العديد من الطاقات الوطنية الشابة التي تعمل كجنود مجهولين في مختلف القطاعات أصبحوا في دائرة النسيان والإهمال والاضطهاد رغم الجهود الكبيرة التي يحققونها والأحمال الثقيلة التي تقع على كاهلهم، لكن ذنبهم الوحيد أنهم لا يملكون العصا السحرية وهي الواسطة التي تنتقل بهم الى مركز أفضل أو موقع متقدم لتحقيق تطلعاتهم، مقارنة بمن اعتادوا على الترقيات والامتيازات عبر البراشوت الذي يسهل وييسر كل العقبات التي قد تواجههم. فخلال الحملات الانتخابية الحالية أصبحت الصفقات بين بعض المرشحين المتنفذين والناخبين هي وسيلة أخرى لكسب الأصوات ومنها على سبيل المثال لا الحصر الوعود بمناصب قيادية عند النجاح والترقيات والتعيينات وغيرها من وسائل القفز على القانون التي اعتادوا عليها، وكأن إدارة الأجهزة الحكومية أصبحت بيدهم دون غيرهم، وهذه الوعود ليست حبرا على ورق بل تخضع لميثاق بين الطرفين، وبحضور بعض الشهود الذين يكون لهم ثقل كبير على المرشح الذي يخضع لهم، ولن يفلت منهم عند النجاح، وبالتالي فإن الموظف الذي يعمل ليل نهار هو ضحية هذا الاستهتار والتلاعب والتكسب الانتخابي.
فلماذا أصبح من السهل تمرير المخالفات والتجاوزات على القانون دون أن يكون سدا منيعا بوجه المتجاوزين؟ الجواب لأن معايير تطبيقه أصبحت تخضع للمزاجية والمجاملة على حساب مصلحة البلد، ولأننا اليوم نعاني مشكلة أكبر وهي الحس الوطني الذي طالما افتقده البعض، فمن السهل أن يكونوا بلا ضمير وذمة ومبدأ أو حتى أخلاق المهنة لأنهم وصلوا أيضا إلى مناصبهم بالبراشوت الذي لا يملكه سوى بعض الذين يحملون مفاتيح تحقيق الأحلام ووسادة الإخفاقات والانتهاكات.إن حالة الإحباط التي يشعر بها العديد من المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة بسبب الظلم الواقع عليهم وجمود مسمياتهم الوظيفية ساهمت في الإخفاقات وعطلت عملية التطوير، وحولت البعض إلى أجساد تجلس خلف المكاتب تحمل في كيانها ألما وحسرة، وأصحابها يراقبون كيف أصبح بعض الفاشلين قياديين ومسؤولين.وهنا لن نستغرب استمرار مسلسل التجاوزات والمخالفات وغيرها طالما العلة موجودة في موظفين مناصبهم تفوقهم، وهم ليسوا أهلا لها أو لمسؤوليتها أو حتى إدارة مكتب صغير، فما بالك من أصبح يدير قطاعا كبيرا في ليلة وضحاها؟إن الحكومة الجديدة التي ستشكل بعد الانتخابات النيابية يجب أن تحمل معها حقبة إصلاحية وقوانين نافذة ومحاسبة حقيقية لمن أصبحوا يملكون القرار فجأة أو لمن يراقبون آلية تنفيذ القرارات، لأنهم المسؤولون الحقيقيون عن أي تجاوزات أو مخالفات طالما لم يتصدوا لها، ويجب وقف البراشوتات والتصدي لمن يمنح صكوكها دون أي محاباة حتى يستشعر الموظف بأن هناك إصلاحاً حقيقياً وحكومة تحميه من ظلم المتنفذين، وتعيد له حقوقه المسلوبة، وتقطع الطريق أمام المستهترين الذين اعتادوا على التجاوز وعدم احترام حقوق الآخرين.
مقالات - اضافات
شوشرة: البراشوت
06-11-2020