بايدن وانتصاره المحفوف بالمخاطر
لأسباب عديدة لن يستفيد بايدن من فترة شهر العسل التقليدية التي يتمتع بها الرؤساء المنتخبون حديثا عادة، لقد خاض بايدن السباق الرئاسي باعتباره صاحب هدف يتلخص في توحيد الأميركيين، لكنه مثل أوباما من قبله، سرعان ما سيتعلم أن المرء
لا يمكنه كسب أولئك الذين يزدرونه ويستخفون به.
لا يمكنه كسب أولئك الذين يزدرونه ويستخفون به.
تمكن جو بايدن من اجتياز حملة انتخابية مُـنـهِـكة وانتخابات شاقة اكتنف الغموض نتيجتها حتى النهاية، والآن، سيكون لزاما عليه أن يتصدى للطعون القانونية من قِـبَـل حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورغم أنه من المرجح أن يدخل البيت الأبيض في العشرين من يناير 2021، فسوف يتساءل متى وصل إلى هناك ما إذا كانت الغنيمة التي سعى إليها لفترة طويلة كأسا مسمومة.سيتولى الرئيس بايدن منصبه وبلاده تواجه ضائقة اقتصادية واسعة النطاق، فضلا عن التصاعد الموسمي لجائحة قاتلة، وبيئة دولية وحشية. الواقع أن مثل هذه التحديات تشكل اختبارا قاسيا حتى لأكثر القادة مهارة، لكن بايدن سيواجه أيضا المزيد من العراقيل بسبب الحكومة المنقسمة، والسلطة القضائية المعادية، والبيروقراطية الفدرالية الضعيفة، والشعبوية الترامبية الباقية بين جماهير المواطنين.في الماضي كان بوسع الرئيس المنتخب حديثا أن يتوقع بعض التعاون من الحزب المعارض في إقرار التشريعات، ولكن لا ينبغي لبايدن أن يتوقع أي شيء من هذا القبيل، لقد فاق أعضاء الكونغرس الجمهوريون التوقعات إلى حد كبير في الانتخابات ولن يروا أي سبب للتسوية أو التنازل. وإذا احتفظ الجمهوريون بأغلبيتهم في مجلس الشيوخ، فسوف يحاولون تقويض إدارة بايدن، لخلق الظروف لردة فعل معادية للديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي في عام 2022، وسوف تولد مشاريع القوانين التقدمية ضعيفة، ولن تحدث الإصلاحات الدستورية المطلوبة بشدة للمجمع الانتخابي، وقوانين التصويت، والرئاسة. في الأرجح، سيضطر الأميركيون إلى تحمل فترات تعطيل متقطعة للحكومة وسط حرب أهلية باردة تحافظ على الوضع الراهن الذي يتسم بالشلل، في أحسن الأحوال.
كما ستواجه العديد من ترشيحات بايدن العداء في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون. لن يحرمه الجمهوريون في الأرجح من الحصول على وزير خارجية أو مدع عام، لكنهم سيحرصون على ضمان افتقار الفرع التنفيذي إلى الموظفين المؤهلين، ولأنهم لم يتكبدوا أي عقوبة انتخابية بسبب تكتيكاتهم العنيفة في ما يتصل بالترشيحات القضائية، فسوف يعوقون ويؤخرون كل محاولات تثبيت القضاة الفدراليين.حتى لو فاز الديمقراطيون بأغلبية في مجلس الشيوخ، فسيواجه بايدن عقبات هائلة، ومع تثبيت تعيين ايمي كوني باريت قبل أسبوع من الانتخابات، سيحظى الجمهوريون بأغلبية 6 إلى 3 في المحكمة العليا التي كانت تميل بالفعل إلى اليمين أكثر من أي محكمة أخرى منذ ثلاثينيات القرن العشرين. وسوف تستمر محكمة اليوم في تقويض الأساسات القانونية التي تستند إليها الهيئات التنظيمية الأميركية والدفع بقيم محافظة اجتماعيا، كما فعلت على مدار العقدين الأخيرين، وحتى لو تمكن بايدن من الدفع بتشريع تقدمي عبر الكونغرس المنقسم، فسيظل يواجه احتمال إلغائه