ذكرى صدور الدستور 11/11/ 2020
![محمد المقاطع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/21_1703694711.jpg)
ثم أتت أزمة انتقال الحكم والسلطة عام ٢٠٠٦ وظروفها الدقيقة، ليظهر الكويتيون مرة أخرى أنهم، حكاماً ومحكومين، يلوذون جميعاً بالتسليم لمرجعيتهم الدستورية، لتكون هي الفيصل، وفعلاً كان ذلك سنداً بسلاسة انتقال الحكم بتولية الأمير بصورة مباشرة. واستمرت سلاسة تولية ولي العهد عام ٢٠٢٠ باتباع أحكام الدستور وإجراءاته ليكون ركيزة وطنية مستقرة.إن إدراكنا أن سر قوتنا في مرجعيتنا الدستورية ينبغي أن يكون حاضراً في كل الأوقات، وكلما تجددت الحوارات الوطنية ينبغي ألا تنسينا خلافاتنا هذه الوثيقة التعاقديّة، وها نحن نشهد كيف أنها حُكّمت في موضوعات عديدة، تسليماً بمرجعيتها. وتكمن حيوية إدراكنا لذلك في أن يذكّر بعضُنا بعضاً بما يعنيه ذلك لنا جميعاً، خصوصاً أن شواهده التاريخية والوطنية حاضرة بيننا، ولقد بات التذكير بكل ذلك أكثر إلحاحاً ووجوباً هذه الأيام، فقد تغلغلت إلى بلدنا مظاهر وممارسات هدَف من خلالها البعض إلى اقتلاعنا من تلك الجذور الراسخة والثوابت المتأصلة، لتهميش مرجعيتنا الدستورية أو إفراغها من مضامينها، ولعله أمر ملح أن نذكّر اليوم بعدم جواز الجمع بين ولاية العهد ورئاسة الوزراء دستورياً، لتناقض الجمع مع طبيعة المنصبين واختصاصاتهما ومسؤولياتهما. ولاشك لدي أن هناك أطرافاً متضررة من توازن الدستور وأحكامه، وتدرك عدم قدرتها على العيش في كنفه، وهذا البعض وضع البلد في ذهنه كفرصة تجارية وضربة حظ سياسية، فحاد عن الطريق وتنكر للثوابت، فصارت منطلقاته في العمل الوطني بكل أسف، حسابه لمصالحه التي تتنكب عن مسارات المصلحة الوطنية، فسارع إلى تقديم الرأي الأناني والخاطئ وشغلته خصوماته وتطلعاته ومصالحه عن الوطن، وزاد من حظوة هذا البعض وهن تكوين مجلس الأمة وضعف الحكومة، ليكون ذلك مظهراً إضافياً في تراجع مسيرة الوطن، وقد تمت الاستفادة من الصراع السياسي ليعزز ذلك البعض مواقعه وتأثيره على مستويات عديدة، لكن ثقتنا كبيرة بالله وبقيادتنا السياسية وحكمتها وحنكتها في تجنيب البلد عوادي الأيام، وتخطي ذلك البعض لتكريس الثوابت الوطنية والدستورية. إن مناسبة صدور الدستور تستحق أن تكون مناسبة لإعادة البهجة إلى أهل الكويت، ولعل طَي صفحات وأحداث الماضي القريب بات ضرورة، لإحداث نقلة وطنية، تمسكاً بحقيقة الثوابت الدستورية التي حفظت البلد، ولعل المصالحة الوطنية وتعزيز أجواء الحريات وبتر بؤر الفساد وفضح استخدام المال السياسي وإقصاء الفاسدين، وصدور قانون العفو العام بالمجلس القادم وتعديل قانون الدوائر الانتخابية بشكل عادل، هي ما يواكب متطلبات استحقاقات الوطن في ذكرى صدور الدستور.