رياح وأوتاد: أرباح «التأمينات» في مقابل الفساد والإحباط والعجز
* وسط الإحباطات المتتالية التي عانتها البلاد أعادت أرباح «التأمينات» التفاؤل، وأثبتت أن الإصلاح ممكن إذا وضعت الخبرات والأيادي النظيفة على سدة المؤسسات العامة، فرغم تعرض مؤسسة التأمينات في السابق إلى انتهاكات واستثمارات سيئة وتدخلات عديدة واستنزاف لأموالها بقوانين شعبوية ومعاشات اعتبارية واستثنائية فإنها بدأت تحقق أرباحاً ممتازة، نسأل الله أن يوفق القائمين عليها للاستمرار في هذا الإنجاز حتى يتم القضاء على ما تبقى من العجز الاكتواري.وأعتقد أن البلد بحاجة إلى أن نذكر هذا الإنجاز ونشيد به في مواجهة الجو المليء بأخبار الفساد والخسائر المالية التي خيمت على البلد منذ فترة حتى نعيد الثقة في مؤسسات البلاد التي تعمل بشكل صحيح.ولأني مؤمن بهذا فقد كنت دائما ومنذ سنوات أشرح تلك الإنجازات التي تحققت في الفترة التي عشتها في المجلس والحكومة، فأذكر في كثير من لقاءاتي ومقالاتي جهود النائب العام السابق حامد العثمان، ورئيس شركة ناقلات النفط السابق عبدالله حمد الرومي، رحمهما الله، والفرق العاملة معهما في قضية الناقلات، وأذكر جهود محامي الفتوى والتشريع مثل بدر الدويلة وفؤاد الماجد وأسامة المقهوي في قضايا إسبانيا والبهاما، وأيضاً جهود أعضاء مجلس إدارة هيئة الاستثمار وبعض الوزراء السابقين في قضايا مكتب لندن للاستثمار، وغيرهم من الجنود الذين قاموا بملاحقة الأموال العامة المسروقة أثناء فترة حل مجلس الأمة واحتلال الأراضي البغيض.
وقد حققت هذه الجهود نتائج باهرة وتمت استعادة مئات الملايين من الأموال من الداخل والخارج بفضل الله وتوفيقه لهذه الجهود، وكنت قد اطلعت على أعمال هؤلاء الجنود عندما كُلفت من قبل الحكومة بإعداد التقارير الدورية التي تقدم لمجلس الأمة عن جميع قضايا الأموال العامة، واستقر في وجداني أن الجهود الطيبة والنجاحات يجب أن تُعلن حتى يعلم الناس وخصوصا النشء أن البلد فيه الكثير من الخيرين، وكنت أستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال هلك الناس فهو أهلكهم"، وللأسف كان هناك من يستاء من ذكر النجاحات والإنجازات خصوصا في قضايا الأموال العامة مستمراً في طريق التحريض لكسب الشعبوية.إن الإشادة ودعم من قام بالإنجاز واجب لا يقل عن واجب ملاحقة الفساد والمفسدين وبشكل متواز يجمع بين الأمرين، وبذلك تتقدم الشعوب دون أن تُبخس جهود العاملين المخلصين ودون الاقتصار على نشر الإحباط المعوق للجهود المخلصة.المهم أن تتصدى مؤسسة التأمينات اليوم لأي محاولة من أي من المرشحين للمجلس وأي مزايدة انتخابية لاستنزاف أموالها بالهدر وبالعطايا من أموال المؤسسة وعدم استثمارها، أو من الحكومة بالمعاشات الاعتبارية أو الاستثنائية لأن جهودها الاستثمارية الناجحة هذه ستضيع إذا استمر الخرق في الصناديق التأمينية، وسيكون المتضرر الأكبر هم المتقاعدون الآن ومتقاعدو المستقبل.* تم نشر الحساب الختامي للعام الماضي (2019-2020) وتبين أن العجز الحقيقي في الميزانية بلغ نحو أربعة مليارات دينار، وينتظر أن يبلغ العجز للعام الحالي أكثر من ثمانية مليارات، وهكذا فقد تحققت توقعات جميع الاقتصاديين الثقات، وبناء على هذه الأرقام يجب أن تكون معالجة الاختلالات الهيكلية في الميزانية هي الهدف الأول للمرشحين الواعين، ولكن قليلاً ما هم والله المستعان.