واصلت ست ولايات أميركية، أمس، فرز الأصوات بعد اقتراع صاخب في 3 نوفمبر الجاري أنهى حملة انتخابية استثنائية.

ومع اقترابه من فوز محتمل في الانتخابات الرئاسية، أطلق المرشح الديمقراطي جو بايدن موقعاً إلكترونياً تمهيداً لبدء المرحلة الانتقال إلى البيت الأبيض في يناير المقبل.

Ad

وبعد اقتراع شهد نسبة مشاركة قياسية، عاد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، الذي التزم الصمت على منصته المفضلة فترة غير معتادة تجاوزت 14 ساعة، وطالب مجدداً، في تغريدة على "تويتر"، بوقف عملية عدّ الأصوات، مشيراً إلى عمليات تلاعب وتزوير، رصدتها حملته خصوصاً في ولاية نيفادا وقررت رفع المزيد من الدعاوى القضائية الجديدة.

وهيأ طول عمليات فرز الأصوات والدعاوى القضائية المحتملة الساحة لحالة من عدم اليقين قد تستمر أياماً وربما أسابيع قبل انعقاد المجمع الانتخابي يوم 14 ديسمبر المقبل وأداء الرئيس الجديد اليمين الدستورية في 20 يناير المقبل.

وبالفعل تقدم ترامب بدعاوى قضائية في بنسلفانيا وميشيغان وجورجيا وويسكونسن وأخيراً في نيفادا.

تضييق الفارق

ويضيق الفارق في السباق الانتخابي في خمس ولايات، إذ يتقدم بايدن قليلاً في نيفادا وأريزونا في حين يراقب ترامب تقلص تقدمه السابق في بنسلفانيا وجورجيا الحاسمتين مع فرز الأصوات المرسلة بالبريد أو غيره من أشكال التصويت الغيابي. واحتفظ ترامب بتقدم بسيط في كارولاينا الشمالية، وهي ولاية حاسمة أخرى.

ويتعين على ترامب أن يفوز في الولايات التي لا يزال متقدماً فيها بالإضافة إلى أريزونا أو نيفادا للفوز على منافسه وتجنب أن يصبح أول رئيس أميركي يخسر فترته الثانية منذ جورج بوش الأب في 1992.

ويقول مركز إديسون للأبحاث، إن بايدن متقدم على ترامب في أصوات المجمع الانتخابي بحصوله على 264 صوتاً مقابل 213 من الأصوات لترامب. وذكرت شبكات أخرى أن ترامب فاز بولاية ويسكونسن مما يعطيه عشرة أصوات أخرى. والفائز يجب أن يحصل على 270 صوتاً.

ومع حسمه ولاية ميشيغان، يحتاج بايدن للتمسك بتفوقه الضئيل 49.3 في المئة مقابل 48.7 في المئة في نيفادا، الملقبة بـ"الولاية الفضية"، ويكفيه الفوز بأصواتها الستة في المجمع الانتخابي، للحصول على 270 صوتاً ليكون الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة. أما هزيمته، فستعني أنه يجب عليه قلب نتائج جورجيا أو كارولاينا الشمالية اللتين يتفوق فيهما ترامب، وهو أمر مستبعد.

ولاية حاسمة

ولم يتوقع بايدن أو ترامب أن تكون نيفادا، التي تمتلك 6 أصوات انتخابية فقط ولا يعيرها المرشحون عادة اهتماماً كبيراً، أن تكون الولاية الحاسمة في انتخابات 2020.

ومن ناحية أخرى ترى حملة ترامب إن ولاية نيفادا (المحسوبة أصلاً على المعسكر الديمقراطي) وبحساباتها الخاصة قد صوتت بفارق ضئيل لكن لترامب ومنحته الأصوات الستة وبالتالي سيكون محتاجاً حتماً للفوز ببنسلفانيا وقلب الطاولة تماماً على بايدن.

وأفاد مركز إديسون بأن ترامب حصل على 50.5 في المئة مقابل 48.2 في المئة لبايدن بعد فرز 89 في المئة من أصوات ولاية بنسلفانيا الحاسمة.

ويسعى ترامب "74 عاماً" منذ فترة للتشكيك في مصداقية عملية التصويت إذا ما خسر. ومنذ يوم الثلاثاء الماضي، أعلن فوزه رغم أن هذا لم يحدث بعد، واتهم الديمقراطيين بمحاولة سرقة الانتخابات دون أن يورد دليلاً، وتعهد بمقاضاة بعض الولايات.

ويقول خبراء في مسألة الانتخابات، إن التزوير أمر نادر. وجاهدت حملة ترامب للإبقاء على فرصه في الفوز، فطالبت بإعادة فرز الأصوات في ويسكونسن ورفعت دعاوى قضائية في ميشيغان وبنسلفانيا لوقف إحصاء الأصوات.

ووصفت جوسلين بنسون وزيرة خارجية ولاية ميشيغان الدعوى القضائية التي أقامتها حملة ترامب على الولاية بأنها "تافهة".

ورفعت حملة ترامب كذلك دعوى في جورجيا للمطالبة بأن تفصل مقاطعة تشاثام التي تضم مدينة سافانا الأصوات التي وصلت متأخرة لضمان عدم احتسابها.

وطلبت الحملة كذلك من المحكمة العليا السماح لترامب بالانضمام إلى دعوى رفعها جمهوريون في بنسلفانيا بشأن ما إذا كان يحق للولاية قبول الأصوات التي تأخر وصولها.

