وحيدة رجيمي: المستقبل للقصة القصيرة جداً والنقد طور أدواتي
«الكتابات الورقية مثبتة أما الرقمية فيمكن تزييفها... وأدب الرحلات غائب»
تنتمي الأديبة وحيدة ميرا رجيمي، إلى جيل الثمانينيات الأدبي في الجزائر، وتميزت في كتابة القصة القصيرة جداً، وتعبر أعمالها عن واقعية الحياة، ونبضها الاجتماعي، والهموم اليومية، وفي حوارها مع "الجريدة"، قالت إنها تجمع في العمل الواحد بين النثر والسرد واللغة الشعرية والجمل القصيرة المكثفة، وتركز على الصور المعبرة، وتهتم بالتفاصيل التي يتجنبها كثير من الكتاب.
ولفتت إلى أن آراء النقاد لا تشغلها كثيراً إلا بقدر مساهمة النقد في تطوير كتاباتها، مؤكدة أنها محظوظة نوعاً ما في هذا الجانب، بما تعرضت له من متابعات وقراءات نقدية، وإلى تفاصيل الحوار:
ولفتت إلى أن آراء النقاد لا تشغلها كثيراً إلا بقدر مساهمة النقد في تطوير كتاباتها، مؤكدة أنها محظوظة نوعاً ما في هذا الجانب، بما تعرضت له من متابعات وقراءات نقدية، وإلى تفاصيل الحوار:
● ما منطلقاتك الأولى في مسيرتك الإبداعية؟
- بداياتي وأنا طالبة جامعية بما أسميه خربشات طالبة جامعية، وأفضل تسميتها معزوفات وحيدة، ونتيجة تشبعي بالقراءات الأدبية لكبار الكتاب، جربت في النثريات التي أرى أنها تعبر عن الذات وما يتقاطع فيها مع مشاعر الآخر، فيظن القارئ أنك تكتب عن نفسك... وبالاحتكاك والحضور، نضجت تجربتي الفنية أكثر، وامتلكت القدرة على التحكم في أدوات الكتابة، فكانت القصة القصيرة مجالي الأكثر تعبيراً عن المحيط وهموم الحياة وقضاياها، فجمعت ما كتبت في إصداري الأول "وحيدة والدروب أحزاني"، الذي غلب على نصوصه الشعر والنثر، ويعبر عن مرحلة عايشتها، ثم جاء إصداري الثاني"على حبل الذاكرة"، حافظت خلاله على السرد والجملة الشعرية والصورة التعبيرية بأدوات فنية كنت أكثر تحكماً فيها، وأيضاً جربت كتابة الأغنية التعبيرية الوجدانية "دعنا نفترق"، ولأنني مولعة بالزجل فلي أيضاً محاولات كثيرة في هذا الجانب من النمط الأدبي، ونتيجة اندماجي في الوسط الثقافي والأدبي حضرت كثيراً من الملتقيات الأدبية، التي أعتبرها مفيدة وجيدة لأنها كشفت نمطاً أدبياً نكاد ننساه، وهو أدب الرحلات، وخلال رحلاتي إلى مختلف الجهات نقلت رؤيتي الأدبية وتصوري الفني، لتبقى الرواية هي الفضاء الأكثر اتساعاً ومعبراً عن الحياة في كتاباتي.جمل مكثفة
● هل استطاعت أعمالك أن تجيب عن أسئلتك، وأيهما أقرب لرؤاك الكلمة أم الشعر؟
- أكتب القصة القصيرة ، والقصيرة جداً، والخاطرة بلغة شعرية، ونثرية، كما يجمع كثير من القراء إلى تميزي في سلاسة اللغة، والتكثيف في الجمل القصيرة، وأعتقد أن المستقبل للقصة القصيرة جداً، لذلك أقول، إن أغلب ما كتبت من قصص إنما هي معبرة عن واقعية الحياة ونبضها الاجتماعي، وهمومها اليومية، فأنا لا أنفصل عن المجتمع وما يعيشه ويحسه ويتمناه، الكتابة فكر، والفكر رسالة، يحملها الكاتب الذي يتبني القضايا ويساهم في طرح حلول لمعضلاته، وبالتوازي مع كل هذا نشارك ونثري الساحة الثقافية بالمناقشات الدورية عن واقعنا الثقافي، ومحاولة الإجابة عن مدى أهمية الثقافة وراهنها في تنمية الفكر الإنساني، والدور الذي يجب أن يلعبه المثقف والكاتب الذي يشكل ضمير المجتمع.● نجحت كتاباتك في لفت أنظار القراء والنقاد، ما مدى مساهمة النقد في تطوير تجربتك الإبداعية؟
