هبطت أسعار النفط، أمس، إذ طاردت المخاوف بشأن الطلب على الوقود في الأمد القريب في أوروبا والولايات المتحدة المتضررتين من فيروس كورونا السوق بعد ارتفاع أثناء الليل تقوده أنباء مشجعة بشأن لقاح لـ«كوفيد 19».

ونزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 55 سنتاً أو ما يعادل نحو 1.4 في المئة إلى 39.74 دولاراً للبرميل، بينما تراجعت العقود الآجلة لبرنت 44 سنتاً أو ما يعادل واحداً في المئة إلى 41.96 دولاراً للبرميل.

Ad

وقفزت عقود الخامين القياسيين ثمانية في المئة أمس الأول، في أكبر مكسب يومي لهما منذ ما يزيد على خمسة أشهر، بعد أن أعلنت فايزر وبيونتك لصناعة الأدوية أن لقاحهما التجريبي لعلاج مرض «كوفيد 19» فعّال بأكثر من 90 في المئة استناداً إلى نتائج تجارب أولية. لكن توزيع اللقاح بأعداد ضخمة من المرجح أن يستغرق شهوراً ويخضع لموافقة الجهات التنظيمية.

وانخفض سعر برميل النفط الكويتي 16 سنتاً ليبلغ 40 دولاراً في تداولات، أمس الأول، مقابل 40.16 دولاراً في تداولات يوم الجمعة الماضي وفقاً للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية.

وقالت ريستاد إنرجي، إن إجراءات العزل العام في أوروبا قد تؤدي إلى خسارة مليون برميل يومياً إضافية من الطلب على النفط بحلول نهاية العام الحالي.

ومن المقرر أن يصدر معهد البترول الأميركي بيانات مخزونات الخام، وأن تصدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية البيانات اليوم.

ويقدر خمسة محللين استطلعت رويترز آراءهم في المتوسط أن تنخفض مخزونات الخام الأميركي 1.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في السادس من نوفمبر الجاري.

وخفف من نزول أسعار النفط تعليقات لوزير الطاقة السعودي الذي قال أمس الأول، إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها، فيما يعرف باسم «أوبك+»، قد يعدلون اتفاقهم لخفض الإمدادات إذا تراجع الطلب قبل إتاحة اللقاح.

واتفقت «أوبك+» على خفض الإمدادات 7.7 ملايين برميل يومياً اعتباراً من أغسطس حتى سبتمبر على أن تخفف الخفض إلى 5.7 ملايين برميل يومياً اعتباراً من يناير.

وساهمت عدة عوامل في تراجع الطلب العالمي على الخام خلال الفترة الأخيرة أبرزها الانخفاض الشديد في الحركة الجوية بينما يستبعد استعادة كامل الحركة الجوية في العامين المقبلين.

وعلى اثر انتخاب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن أثيرت في الأوساط النفطية العالمية بما فيها منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» العديد من التساؤلات عن مستقبل السياسة النفطية الأميركية الجديدة التي ستكون لها حتماً تداعيات على السياسات النفطية المتبعة منذ اتفاقية فيينا التاريخية عام 2016 التي أفضت إلى إقامة تحالف «أوبك +».

ويتوقع على نطاق واسع أن تعود الإدارة الأميركية الجديدة إلى دعم الطاقة النظيفة الخضراء، والعودة إلى مؤتمر باريس للمناخ الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وهذه السياسة للإدارة الأميركية الجديدة في نطاق الطاقة النظيفة تحتم على «أوبك +» مراجعة سياستها الإنتاجية بالتنسيق مع سياسة الطاقة الأميركية ضمن أجواء أقل توتراً كما كان سائداً بينها وبين إدارة الرئيس ترامب.

وكان ترامب قد رفع إنتاج النفط الصخري كي يخفض من أسعار النفط بل وصل به الأمر الى تهديد «أوبك +» باتخاذ إجراءات قانونية إذا لم تعمل على الحد من المستويات المرتفعة لأسعار الخام وتتراجع أو تخفف من قرارها بخفض الإنتاج طبقاً للقرار الذي اتخذه في 2016 المنتجون من داخل وخارج (أوبك) أي المؤسسون لـ«أوبك+».

كما طرحت تساؤلات عديدة أيضاً حول مستقبل «أوبك+» في ضوء السياسة النفطية النظيفة التي يؤمن بها بقوة الرئيس الأميركي المنتخب الجديد وجعلها من بين أولوياته في حملته الانتخابية والتي تختلف اختلافاً جوهرياً عن سياسة الطاقة التي اتبعها الرئيس ترامب.

ومن المنتظر أيضاً أن تتخلى الإدارة الأميركية الجديدة عن سياسة العقوبات الأحادية التي انتهجها ترامب ضد دول أعضاء في منظمة «أوبك» كفنزويلا لمعاقبتها على ما أسمته بضرب الديمقراطية وحقوق الإنسان في هذا البلد، كذلك العقوبات المفروضة على إيران منذ انسحاب إدارة الرئيس السابق في 2018 من الاتفاق النووي الموقع في عهد الإدارة الديمقراطية الأميركية في فيينا 2015.

ومن المؤكد أن يخصص المؤتمر الوزاري القادم لـ«أوبك» و«أوبك +» نهاية شهر نوفمبر الجاري في فيينا الجزء الأكبر من أعماله لمناقشة الاستراتيجية القادمة المبنية على منع أسعار الخام من الانهيار ونفس النظرة ستكون محور استراتيجية الطاقة لمجموعة «أوبك+» وخصوصاً لروسيا باعتبارها أكبر منتج في هذا التجمع.

لكن الخبراء سيجدون أنفسهم أمام معضلة حقيقية بسبب الاستراتيجية النفطية القادمة التي ستتميز بالتخلي عن العقوبات على إيران وفنزويلا التي تفرضها إدارة الرئيس ترامب عليهما مما يعني إنتاج المزيد من النفط كما أن ليبيا ستعود هي أيضاً شيئاً فشيئاً إلى زيادة إنتاجها إذا تم الاتفاق على سلام دائم فيها في مؤتمر تونس الجاري حالياً.

بالتالي فعلى المنتجين وبالاتفاق مع الولايات المتحدة وضع استراتيجية جديدة تمنع حدوث تخمة نفطية مع المحافظة على سعر معقول للخام ربما بإعادة النظر في حصص المنتجين وتحقيق التوازن بين العرض والطلب.

وبهذا الصدد حرص وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي على طمأنة السوق النفطي العالمي، بالقول، إن «إنتاج المزيد من الخام لن يؤثر على اتفاق «أوبك +» في إشارة غير مباشرة إلى عودة محتملة للنفط الإيراني والفنزويلي إلى السوق العالمية مع العلم أن لدينا القدرة على تعديل اتفاق «أوبك +» إذا وافقت الدول الأعضاء على ذلك».

ولا بد من الإشارة إلى أن تحقيق هذا التوازن يعتبر ضمن الظروف المستجدة تحدياً صعباً رغم أن عودة الدول الثلاث المذكورة إلى سابق إنتاجها أو قريباً منه سيتطلب وقتاً طويلاً نسبياً.

وتوجد مخاوف لدى المراقبين من أن يتصدع التحالف الناجح حتى الآن في «أوبك +» بخروج روسيا المنتج الكبير إذا تغيرت العلاقة بين مكونات هذا التحالف نتيجة الاستراتيجية النفطية العالمية الجديدة المنتظرة.