قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي، إنه، كما هو حال الكويت التي لم يتعاف اقتصادها منذ أزمة عام 2008، ومن بعدها ما أصابها من هبوط معدل أسعار النفط بنحو 57 في المئة منذ خريف عام 2014 وحتى الآن، وأخيراً آثار جائحة "كورونا" بتكاليفها المباشرة والأخرى غير المباشرة وهي أعلى بكثير، ومثل الكويت، فقد عانى الاقتصاد العالمي من ثلاث إصابات أيضاً.

الأولى كانت أزمة عام 2008 التي استنزفت موارده المالية وأدوات وموارد سلطاته النقدية، والثانية عهد جديد عادة ما يكون إفرازَ ما بعد الأزمات الكبرى وخواصه بزوغ وانتعاش السلطات الشعبوية، والثالثة هي جائحة كورونا في وقت الاقتصاد العالمي منهك ومستنزف ويحكم إداراته النزاع بديلاً للوفاق وبعد أزمة كبرى لم يمر عليها 12 عاماً 2008، بينما الفاصل بين أزمة عام 1929 وعام 2008 نحو 80 عاماً.

Ad

في مثل تلك الظروف الصعبة، أكثر ما يحتاجه العالم هو تغيير قيادي إيجابي في أكبر اقتصاداته وأكثرها نفوذاً وتأثيراً سياسياً على قراراته، والتغيير، وإن لم يعلن رسمياً في القيادة الأميركية من شعبوية مغرمة بإثارة المعارك والنزاعات إلى قيادة كان لها دور تعاوني إيجابي في إنقاذ الاقتصاد العالمي بعد أزمة عام 2008، لاشك أنه جاء في وقته المناسب، ذلك يعني عودة اللحمة إلى إدارة العالم للأزمة بين مراكز اقتصاد العالم الرئيسية، الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا، وآسيا بقيادة الصين، وذلك قد يخفض من وقت وتكاليف أزمة الجائحة.

وعلى المدى القصير إلى المتوسط، نتوقع أن تكون انعكاسات تغيير القيادة الأميركية على كل الإقليم إيجابية أيضاً مقارنة باستمرار ولاية الرئيس دونالد ترامب، فالنفط على المدى القصير، أسعاراً وإنتاجاً، مرتبط بسرعة الخروج من أزمة الجائحة، وأولى أولويات الرئيس المنتخب هي مواجهتها، وخدمه جداً التبشير بالمراحل النهائية في الكشف عن مصل ناجح وأمصال أخرى في الطريق.

وعلى المدى المتوسط، يرتبط النفط، أسعاراً وإنتاجاً، بتعافي الاقتصاد العالمي، وإذا نجح العالم بتسريع الخروج من أزمة الجائحة، وإذا نجحت قياداته المعتدلة باستبدال حروبها التجارية بتعاون في استخدام المتاح لها لدعم اقتصاداتـها، لابد أن يعزز ذلك جانب الطلب على النفـط، وهو أهم عوامل دعم تعافي اقتصادات الإقليم.

من جانب آخر، كانت الأهداف المعلنة للقيادة الأميركية السابقة، هي ابتزاز الإقليم لاقتطاع أكبر قدر من دخله مقابل حمايته، وذلك وبشكل غير مباشر، يجعل لها مصلحة في استمرار الشقاق والتباعد ضمنه، فالابتزاز ينجح بأقصى درجاته كلما زاد تمزق وضعف الإقليم، لذلك، من المحتمل أن يؤدي التغيير إلى بيئة إقليمية أفضل في اتجاه إعادة اللحمة.

وكل ما ينطبق على الإقليم ينطبق على الكويت، فإن صدق اجتهادنا، فسوف تستفيد الكويت من أي تطور إيجابي في سوق النفط، وسوف تكون في وضع أفضل لو خفتت التوترات ضمن الإقليم.

لكن، ذلك لا يعني سوى احتمال اكتساب بعض الوقت من أجل عملية إصلاح مالي واقتصادي جذري، فلا المالية العامة مستدامة، ولا الاقتصاد مستدام، ولا ميزان العمالة مستدام.

فالكويت وهي الأكثر إدماناً على النفط، والمقيدة بقطاع عام هو الأكبر والأكثر كلفة في العالم، بإنتاجية منخفضة جداً، والمتخمة بالبطالة المقنعة، لا يمكنها أن تجتاز أزمتها بنمط الإدارة العامة القديمة، واستمرار نفس الإدارة سوف يعني ضياع الفرصة الأخيرة للإنقاذ.

ومثال على أهمية التغيير الإداري وإن كان صغيراً، أداء استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الإجتماعية، فالإدارة كانت السبب في تحقيق نتائج أفضل، في ظروف أصعب، وهي وإن كانت لا تزال البداية، لكنها بداية مشجعة تستحق الدعم.