قالت جبهة البوليساريو إن ثلاثة عقود من وقف إطلاق النار في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها انتهت اليوم الجمعة بعد عملية شنتها قوات مغربية في منطقة حدودية مضطربة.

وقال وزير خارجية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية -المعلنة من جانب البوليساريو- محمد سالم ولد السالك، للوكالة الفرنسية للأنباء إن «الحرب بدأت، والجانب المغربي خرق اتفاق وقف إطلاق النار».

Ad

ووصف ولد السالك العملية المغربية بأنها «عدوان»، قائلاً إن «القوات الصحراوية منخرطة في دفاع شرعي عن النفس، وإنها تردّ على القوات المغربية».

وأعلنت الرباط اليوم الجمعة أن قواتها شرعت في تنفيذ عملية في منطقة غير مأهولة على الحدود الجنوبية للصحراء الغربية، وذلك لوضع حد لـ «استفزازات» جبهة البوليساريو المؤيدة لاستقلال الإقليم المتنازع عليه.

وقال رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، إن تدخل قوات بلاده بمنطقة الكركرات، جنوبي الصحراء الغربية، يهدف إلى إنشاء جدار عازل يشكل طوقاً أمنياً لتدفق البضائع والأشخاص عبر المنطقة العازلة لربط المغرب بموريتانيا.

وأضاف العثماني، في سلسلة تغريدات على موقع «تويتر»، إن التحرك المغربي يرمي إلى إعادة حرية التنقل.

وقالت وكالة الأنباء الصحراوية إن المغرب فتح ثلاث ثغرات جديدة في الجدار العسكري، بمنطقة الكركرات، لمهاجمة متظاهرين سلميين، مضيفة أنّ جيش التحرير الشعبي، الجناح المسلح للبوليساريو، قد ردّ على ما وصفته الوكالة بالعدوان، دون تقديم تفاصيل عن طريقة الرد.

وكانت جبهة البوليساريو حذرت يوم الاثنين من أنها ستعتبر اتفاق وقف إطلاق النار المبرم قبل ثلاثة عقود مع المغرب لاغياً حال أقدمت الرباط على الزج بعناصر عسكرية أو مدنية إلى داخل المنطقة العازلة.

وأوقف محتجون صحراويون، منذ الشهر الماضي، حركة التنقل عبر الكركرات، التي تربط بين المغرب وموريتانيا.

وقالت الرباط إنها ستفتح الطريق الرئيسي الرابط بين الصحراء الغربية وموريتانيا والمغلق منذ 21 أكتوبر من قبل مؤيدين لجبهة البوليساريو.

وأعلن الجيش المغربي أنه طوّق المنطقة أمنياً في وقت مبكر من اليوم الجمعة تمهيداً لتنفيذ عملية تستهدف استعادة حركة النقل.

وأكد الجيش أنه لن يلجأ لاستخدام السلاح إلا في حالات «الدفاع الشرعي».

وقالت الخارجية المغربية في بيان لها «جبهة البوليساريو ومليشياتها تخترق المنطقة منذ 21 أكتوبر وتقوم بأعمال لصوصية، وتقطع الطرق، وتواظب على التحرش بمراقبي البعثة الأممية».

وفي الخامس من نوفمبر الجاري، قال نحو مئتين من سائقي الشاحنات المغاربة إنهم عانوا أوضاعاً صعبة على الجانب الموريتاني من الحدود الصحراوية، مناشدين الجهات المعنية في كل من الرباط ونواكشوط لمساعدتهم في العودة إلى ديارهم بعد أن قطع «مقاتلو البوليساريو» طريقهم.

وقالت الخارجية المغربية إنها اضطرت إلى التعامل مع تحركات مقاتلي البوليساريو، بعد عدد من مطالبات التهدئة من جانب الوزارة وبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الإقليم.

وقال مسؤول بارز من وزارة الخارجية في المملكة لوكالة رويترز للأنباء إن المغرب سيقيم حواجز رملية لتأمين الطريق.

وتترامى أطراف الصحراء الغربية على الساحل الأفريقي للمحيط الأطلسي، ومنذ نزوح الاستعمار الإسباني عن الإقليم، يتنازع السيادة عليه كل من المغرب وجبهة البوليساريو.

وتسيطر الرباط على 80 في المئة من الإقليم، بما يشتمل عليه من احيتاطيات فوسفات وثروة سمكية.

أما قوات البوليساريو فتتمركز معظمها في مناطق منخفضة الكثافة السكانية في الصحراء وفي مخيمات لجوء في الجزائر المجاورة، الداعمة الرئيسية لجبهة البوليساريو الطامحة لاستقلال الإقليم.

وتقول المملكة المغربية إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيها، ولا تمانع المملكة في إنشاء حكم ذاتي في الإقليم على أن تظل سيادته تابعة للمغرب.

أما جبهة البوليساريو فتطالب باستفتاء على تقرير المصير في الإقليم كما هو منصوص عليه في اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.

وتضطلع قوات حفظ السلام الأممية بتأمين منطقة فاصلة بين الجانبين منذ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية أممية عام 1991.

ما هي تفاصيل قضية الصحراء الغربية؟

الصحراء الغربية منطقة شاسعة تقع شمال غربي أفريقيا ومساحتها حوالي 266 ألف كيلومتر مربع.

وتشير التقديرات إلى أن عدد السكان حوالي نصف مليون يتوزعون على المدن الرئيسية في المنطقة، التي خضعت للاستعمار الإسباني في الفترة الممتدة من 1884 إلى 1976 وبعد خروجه تنازع السيادة عليها المغرب وجبهة البوليساريو.

فقد صعدت الجبهة من وتيرة عملياتها وقامت بالتحريض على المظاهرات المطالبة بالاستقلال، بينما اتجه المغرب وموريتانيا إلى محكمة العدل الدولية.

وفي 16 أكتوبر 1975 أعلن المغرب تنظيمه «المسيرة الخضراء» باتجاه منطقة الصحراء، وفي يناير 1976 تم الإعلان عن قيام «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» بدعم من الجزائر.

وأقام المغرب بدءاً من ثمانينيات القرن الماضي حاجزاً رملياً حول مدن السمارة والعيون وبوجدور لعزل المناطق الصحراوية الغنية بالفوسفات والمدن الصحراوية الأساسية، وجعل هذا الجدار أهم الأراضي الصحراوية في مأمن من هجمات البوليساريو.

وتعزز موقف المغرب بتخلي ليبيا منذ 1984 عن دعم البوليساريو وانشغال الجزائر بأزمتها الداخلية.