في بلد الإنسانية
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
الجريدة الأميركية تعرضت في خبرها، الذي استغرق إعداده أكثر من سنتين ونصف السنة، لوضع السجناء الأميركيين في السجون الكويتية، وشمل التحليل الصحافي عدة قضايا عن هؤلاء السجناء. لم يكن مقالها مجرد خطوط عريضة ملونة عن قضايا بائتة نمطية مملة لمسؤولين رسميين، محصورة عادة في كلمات سمجة من شاكلة وصل وغادر واستقبل وودع، وغير ذلك من أخبار اجتماعية تافهة لا يراد بها غير "رزة" صاحب الشأن وتلميع شخصه في ثقافة البؤس السطحية، التي تتصدر الإعلام الكويتي والعربي بصورة مجملة. مانشيت النيويورك تايمز السابق كان موجهاً بصورة رئيسية لإدارة ترامب الراحلة، إلا أنه لم يخل من عبارات وفقرات طويلة تذكر المسؤولين هنا بدور الأميركان في تحرير الدولة عام 91، وتنبههم إلى أن الإجراءات الكويتية تنقض المعايير الدولية لحقوق الإنسان.أيضاً، قبل فترة بسيطة، غرّد المحامي دوخي الحصبان بصورة لشخص تغيرت معالم وجهه، بعد أن شبع ضرباً من قوات أمنية! ماذا يعتقد هؤلاء بأنفسهم، كممثلين للسلطة، وبأي حق يفتلون عضلاتهم الأمنية على البشر؟! لا يهم، كما ذكرت في بداية المقال، إن كان المتهم أو السجين ينتمي لجنسية معينة تهتم به دولته أو لا تكترث له، مثل العديد من الدول الفقيرة المصدرة للعمالة هنا. ولا يصح أن نكترث لسمعة الكويت بالخارج، رياءً وعلى خلاف الحقيقة، على نحو ما يغتم بها المسؤولون، ليكن همنا إنسانياً ببلد نزعم أنه بلد الإنسانية... لنبحث عن هذه الإنسانية، لا في الأضابير الرسمية فقط، بل في ثقافة هذا الشعب وسلوكه اليومي، فنحن نشهد وضعاً مزرياً من التعالي والغطرسة نحو الغير، التهَبَ كأمراضٍ وعلل وتفشَّى مع وباء كورونا، وإن كانت جرثومة التكبر مستوطنة في جوف الوطن، منذ لحظة ولادة النفط وتزايد الثراء، وكانت تلك صورة داكنة لوباء الريع الأكثر والأخطر من كل الأمراض الاجتماعية، لنقر بأن عالم الرفاه زائل حتماً وقريباً... فماذا سيبقى لنا بعد ذلك؟!