زهراء عبدالله: بعض الأعمال المشهورة يصيب القارئ بالخيبة

مؤلفة رواية «على مائدة داعش» تُصدِر «من التراب إلى الماء»

نشر في 11-11-2020
آخر تحديث 11-11-2020 | 00:02
لفتت الكاتبة اللبنانية زهراء عبدالله أنظار القراء والنقاد منذ صدور روايتها الأولى «على مائدة داعش» عام 2017، التي اعتمدت فيها على شهادات حقيقية لعدد كبير من الناجيات من قبضة التنظيم الإرهابي في سورية.
وفي حوار أجرته معها «الجريدة» من القاهرة، بمناسبة خروج روايتها الثانية إلى النور بعنوان «من التراب إلى الماء»، قالت عبدالله إن العمل الجديد يتناول موضوعين رئيسين، هما: زواج القاصرات في المخيمات السورية نتيجة الحرب، والهجرة غير الشرعية نحو أوروبا. وفيما يلي نص الحوار:

● في روايتكِ الأولى "على مائدة داعش" (2017)، كيف استفدتِ من شهادات بعض الناجيات من بطش التنظيم الإرهابي لنسج الشخصيات؟

- يرتكز العمل الروائي بصورة عامة على أبحاث معينة يعتمدها الكاتب، فكيف إذا كانت هذه الأبحاث هي شهادات حيَّة حقيقية. اطلعتُ وقرأتُ ما يفوق المئة شهادة، ثم تمكنت من التواصل مع بعض الناجيات بشكل مباشر، فكانت شهادات مُتعبة مؤلمة، تحُث الوحش الجميل بداخل الإنسان ليخرج ويدافع ويقاتل.

استطعت من خلال كل هذه المعلومات أن أتسلل إلى العالم الخفي المظلم للتنظيم الإرهابي، فرسمتُ معالم المكان والزمان في السرد الروائي، ونسجتُ شخصيات مختلفة كثيرة، في محاولة للإلمام بقصصهن جميعاً، فلكل واحدة حكاية منفصلة تصلح أن تكون رواية.

وفيما يخص شخصية البطلة "يوفا"، فقد اعتمدت في خلقها على خيالي ومعلوماتي عن تركيبة الطائفة الإيزيدية، لأنني تناولت في حبكة قصتها تفاوت الطبقات الدينية في المجتمع الإيزيدي، وهذا ما لم أصادفه في الشهادات.

● بعد نجاح التجربة الأولى، تُرى ماذا تحمل في جعبتها روايتك الجديدة "من التراب إلى الماء"؟

- بعد أكثر من عامين من الكتابة وإعادة الكتابة خرَجَت إلى النور "من التراب إلى الماء"، التي تحكي كيفية تحوُّل الضحية إلى جلاد، عن صراع البقاء والتمسك بالحلم مهما كلف من خطايا.

هي الخلاص من التراب العالق، تراب الحرب والنزوح والزواج المبكر... عبر الماء!

تتناول الرواية موضوعين؛ الأول زواج القاصرات في المخيمات السورية نتيجة الحرب، والثاني هو الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا.

● يلجأ بعض الكُتاب إلى نشر مقتطفات من أعمالهم الجديدة عبر السوشيال ميديا قبل طباعة العمل كاملاً في كتاب لجس نبض القراء... هل تجدينها وسيلة جيدة؟

- لا يمكنني إنكار حسنات السوشيال ميديا في حياتنا اليوم، هي منبر مَنْ لا منبر له. فمن خلالها يستطيع الكاتب التواصل مع القراء بشكل أوسع، ومعرفة آرائهم وملاحظاتهم عن قرب، ولو أنه قربٌ افتراضي.

ولأنها مساحة مفتوحة تُحفز على عرض مسبق أو تمهيد لما يقوم به الكاتب من عمل قيد الإنجاز، تساعده هذه المنصات على التقاط انطباع أولي من القراء عمَّا إذا كان ما يخطو باتجاهه في عمله مقبولاً ومستحسناً أم لا.