-كتاباتي ما هي إلا خلاصة لمسيرة طويلة وأن تأخر ظهوري في الساحة ولي أسباب ومبررات، ولأنني أؤمن بأن الكتابة مسؤولية لذلك تريثت وتزودت وتشبعت بالقراءات لمختلف الإصدارات الأدبية لكتاب ومشاهير وأصحاب التجربة الثرية، إن إهتمام القراء بما أكتب يكشف لي مدى نضج ومصداقية ما أكتب ومن يقرأ لك يكتشف أنك تعبر عن حياته وواقعه، وهمومه، وهذه لا تنحصر في بيئة ضيقة أو مدينة أو وطن لكنها تعبر عن واقع وجود الإنسان، أما عن مساهمة النقد في تطوير كتاباتي فأنا محظوظة نوعا ما في هذا الجانب، بما تعرضت له من متابعات وقراءات لأعمالي والتي استفدت منها، كذلك بعض الندوات التي خصصت للقراءة في بعض قصصي وكتاباتي المختلفة، سواء على مستوى الجرائد والمنتديات والفضاء، وأخيراً صدور كتاب مضمونه قراءة في كثير من قصصي القصيرة يختصر في بحثه "التجربة والرصيد بين الذاتية والواقعية في قصص الأديبة وحيدة رجيمي" من إبداع الروائي والشاعر الطيب عبادلية، وهذا ما يشرفني ويحفزني لتطوير أدواتي الفنية ولغتي الأدبية.● وماذا عن الشعر؟
- أنا مخلصة للكتابة، للشعر والسرد والزجل، لأنني في تكويني ومنذ كنت تلميذة أصابتني الدهشة الأدبية، ولذلك بيني وبينهم علاقة سرمدية، كلما زاد نضجي الأدبي زاد تعلقنا ببعضنا، ولعلاقتي بأبي أثر بليغ وبالغ في عمق المحبة لدرجة أن أطلق اسمي على سفينة الصيد، وبأمي التي هذبت في داخلي ملكة الإحساس بجمالية الأشياء، وكذلك صديقات الدراسة ومدرجات الجامعة، كل ذلك عبرت عنه نثرا وشعرا.● كيف ترين وضعية المرأة الجزائرية؟
- وضعية جيدة، حيث حققت ما كانت تصبو إليه، أمي سيدة وربة بيت بامتياز، وتظل تحافظ على عرينها، وربت أبناءها وبناتها وأنا ثمرة تربيتها، وكل القيم التي غرستها في لولا أمي وتشبعها بالقيم ما كان لي معنى، إن المرأة الجزائرية لها إسهامات ومساهمات مميزة في رقي وتطور المجتمع الجزائري، وتولت المناصب الحساسة والمهمة، وهذا مرده نضالها وثقافتها، فالمرأة الجزائرية تعمل مع الرجل في كل الميادين والمواقع.الكتاب الرقمي● ما رأيك في احتلال الكتاب الرقمي صدارة المشهد الثقافي في ظل الإجراءات الاحترازية لمواجهة "كورونا"؟
- بالنسبة لي يظل الكتاب الورقي هو المهم والمفيد، الكتابات الرقمية تراكمية، فكرة تزيح فكرة، والكم الهائل يشتت الأفكار في التقصي والبحث، حقيقة الكتابات الرقمية تسهل الوصول الى المعلومة بأقل جهد وأسرع وقت، لكن تظل الحاجة للورق مطلوبة، كما أن معلومة الكتاب مثبتة والمعلومة الرقمية متنقلة، وقد يحدث فيها التحريف والتزييف.الواقع الثقافي● كيف تقرأين الواقع الثقافي الجزائري راهنا؟
- عندنا في الجزائر مثل يقول "كل دولة عيبها على رجالها"، ويقول بيت الشعر: ليس الفتى من يقول كان أبي ... إن الفتى من يقول ها أنا ذا، والجيل الحالي الذي عايش الطفرة التكنولوجية يعيش عصره، وما عليه إلا أن يستغل هذه الفرصة، قديما كان الكتاب صعبا في إعداده وطبعه، وحاليا ربحا للوقت واستغلال المتوفر من الإمكانيات، وقديما كانت المقروئية في تصاعد والآن في تراجع، الناس تعيش همومها المتعددة والمتنوعة، الكاتب يعاني أزمات، ويحاول أن يعيش ويتفاعل مع أزمات مجتمعه ووطنه، تغيرت المعطيات، لكن الجميل أن الكتابة والكتاب يظل صامدا.الرواية الأولى● على ما تشتغلين حالياً؟
- أشتغل حاليا على آخر اللمسات لمجموعة قصصية جاهزة للطباعة "ميرا ميرامار سيدة البحر"، فأنا ابنة بحار، بحرية المزاج، كما لي مخطوط عنونته بـ"معزوفات وحيدة"، ويضم كتاباتي وأنا طالبة حقوق منتصف الثمانينيات، وجمعت في كتاب مختلف سفرياتي إلى تونس ومصر والأردن وفرنسا وألمانيا، وكذلك عدة جهات من وطني الجزائر بعنوان "رحالة زاده القلم"، وأخيرا وما يستولي على اهتمامي وتركيزي أول رواية بعنوان "حب تسقيه الدموع"، وهي التجربة التي أولي لها الأهمية العظمى، وتستولي على مشاعري، وهي جاهزة بنسبة 80 في المئة.
أنجزت 80% من روايتي الأولى ولدي مخطوط بعنوان «معزوفات وحيدة»