وفي مجملها تبدو مناورات ترامب مسعى منه للطعن في نتائج انتخابات لم تُحسم بعد يومين من توجه عشرات الملايين من الأميركيين إلى مراكز الاقتراع خلال جائحة قلبت الحياة اليومية رأساً على عقب.

وكتب ترامب، على "تويتر": "يجدون أصوات بايدن في كل مكان. في بنسلفانيا وويسكونسن وميشيغان. أمر بالغ السوء لبلدنا". أما بايدن فقال: "ينبغي احتساب كل صوت. لن ينتزع أحد ديمقراطيتنا منا، لا الآن ولا في أي وقت".

تأثير الجائحة

وإذا فاز بايدن فسيواجه معركة عنيفة للحكم وسط سيطرة الجمهوريين التي بدت شبه مؤكدة الآن على مجلس الشيوخ، مما يرجح تعطل الكثير من مشاريع القوانين الواردة على جدول الأعمال التشريعي الذي يشمل توسيع الرعاية الصحية ومكافحة تغير المناخ.

ويجيء هذا الشد والخلاف عقب حملة انتخابية طغت عليها التراشقات العنيفة وسط جائحة أودت بحياة أكثر من 233 ألفاً بالولايات المتحدة وأفقدت الملايين أعمالهم. كما مرت بشهور مضطربة شهدت فيها احتجاجات على العنصرية ووحشية الشرطة.

وسجلت الولايات المتحدة رقماً قياسياً لحالات الإصابة اليومية الجديدة بفيروس كورونا المستجد مع رصد ما لا يقل عن 102591 إصابة جديدة أمس الأول، كما أبلغت المستشفيات في عدة ولايات عن ارتفاع في عدد المرضى.

وفي التصويت الشعبي على مستوى الولايات، حقق بايدن تقدماً مريحاً أمس الأول 3.6 ملايين صوت. وفاز ترامب في انتخابات عام 2016 على الديمقراطية هيلاري كلينتون بعد فوزه بولايات حاسمة على الرغم من أنها حصلت على نحو ثلاثة ملايين صوت إضافي.

غضب وتوتر

وعبّر أنصار كلا المرشحين عن غضبهم وإحباطهم وخوفهم وسط عدم وضوح موعد حسم نتيجة الانتخابات. وخرج آلاف من أنصار بايدن في نيويورك للمطالبة بـ"احتساب كلّ الأصوات"، وتظاهر أنصار خصمه ترامب في ميشيغان للمطالبة بوقف احتساب الأصوات.

ومع تصاعد التوتر تجمع نحو 200 من أنصار ترامب، بعضهم مسلح ببنادق ومسدسات، أمام مركز اقتراع في فينيكس بولاية أريزونا بعد تردد شائعات لا تستند لدليل عن عدم إحصاء أصوات للرئيس الجمهوري.

ووسط خلافات إعلامية كبيرة على كيفية حساب النتائج في أريزونا، ردد أنصار ترامب خارج إدارة انتخابات مقاطعة ماريكوبا في فينكس هتافات تقول: "أوقفوا السرقة!" و"احسبوا صوتي!".

ومازالت وسائل الإعلام مختلفة بشأن حساب أريزونا، وأعلن بعضها فوز بايدن، لكن حملة ترامب أكدت أن الأمر لم يحسم بعد وأصدرت إعلان في مؤتمر صحافي في لاس فيغاس شارك فيه المسؤول السابق في المخابرات ريتشارد غرينيل والمدعي الاتحادي السابق في نيفادا آدم لاكسالت ورئيس اتحاد المحافظين مات شلاب.

والفوز بأريزونا يعطي 11 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي وهو مما يمثل دعماً كبيراً لدخول البيت الأبيض ويقلل بشدة فرص المهزوم.

وفي ديترويت، منع مسؤولون نحو 30 شخصاً أغلبهم جمهوريون من دخول مقر يجري فيه إحصاء الأصوات وسط مزاعم بأن الفرز في ميشيغان يشهد تزويراً.

وطالب محتجون مناهضون لترامب في مدن أخرى باستمرار فرز الأصوات. واعتقلت الشرطة 11 شخصاً وصادرت أسلحة في بورتلاند بولاية أوريغون بعد أنباء عن أعمال شغب، كما حدثت اعتقالات في نيويورك ودنفر ومينيابوليس.

وفي نيويورك، معقل الديمقراطيّين، جرت التظاهرة في جوّ من الهدوء، وشارك فيها أشخاص من مختلف الأعمار ساروا في الجادّة الخامسة من دون أن يُخاطر أيّ منهم بإعلان فوزه بالرئاسة.

وقالت سارة بوياجيان "29 عاماً" وهي إحدى منظّمات هذا التجمّع، الذي جرى تحت مراقبة مشدّدة من الشرطة، إنّ "ترامب أعلن فوزه قبل أن يتمّ احتساب كلّ الأصوات، ورسالتنا هي أنّ هذا غير مقبول. لكنّي لستُ خائفة، سنوقِف ذلك".

وقال جون فريزر، الذي يعمل مطوّر برمجيّات، "لستُ واثقاً من أنّ بايدن قد فاز. يجب انتظار أن يتمّ احتساب كلّ الأصوات. أخشى من أنّ الديمقراطيّة معلّقة بخيط رفيع".