أجدها فكرة جيدة من حيث المبدأ، على ألا يتمادى الكاتب كثيراً في نقل كل ما يقوم بكتابته على صفحاته بمواقع التواصل، فقط يمكنه الاكتفاء بفقرة أو مشهد صغير قد يثير الفضول، وربما جُملة واحدة أحياناً يكون لها صدى جميل وفعَّال، كي لا يُحرقُ العمل.

● أيهما تنشغلين به أكثر: اللغة، أم تقنية الكتابة، أم الفكرة العامة للرواية؟

- أنشغل بها جميعاً، وعلى حد سواء، لكن على مراحل. الفكرة العامة للرواية هي الأيقونة الأساسية التي تشغل بالي في الخطوات الأولى، تأخذ وقتاً طويلاً من التفكير، حتى تتبلور بصورة مبدئية طبعاً، لأنها على امتداد العمل الروائي تبقى بحالة تجدد وتطور. وحين أشرع في الكتابة أنتقي تقنيات الكتابة التي سأعتمدها في العمل، والتي تتناسب مع عرض الفكرة. وتأتي اللغة أخيراً، والتي أعتبرها وسيلة مهمة لنقل كل ما سبق بصورة دقيقة، فالكلمة المناسبة وتركيبة الجملة تشكلان معاً خطاً مباشراً إلى ذهن المتلقي، فيتشرب الرواية بكل أحداثها وأفكارها.

● ما الذي يستفزك للكتابة ويكون منطلقاً يفتح لديك أبواب النص؟

- أي شيء يمكن أن يشكل الشرارة الأولى، قد تكون فكرة عابرة ألتقطها وأبني عليها، أو ربما حدثاً صغيراً يراه المارون عابراً، وأجده بذرة، أودعها في جو ملائم من التفكير والتفكير ثم الكتابة والكتابة، حتى تنبت وتكبر وتمتد لتصبح غابة، من ثم تصبح رواية.

● في تصريح سابق قلتِ: "أبحث عن الروايات التي لم يُسلط عليها الضوء، فأجدها رائعة"، هل يعني ذلك أن الأعمال التي تحصد جوائز ليست دائماً كما نتوقع؟!

- في عملية حسابية بسيطة يمكننا أن نعرف أن عدد الروايات التي يُسلط عليها الضوء بسبب جائزة معينة مثلاً، لا تشكِّل إلا نسبة صغيرة من كمّ الروايات التي تصدر بشكل مستمر.

بالطبع هناك روايات جيدة نالت جوائز، وكانت تستحق كل الاحتفاء الذي تقدم بها إلى الصفوف الأولى، لكن في المقابل نجد أن بعض الأعمال التي تحصد شهرة واسعة غير مؤهلة، وتصيب القارئ بخيبة. لذلك أحب أن أقرأ الروايات التي لم تأخذ حقها على أكمل وجه، واعتماداً على تجربتي الشخصية أستطيع القول

إنني دائماً ما أجدها رائعة فعلاً.

●حدثينا عن سنوات النشأة الأولى، وكيف أسهمت في اتجاهاتك إلى التحليق لاحقاً في فضاء الإبداع؟

- لعبة الكلمات جذبتني منذ بداياتي. حين اكتشفت العملية المذهلة لتحويل أي إحساس أو حدث أو فكرة إلى جملة على ورق، كأني عثرت على سر خفي بان لي وحدي. فبدأت أكتب دائماً، وفي كل الحالات. وراحت هذه النواة الصغيرة بداخلي تتضخم، حتى حملتني إلى عوالم الرواية، تلك العوالم الساحرة، حيث يصنع الكاتب في حضرتها كونه الروائي ويدير مصائر شخصياته.

● ما الخطوة التالية في مشروعك الأدبي؟

- بدأت بالغوص في تجربة روائية ثالثة، وسأكمل طالما أن هذا العالم ليس على ما يرام.

روايتي الجديدة تتناول زواج القاصرات في المخيمات السورية
back to top