«عامان مخيفان»... كيف سيتعامل بايدن مع مجلس شيوخ جمهوري؟
رغم أن نتائج انتخابات 3 نوفمبر لم تصدر بعد، أدى احتمال فوز مجلس شيوخ جمهوري ورئيس ديمقراطي هو جو بايدن إلى ترك الديمقراطيين منقسمين حول ما إذا كان عليهم الاستمرار في القتال من أجل الأولويات التقدمية، التي يحتمل أن يكون مصيرها الفشل أو التسوية مع الحزب الجمهوري.وبدأ المسؤولون الديمقراطيون بالفعل التفكير في احتمال أن تستمر سيطرة زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل عدة سنوات أخرى على مشاريع القوانين والمرشحين لمناصب حكومية. في هذه المرحلة، فإن أفضل أمل لهم في التمكن من وضع جدول أعمال هو إما الفوز في انتخابات الإعادة في جورجيا في يناير المقبل، أو الانتظار لانتخابات التجديد النصفي في عام 2022، عندما يستعد العشرات من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لإعادة انتخابهم.
ويقول لاري كوهين، المقرب من السناتور الاشتراكي بيرني ساندرز، والذي يرأس مجموعة مناصرة تقدمية: "إنها فترة مخيفة لعامين مقبلين. يمكننا أن نحتفل ليوم أو يومين بفوزنا على أسوأ رئيس على الإطلاق، لكنني أشعر بالقلق من أن التغيير الحقيقي سيحبط". إن نتيجة الانتخابات التي لاتزال غير مؤكدة تجبر على إعادة تقييم شاملة للسياسات وطاقم الادارة الذين يجب عليهم كسب الدعم الجمهوري الضروري. يشعر الديمقراطيون بالقلق من أنهم لن يكونوا قادرين على تحقيق أهداف واسعة مثل الإصلاح الشامل للهجرة، وحقوق التصويت، والعمل بشأن تغير المناخ - وحتى الأهداف الأكثر إلحاحًا، مثل تمرير حزمة إغاثة من آثار فيروس كورونا بعدة تريليونات من الدولارات، ستتطلب حلاً وسطياً حول ما يريده الحزب. وقال أحد المستشارين إن الاداء القوي والمتفوق للجمهوريين في الانتخابات ليس فقط في مجلس الشيوخ، بل كذلك في مجلس النواب، والرئاسة أجبرت فريق بايدن على التفكير في أي نوع من السياسات قد يحظى بدعم الجمهور.نتائج الانتخابات تقسم الحزب الديمقراطي إلى معسكرين مختلفين: أحدهما يرى النتيجة أنها تفويض لإيجاد طريقة للعمل مع ماكونيل والجمهوريين على أجندة أكثر اعتدالًا، والآخر يشير إلى فوز بايدن التاريخي في التصويت كتوجيه للعمل بجد لدفع الأفكار التقدمية حتى في ظل معارضة الحزب الجمهوري. آخرون، بمن فيهم زعيمة التجمع التقدمي في الكونغرس النائبة براميلا جايابال، يقولون إن استراتيجية الديمقراطيين تعتمد على النتيجة النهائية في الولايات التي لم يتم عدها بعد.ويلفت التقدميون إلى جهود ماكونيل خلال عهد ادارة باراك أوباما لعرقلة أجندة الديمقراطيين، بما في ذلك سعيه لمنع تأكيد ترشيح ميريك غارلاند، القاضي المعتدل، الى المحكمة العليا كدليل على أن أي محاولة للعمل مع الحزب الجمهوري ستكون بلا جدوى.