في سبيل وصولها للبرلمان، لافتة الى أن الرجال لا يثقون بالمرأة، ولا يدعمونها، بعكس المرأة الناخبة التي تصوت للرجال، مؤكدة أن أغلبية نساء الكويت يتبعن أزواجهن في عملية التصويت.وطالبت القحطاني الناخبة الكويتية بالتصويت لمثيلاتها من المرشحات في الدوائر الخمس، منتقدة مجلس 2016 الذي لم يحقق للمرأة شيئا.وقالت: عندما تكون المرأة في مجلس الأمة "لا نحتاج إلى واسطة لاستعادة حقوقنا، حيث تعتبر هي خير من يمثلنا هناك، متفائلة بأن المرأة ستكون حاضرة بقوة في مجلس 2020".عادات موروثة
من جهتها، قالت أستاذة علم النفس في كلية التربية بجامعة الكويت، د. سميرة المذكوري: في الغالب لا تتوجه كثير من الناخبات الإناث الي التصويت لمثيلتها الأنثى المرشحة، وذلك لعدة أسباب منها: العادات الثقافية الموروثة التي شكلت قناعة لدى المرأة بأن الرجل له الأفضلية والخبرة في المجال السياسي يتفوق فيها على المرأة، وهيمنة الثقافة الذكورية فترات طويلة.وأشارت المذكوري الى أن تصويت المرأة الكويتية لمصلحة الرجل أكثر، وذلك لعدم ثقة المرأة ببنات جنسها من الإناث، من حيث أنها ترى أن شخصية الرجل أكثر قوة وجرأة في النقاشات أو المطالبات السياسية والإصلاحية، وأيضا من حيث سهولة وانسجام في التعامل بين الذكر والمرأة بشكل أكبر وأسهل من التعامل بين المرأة ونظيرتها المرأة، وهي ما تسمى بمنظومة "المرأة عدوة المرأة"، والغيرة تلعب دوراً كبيراً في ذلك.وأكدت أن "العدو الحقيقي للمرأة هي التنشئة الاجتماعية التي حوّرت مشاعرها تجاه نفسها، وأفقدتها الشعور بقضاياها وحقوقها السياسية والاجتماعية"، مضيفة: "مع الأسف، ما زال هناك في المجتمع أفراد يرفضون حقوق المرأة الانتخابية، ويوجهون زوجاتهم وبناتهم الى عدم التصويت للمرشحات الإناث، لعدم أهليتهن، وإن دور المرأة فقط في رعاية أسرتها، لأنها إذا خرجت عن هذا الإطار وعن الدور المحدد لها فستفقد احترامها، وبذلك قد تكون عدوة غيرها ممن يختلفن عنها في التفكير، وربما تكون عدوة نفسها أيضا وهي لا تعي ولا تدرك ذلك".