لماذا هي انتخابات محدودة التأثير؟
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
وتكمن أهمية الانتخابات في أنها تمثل الجزء الظاهر والمتحرك من العملية السياسية، وهي الحالة الوحيدة التي يظهر فيها حجم التفاعلات الاجتماعية على السطح، وفي العلن، مما يظهر تلك الاختلالات بوضوح ودون مواربة. وفي إطار تلك القوة شبه المطلقة، يتم تجاوز الكثير من المكاسب الشعبية فعلياً أو شكلياً، إلا أنه وحالما تحدث اختراقات شعبية هنا أو هناك، يتم تغيير أدوات اللعبة الانتخابية، وأهمها الدوائر الانتخابية، وهنا تكمن الإشكالية عبر تاريخ "المسيرة الديمقراطية"، حيث حدث ذلك في القوانين المناقضة للدستور في 1965 ، وتزوير الانتخابات في 1967 ، وحل المجلس 1976 ، وحله مرة أخرى بشكل شبه نهائي في 1986 ، ودعوة المجلس الوطني للانعقاد في 1991 ، وسحب الجناسي، ووجود لاجئين سياسيين، وغير ذلك، وهي ليست إلا أمثلة علنية، فهناك غيرها أقل ظهوراً.كان الإصلاحيون يطالبون بإلغاء النظام الانتخابي، الذي تم تغييره من طرف واحد سنة 1981 ليصبح 25 دائرة. ذهب ذاك النظام إلى غير رجعة، وحل محله الآن الصوت الواحد، وقد يتغير نظام الصوت الواحد، لنكتشف لاحقاً أن العلة ليست في النظام الانتخابي، ولكن في الانكسار الحاد لموازين القوى.هذه ليست دعوة للإحباط، ولكنها النظرة التفسيرية الواقعية للأشياء، دون جلبة أو ضوضاء، لنعترف بأن الحراك الإصلاحي يتم في إطاره، قد ينجح حيناً وقد يفشل حيناً، وقد يأتي يوم يتسع ذلك الإطار، لنتحدث عن ديمقراطية أكبر مما لدينا حالياً، أما الآن فما لدينا ليس إلا حدوداً دنيا، شكل بلا مضامين، يُفاقم ذلك سوء إدارة مزمن، وفساد متغلغل، وكل ما يتم من أحاديث ووعود إنما يتم في مساحة قد تزيد أو تصغر، ولكنها تبقى مساحة محدودة.