شكل فوز الديمقراطي جو بايدن في انتخابات رئاسة الولايات المتحدة أهمية وقلقا كبيرين لدى أنقرة بشأن العلاقات بين البلدين، نظرا لمواقفه وتصريحاته العدائية تجاه تركيا، لاسيما أنه انتقد مرارا وتكرارا علاقات الحكومة الأميركية مع نظيرتها التركية.

وكان للرئيس الأميركي الجديد موقف حاد من نظيره التركي رجب طيب إردوغان، تناولته وسائل الإعلام التركية مؤخرا، يتحدث فيه عن ضرورة دعم بلاده المعارضة التركية للإطاحة بإردوغان الذي وصفه بـ"المستبد".

Ad

ولا تقف تصريحات بايدن بخصوص تركيا عند هذا الحد، فقد كان ضد قرار إعادة آيا صوفيا مسجدا، واتهم أنقرة بإثارة التوتر في شرق المتوسط وتأجيج النزاع في القوقاز، وأعلن نيته أن يجعلها تدفع ثمن شرائها منظومة S400 من روسيا.

وطالب بمزيد من الضغط على تركيا لتخفيف التوتر مع اليونان، ودعا كذلك إلى استبعاد أنقرة من أي جهود دبلوماسية في الحرب الدائرة بين أرمينيا وأذربيجان، ودافع عن إنشاء كيان كردي في العراق، كما عارض انسحاب القوات الأميركية من شمال سورية، وإلى جانب ذلك فهو يدعم مشروع القانون الأرميني ضد تركيا باستمرار.

وتقول صحيفة حرييت التركية إن بايدن مع خبرته الواسعة في السياسة الخارجية لن يتمكن من تجاهل نفوذ تركيا وقوتها في المنطقة، لكنها أشارت إلى أن العلاقة بين واشنطن وأنقرة ستكون جدلية في حقبة بايدن، لاسيما في قضايا عدة من الصعب التنبؤ بشأنها حاليا، منها حرية التعبير في تركيا التي ستدخل أجندة الولايات المتحدة، مؤكدة أن أزمة S400 ستكون على جدول الأعمال المستقبلي كحجر عثرة في العلاقات بين البلدين.

من جهتها، أوضحت صحيفة "خبر ترك" أن المشكلة الكبرى في بايدن هي نظرته لتركيا بأنها بلد يقوض المصالح الأميركية في المنطقة، مبينة أنه كان واحدا من أولئك الذين دافعوا عن فرض عقوبات على أنقرة، بسبب شرائها منظومة الدفاع الروسية، لكن دعم ترامب القوي لإردوغان أعاق هذه الجهود.

ونقلت الصحيفة التركية، عن مقربين لبايدن، أن مسألة العقوبات ضد تركيا هي الأولوية السابعة للمرشح الديمقراطي في سياسته الخارجية، وهو مصمم على تنفيذها بحلول مارس المقبل. في السياق، يذكر أستاذ العلاقات الدولية في أنقرة علي باكير، لـ"الجزيرة نت"، "أجندة بايدن وأولوياته تتناقضان بشكل تام مع أنقرة، خاصة إذا كان سيتبع نفس المسار السياسي الذي سلكه أوباما"، مبينا أن سياسة أميركية أكثر عدوانية تجاه تركيا قد تفرض على الأخيرة التصعيد أو ربما تساهم في تقريب تركيا من روسيا بشكل أكبر وأسرع، وهو أمر لن يصب، حال حصوله، في مصلحة الولايات المتحدة التي أصبحت تفتقد الحلفاء الموثوقين في المنطقة.

من جهته، يقول الكاتب الصحافي التركي، المقرب من الحكومة إبراهيم قراغول، رئيس تحرير صحيفة "يني شفق"، إن عهد تأثر تركيا بشكل مباشر بالانتخابات الأميركية قد ولى، مضيفا أن "تركيا تعيش الآن عهد صعود يصيب الغرب بالصدمة، فأصبحت إحدى القوى المركزية الجديدة، لكن بايدن لم يدرك ذلك إلى هذه اللحظة".

وكان لافتا مبادرة زعيم حزب الشعب الجمهوري اليساري القومي المعارض كمال قليشدار أوغلو، بتقديم التهنئة للمرشح الديمقراطي، قائلا إنه يتطلع إلى "تعزيز العلاقات التركية- الأميركية الاستراتيجية".

واكتفى نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي، أمس، بالتأكيد أن تركيا ستواصل العمل مع الإدارة الأميركية الجديدة، مضيفاً أن الصداقة بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وترامب ساعدت البلدين في التعامل مع العديد من القضايا، لكن قنوات التواصل بين أنقرة وواشنطن ستظل تعمل كما كانت.