كشفت صحيفة نيويورك تايمز، أن عملاء إسرائيليين اغتالوا عبدالله أحمد عبدلله المكنى "أبو محمد المصري"، (الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة")، قبل 3 أشهر، في طهران، بطلب من الولايات المتحدة.

وأوردت "نيويورك تايمز" في عددها الصادر أمس الأول أن مسلحَين يستقلان دراجة نارية، أطلقا النار على عبدالله (58 عاماً) بينما كان يقود سيارته البيضاء (رينو L90) مع ابنته بالقرب من منزله، في منطقة باسداران شمال العاصمة الإيرانية، مما أدى الى مقتله مع ابنته مريم، أرملة حمزة بن لادن نجل مؤسس تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، التي كانت معه في السيارة، في السابع من أغسطس، وهو اليوم الذي يوافق الذكرى السنوية لهجمات تنظيم "القاعدة" على سفارتي واشنطن في نيروبي ودار السلام عام 1998، التي اتهم المصري بأنه أحد العقول المدبرة لها.

Ad

ومع انتشار نبأ إطلاق النار في إيران، حددت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية آنذاك هوية الضحيتين على أنهما حبيب داوود، أستاذ التاريخ اللبناني، وابنته مريم داوود (27 عاماً). وأفادت مصادر إيرانية "الجريدة" وقتها بأن داوود كان عضواً في "حزب الله" اللبناني.

من هو المصري؟

وكان المصري، أحد القادة المؤسسين لـ "القاعدة"، ويُعتقد أنه أول المرشحين لقيادة التنظيم بعد زعيمه الحالي أيمن الظواهري. وظهر منذ فترة طويلة على "قائمة الإرهابيين المطلوبين لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI)، الذي عرض مكافأة قدرها 10 ملايين دولار، مقابل معلومات تقود إلى القبض عليه.

والمصري ولد في حي الربيعية شمال مصر عام 1963، وكان لاعب كرة قدم محترفاً في الدوري المصري الأول قبل أن ينضم الى المقاتلين الإسلاميين الذين توجهوا الى أفغانستان بعد الغزو السوفياتي عام 1979.

وإثر انسحاب السوفيات بعد 10 سنوات، رفضت مصر السماح له بالعودة، فبقي في أفغانستان، حيث انضم في نهاية المطاف إلى أسامة بن لادن، ضمن المجموعة الأولى التي شكلت لاحقاً النواة المؤسسة لـ "القاعدة". وأدرجته المجموعة في المرتبة السابعة بين مؤسسيها البالغ عددهم 170.

في أوائل التسعينيات رافق بن لادن إلى الخرطوم، ثم توجه إلى الصومال لمساعدة الميليشيا الموالية لأمير الحرب الصومالي محمد فرح عيديد. وهناك قام بتدريب المقاتلين الصوماليين على استخدام قاذفات الصواريخ المحمولة على الكتف ضد طائرات الهليكوبتر، ونجحوا في إسقاط طائرتي هيلكوبتر أميركيتين في مقديشو عام 1993.

بعد معركة مقديشو بوقت قصير، كلف بن لادن المصري بتخطيط عمليات ضد أهداف أميركية في إفريقيا. فخطط لعملية دراماتيكية وطموحة من شأنها أن تستقطب الاهتمام الدولي. وقرر مهاجمة هدفين في دولتين منفصلتين في وقت واحد.

ويوم 7 أغسطس في 1998 الذي اعتبره التنظيم الذكرى الثامنة قدوم القوات الأميركية للسعودية، انفجرت شاحنتان مفخختان أمام سفارتي واشنطن في نيروبي عاصمة كينيا، ودار السلام عاصمة تنزانيا، مما تسبب في مقتل 224 شخصاً.

وفي عام 2000، أصبح المصري أحد الأعضاء التسعة في مجلس إدارة "القاعدة"، وترأس التدريب العسكري للتنظيم.

وبحسب "نيويورك تايمز"، فإنه بحلول 2003، كان المصري من بين العديد من قادة "القاعدة" الذين فروا إلى إيران بعد الغزو الأميركي لأفغاستان. وفي عام 2015، أعلنت إيران عن صفقة مع "القاعدة" أفرجت بموجبها عن 5 من قادة التنظيم، بمن فيهم أبو محمد المصري مقابل دبلوماسي إيراني كان قد اختطف في اليمن.

وتلاشت آثار المصري، لكن وفقًا لأحد مسؤولي المخابرات، استمر بالعيش في طهران، تحت حماية الحرس الثوري، ثم وزارة الاستخبارات والأمن لاحقًا. وسُمح له بالسفر للخارج، إلى أفغانستان وباكستان وسورية.وبحسب الخبراء، فإن المصري لعب دوراً في توجيه ومتابعة حمزة بن لادن، نجل زعيم "القاعدة"، الذي تزوج ابنته مريم.

وكانت إيران قد أطلقت سراح حمزة وأفراد آخرين من عائلة بن لادن عام 2011 مقابل دبلوماسي إيراني اختطف في باكستان. والعام الماضي، قال البيت الأبيض إن حمزة بن لادن قُتل في منطقة بين أفغانستان وباكستان.

طهران تنفي

في المقابل، اعتبرت إيران تقرير "نيويورك تايمز" مختلقاً. ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن التقرير يأتي في إطار "حرب اقتصادية واستخبارية ونفسية شاملة ضد شعب إيران"، ناصحاً الإعلام الأميركي بـ "ألا يكون مذياعاً لنشر أكاذيب البيت الأبيض لنشر الرهاب من إيران".

هل يتأثر التنظيم؟

ولم يتضح بعد إن كان موت المصري قد أثر على أنشطة "القاعدة" ومدى ذلك التأثير إن كان قد حدث. فعلى الرغم من أن التنظيم فقد قيادات بارزة خلال العقدين الماضيين منذ هجمات نيويورك وواشنطن، فقد ظلت له أفرع نشيطة من الشرق الأوسط إلى أفغانستان إلى غرب إفريقيا.

ويأتي التقرير عن مقتل المصري بعد أسابيع من مقتل اثنين آخرين من قيادات تنظيم "القاعدة" في أفغانستان على يد قوات الأمن المحلية.