تحديات موارد المياه والغذاء والطاقة
موارد المياه والغذاء والطاقة أنظمة مترابطة تواجه العديد من التحديات في الكويت بما في ذلك تزايد عدد السكان والأزمات الاقتصادية والتغيرات المناخية، وتتطلب مواجهة هذه التحديات نقلة نوعية في فهم كيفية ترابط هذه الموارد بطريقة قابلة للقياس ودمجها في عمليات صنع القرار على مستوى الدولة. تساعد معرفة متطلبات هذه الموارد في تحديد استراتيجية الدولة للوصول إلى السيناريو الأمثل، ويتطلب هذا الموضوع معرفة مصادر وكميات المياه المتاحة ومستويات وتقنيات الإنتاج الزراعي مقابل الواردات الغذائية ومقدار الوقود اللازم لإنتاج المياه والكهرباء من محطات الكهرباء وتحلية مياه البحر، في المقابل يجب النظر في موضوع اعتماد الدولة على صادرات النفط الخام كمصدر دخل رئيس وحيد من أجل توفير السلع والخدمات الأساسية، فانخفاض صافي أرباح الدولة في السنوات السابقة كان نتيجة انخفاض أسعار النفط الخام، ناهيك عن تقلبات كميات الطلب العالمي على النفط للحد من انبعاث الغازات الدفيئة وسيناريو عودة واشنطن لاتفاق باريس للمناخ.
إن إنتاج المياه والكهرباء في الدولة يرتبط بكفاءة محطات الكهرباء وتحلية مياه البحر وهي تتطلب وقودا بكميات كبيرة، يتم توليد معظم الطاقة باستخدام وقود الغاز الطبيعي الذي بدأت الكويت استيراده قبل بضع سنوات لانخفاض تكلفته، في حين يتم توليد الباقي باستخدام وقود الزيت الثقيل وبعض النفط الخام الأكثر تكلفة، ولكن في ذروة الطلب على المياه والكهرباء في أشهر الصيف تصبح واردات وقود الغاز الطبيعي غير كافية وقد يتم استخدام وقود بكميات أكبر من النفط الخام الثمين للتصدير.القطاع الزراعي محدود، واستيراد الدولة لبعض المنتجات الزراعية التي يتطلب إنتاجها كمية كبيرة من المياه كالحبوب والسكر والزيوت النباتية يعزز تحقيق الأمن الغذائي، لأن هذه السلع مثالية للتخزين الطويل، ولكن استيراد الأرز مثلا يعتمد جزئيا على استقرار المناطق الخارجية التي تعاني ضغوطا شديدة على موارد المياه مثل باكستان والهند اللتين تعانيان استنزافا سريعا لمخزون المياه الجوفية، لاسيما في حوض نهر السند الذي يغطي معظم أنحاء باكستان والجزء الهندي من البنجاب وهي منطقة رئيسة لزراعة الأرز والقمح، تهتم هذه الدول بتوفير الصادرات الغذائية وذلك لحاجتها للعملات الأجنبية، ولكن من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ لزيادة الطلب العالمي من الغذاء ومزيد من الإجهاد المائي.في الكويت، يؤدي ارتفاع معدلات ضخ المياه الجوفية الغنية بالمعادن لأغراض الزراعة إلى استنزاف هذا المورد الأحفوري وتدهور التربة واتساع نطاق التصحر، ويعتمد إنتاج بعض المحاصيل الزراعية الأساسية لتعزيز الأمن الغذائي على توفير الأراضي الصالحة للزراعة، وعلى المستوى الإقليمي تقتسم الكويت وبعض دول الخليج كقطر احتياطيات المياه الجوفية مع المملكة العربية السعودية، كما يؤثر تصريف تدفقات مياه التبريد والمياه الشديدة الملوحة الناتجة من محطات التحلية لدول الخليج على منظومة العمل البيئي، وقد تواجه أسوأ سيناريو عند حدوث كارثة إقليمية تؤدي إلى تلوث مياه الخليج فتصبح مياه التحلية غير مناسبة لاستهلاك الفرد اليومي.* أستاذ موارد المياه، قسم الهندسة المدنية، جامعة الكويت.