تنشغل المراجع السياسية والحزبية في لبنان، برصد الترددات التي تركتها العقوبات الأميركية التي طالت رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على كل المستويات الداخلية لاسيما على عملية تأليف الحكومة وسط الخلافات القائمة بين الأطراف كافة.

لكن ما فأجأ اللبنانيين أمس كان طلب رئيس الجمهورية ميشال عون من وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه «إجراء الاتصالات اللازمة مع السفارة الأميركية في بيروت، والسفارة اللبنانية في واشنطن، للحصول على الأدلة والمستندات التي دفعت بوزارة الخزانة الأميركية إلى توجيه اتهامات وفرض عقوبات بحق باسيل»، مطالباً بـ»تسليم الإثباتات إلى القضاء اللبناني كي يتّخذ الإجراءات القانونية اللازمة بذلك».

Ad

واللافت أنّ الرئيس عون لم يصدر بياناً، حين إدارج اسمي الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس على لوائح العقوبات الأميركية، مما دفع البعض إلى التساؤل هل الخلفية قانونية دستورية أم عائلية؟

انعكاس على الحكومة

ولم يكن ينقص مسار «التأليف» إلا ضربة بهذا الحجم ليقبع في دائرة الشلل غير المبرر فيما البلاد أحوج ما تكون إلى حكومة جديدة تضع قطار الاصلاحات على السكة في أسرع وقت.

ودعت مصادر سياسية متابعة، أمس، إلى «مقاربة موجة العقوبات المرتقبة على باسيل من زاوية توقيتها. اذ أنها تأتي في وقت لا تزال لعبة «تناتش» الحصص الوزارية في أوجها، كل لاعتباراته الخاصة». وقالت إن «العقوبات الأميركية التي فرضت على رئيس (الحر) ستصعب المهمة على الرئيس المكلف سعد الحريري، على اعتبار أن هذا التصعيد النوعي قد يقابله مزيد من التشدد في المواقف والمطالب في الحكومة العتيدة»، لافتة إلى أن «الرئيس عون وباسيل سيظهرا تصلباً كبيراً تماماً مثلما تصرّفت حركة أمل وحزب الله بعد فرض العقوبات على كل من علي حسن خليل ويوسف فنيانوس لجهة تمسكهما بوزارة المالية».

«حزب الله» أُعفي

ويعتير باسيل احد ابرز المرشحين الى رئاسة الجمهورية. وقالت مصادر سياسية متابعة، أمس، إن «واشنطن أعفت حزب الله من شبهات حول التزامه المساعدة في تأمين وصول باسيل إلى رئاسة الجمهورية في مرحلة لاحقة. فمن يُدرَج في لوائح العقوبات، لن يستطيع أن يكون رئيساً، بالتالي، سهلت على الحزب مهمة إيصال منافسه الطبيعي الى الرئاسة، رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، في حال توافر دعم إضافي له من قوى سياسية محلية، وفي حال كانت الظروف ناضجة لمصلحته، لأنه من المقربين من الحزب.

البيت العوني

وصدرت، أمس، جملة من المواقف من داخل البيت «العوني»، للدفاع والتضامن مع باسيل. وأكد عضو كتلة «لبنان القوي» النائب آلان عون، أمس، أنّ «ملف العقوبات ليس الاستحقاق الأول الصعب الذي يمرّ به التيار، ولن يكون الأخير. الأهمّ هو قدرتنا على الاستمرار وإيجاد الأجوبة لإشكالية وطنية وسياسية حول كيفية حماية وحدتنا الداخلية من تداعيات الصراعات الدولية والإقليمية».

وقال عضو كتلة «لبنان القوي» النائب سيزار أبي خليل، أمس، إنه «عندما يُعرَف ماذا طُلب من باسيل وبماذا أُغري باسيل وكيف كان رفضه، تهزل الادعاءات والحيثيات التي أعلنت من دون اثبات واحد، وترتد على اصحابها إذا بقي منهم أحد ليشهد».

تضامن مع الذات

وتضامن «التيار الوطني الحرّ» مع نفسه، في بيان صادر عن هيئته السياسية أعلنت فيه رفضها التام للعقوبات الأميركية على باسيل لأنه «افتراء واضح واستخدام لقانون أميركي للانتقام من قائد سياسي بسبب رفضه الانصياع لما يخالف مبادئه وقناعاته وخياراته الوطنية». وأسفت الهيئة لاستخدام الإدارة الأميركية «هيبة بلادها ونفوذها وقوتها لكسر إرادة لبنانية حرّة بما يتناقض مع قيم الحرية والديمقراطية»، داعيةً إياها إلى العودة عن قرارها «الظالم».

وشدّدت الهيئة على تسمّك التيار «بمبادئه، وسيبقى حراً في قراراته، سيّداً على أرضه، لا يأخذ التعليمات من أحد لا داخلياً ولا خارجياً، يختار الوحدة الوطنية على إرضاء الخارج ويقف إلى جانب أي لبناني في مواجهة أي اعتداء عليه».

ومساء أمس، توجّه باسيل بالشكر الى كل من يتضامن معه بعد العقوبات الأميركية.

وطلب عبر تسجيل صوتي من مناصري "التيار الوطني" الانتباه الى أي طابور خامس ممكن أن يقوم بالتخريب وإلى أي محاولة للتوجه الى السفارة الأميركية.

وقال باسيل: "معتادون على الظلم، وسننتصر ونخرج أقوى". وأكد أنه سيتوجه بكلمة الى مناصريه اليوم. وكان مناصرون لـ "التيار" قد توجهوا الى منزل باسيل في مسيرات سيّارة للتعبير عن التضامن معه.

«حزب الله» يشجب

وتعليقاً على العقوبات الأميركية أكد «حزب الله»، مساء أمس الأول، شجبه لـ»القرار الذي اتّخذته وزارة الخزانة الأميركية في حق رئيس التيار الوطني الحر معالي الوزير جبران باسيل»، واعتبره «قراراً سياسياً صرفاً، وتدخلاً سافراً وفظاً في الشؤون الداخلية للبنان». وأكد الحزب على أنّ «الولايات المتحدة الأميركية راعية الإرهاب والتطرف في العالم، وهي الدولة التي ترعى الفساد والفاسدين والدول الديكتاتورية في العالم، وتؤمّن لها الحماية والدعم بكل الوسائل، بالتالي هي آخر من يحق له الحديث عن مكافحة الفساد».