في المقابل، يجادل الأعضاء الأكثر اعتدالًا في الحزب بأن التسوية هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها إنجاز أي شيء. وتقول النائبة ستيفاني ميرفي (ديمقراطية من فلوريدا): "إذا كان الديمقراطيون يهتمون حقًا بإرثهم وبما يمكنهم فعله للشعب الأميركي، فعليهم إرسال تشريعات إلى مكتب جو بايدن يكون بإمكانه التوقيع عليها والطريقة الوحيدة للوصول إلى ذلك تمر عبر مجلس الشيوخ. هذا يعني أنه يجب أن تكون لدينا أفكار من الحزبين".تدفع مجموعة "كاي ستريت" أيضًا من أجل اتجاه وسطي، وقالت في مذكرة إنه على التقدميين أن "يخففوا من توقعاتهم".وكتبت ان رؤية اليسار حول الإصلاح الضريبي التصاعدي، والعدالة الاجتماعية بما في ذلك قضايا الشرطة والأمن، وتوسيع مقاعد المحكمة العليا، وإصلاح التشريع بمجلس الشيوخ ووضع ضوابط قوية لـ"وول ستريت" قد تضطر إلى الانتظار.لكن جايابال تحذر من أنه إذا تنازل الديمقراطيون كثيرًا، فسيتم معاقبتهم في صندوق الاقتراع في انتخابات التجديد النصفي.وقالت: "إن الشباب الذين خرجوا للتو بأعداد قياسية يحتاجون إلى رؤية النتائج. إنهم بحاجة إلى رؤية بايدن يناصر أشياء مثل إلغاء ديون الجامعات واتخاذ إجراءات صارمة بشأن المناخ. إذا رأى الناس أن الأمر يسير كالمعتاد ولا توجد حركة حقيقية بشأن الدخل أو الرعاية الصحية، فأنا قلقة من أننا سنفقدهم ربما لجيل كامل".السؤال المطروح هو أين موقف بايدن، الذي لطالما روّج لقدرته على العمل مع الجمهوريين وماكونيل على وجه الخصوص؟، في هذا النقاش. ستحدد الإجابة عن هذا السوال مسار أجندته السياسية، والتي قال إنها ستبدأ باستراتيجية وطنية جديدة لفيروس "كورونا"، وحزمة تحفيز اقتصادي ضخمة.في حين لم يحدد بايدن ولا مستشاروه حجم مشروع قانون الإغاثة الذي يريدون رؤيته، كان الافتراض العملي بين العديد من المسؤولين الديمقراطيين أن أي خطة إغاثة ستتم على غرار حزمتي التحفيز التي أقرها الديمقراطيون في مجلس النواب في وقت سابق من هذا العام، والتي رفضها مجلس الشيوخ بقيمة 3.4 تريليونات دولار التي مررت في مايو، ونسخة أكثر انسيابية بقيمة 2.2 تريليون دولار تم تمريرها في بداية أكتوبر.في المقابل، كان العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مترددين في دعم أي حزمة تتجاوز تريليون دولار. كما اقترح ماكونيل هذا الأسبوع أن الكونغرس يجب أن يمرر حزمة أخرى للإغاثة من "كورونا" قبل نهاية العام، وهي خطوة، في حالة حدوثها، قد تترك مجالًا أقل لبايدن للمتابعة بحزمة إنفاق كبيرة في بداية فترة ولايته.حتى قبل الانتخابات، بدأ مساعدو بايدن بالفعل حملة استباقية ضد سياسات التقشف، وتوقعوا أن يجادل الجمهوريون العام المقبل بأن الحكومة لا ينبغي أن تمرر أي حزمة إنفاق كبيرة جديدة، لأنها ستزيد بشكل خطير من حجم الدين الفدرالي.عرض غاريد بيرنشتاين، الخبير الاقتصادي التقدمي ومستشار بايدن غير الرسمي، قضيته في صحيفة واشنطن بوست أواخر الشهر الماضي حول لماذا الآن ليس الوقت المناسب للقلق بشأن عجز الميزانية، مشيرًا إلى أن أي حجج مقبلة ضد حزمة إغاثة كبيرة من المشرعين الجمهوريين في هذا المركز بشأن عجز الميزانية هي محاولات مبطنة لإطلاق النار على اقدام رئاسة بايدن "قبل أن تتاح لها فرصة الإقلاع".