في المحكمة. الواقع أن المحكمة ربما توجه أخيرا ضربة قاضية لقانون الرعاية الميسرة، وهو الإنجاز المميز الذي حققه رئيس بايدن السابق باراك أوباما. في ظل النقص المحتمل في التعيينات في الفرع التنفيذي والقضاء المعادي، سيواجه بايدن صعوبات جمة في ممارسة السلطة التنفيذية. لقد عانت الوكالات الفدرالية من تدهور الروح المعوية- ونقص الموظفين المؤهلين- خلال عهد ترامب، وسيستغرق الأمر في الأرجح بعض الوقت لإعادة تنظيم الصفوف، وسوف تأتي الجهود المبذولة لإصلاح الضرر الذي ألحقه ترامب بالضوابط التنظيمية البيئية والصحية وتلك التي تتعلق بالسلامة ببطء شديد من جانب الهيئات الـمُـنـهَـكة، وستُـسـتَـقـبَل كل التغييرات بالتشكيك في جدارتها القضائية من جانب القضاة الفدراليين الجمهوريين المعينين، وخصوصا المعينين بواسطة ترمب.على نحو مماثل، ستلقى المحاولات الطموحة لاستخدام السلطتين التنظيمية والتنفيذية لإصلاح قوانين الهجرة والتصدي لتغير المناخ (على غرار النموذج الذي ابتكره أوباما) استقبالا فاترا في المحكمة. الواقع أن بايدن سيرث سلطة قانونية كبيرة لاتخاذ التدابير اللازمة لاحتواء الجائحة؛ لكن القضاة المعينين من قِـبَـل ترامب سيقاومون عندما تتعارض هذه السلطة مع الحرية الدينية وحقوق الملكية، كما فعلوا عندما أصدر حكام الولايات أوامر مماثلة. أخيرا هناك قضية الرأي العام المستعصية على الحل، فعلى الرغم من فوز بايدن في التصويت الشعبي، يظل الناخبون الأميركيون منقسمين بشدة، ومن غير المرجح أن تنجح دعاوى ترامب القضائية التي تَـدَّعي تزوير الانتخابات، لكن محاولاته لإقناع الناخبين الجمهوريين بأن الديمقراطيين سرقوا الانتخابات ستخلف في الأرجح تأثيرا دائما، وإذا نجح ترامب في انتزاع شرعية النتائج في نظر عدد كاف من الناخبين، فسوف يواجه بايدن المزيد من المتاعب في تأمين الدعم لسياساته من جانب الجمهوريين المبعدين وممثليهم المنتخبين. علاوة على ذلك، سيتنازع بايدن أيضا مع تحالف ديمقراطي منقسم ربما ينفجر في أي لحظة إلى معركة بين اليساريين والمعتدلين والمستقلين المناهضين لترامب.لكل هذه الأسباب، لن يستفيد بايدن من فترة شهر العسل التقليدية التي يتمتع بها الرؤساء المنتخبون حديثا عادة، لقد خاض بايدن السباق الرئاسي باعتباره صاحب هدف يتلخص في توحيد الأميركيين، لكنه مثل أوباما من قبله، سرعان ما سيتعلم أن المرء لا يمكنه كسب أولئك الذين يزدرونه ويستخفون به.على الرغم من كل هذا، فإن هزيمة ترامب تُـعَـد انتصارا للديمقراطية الأميركية، فقد كان ترامب الرئيس الأكثر إثارة للخلاف، وإحداثا للـفُـرقة، وتدميرا في العصر الحديث، وفشله في الفوز بولاية ثانية، على الرغم من المزايا العديدة التي يتمتع بها شاغل المنصب عادة، من شأنه أن يرسل إشارة إلى الساسة الطموحين مفادها أن الشعبوية والدهمائية ليسا المفتاح إلى النصر، وينبغي لنا أن نستمتع باللحظة لهذا السبب، إن لم يكن لأي سبب آخر.* أستاذ في جامعة شيكاغو، وأحدث مؤلفاته كتاب "دليل زعيم الدهماء: المعركة من أجل الديمقراطية الأميركية من المؤسسين إلى ترامب".«إريك بوزنر»
سابقاً كان بوسع الرئيس المنتخب حديثا أن يتوقع تعاوناً من الحزب المعارض في إقرار التشريعات ولكن لا ينبغي لبايدن أن يتوقع ذلك