كيف يمكن لبنوك التنمية العامة أن تدعم الحفاظ على الطبيعة؟
حظيت قمة التمويل المشترك بالترحيب لأنها فرصة للنظر في الطريقة التي يمكن أن تساعد بها المؤسسات المالية العامة في عملية توجيه التمويل نحو الحفاظ على الموارد الطبيعية واستخدامها المستدام، ومن ثم فتح فئة الأصول التي تدعم الناس والكوكب.
تمثل قمة التمويل المشترك المرة الأولى التي نظمت يومي 11 و12 نوفمبر 2020 والتي اجتمع فيها قادة 450 بنكا إنمائيا عاما في العالم لمناقشة كيفية إعادة توجيه الاستثمارات نحو التنمية المستدامة، ونظراً لعدم اليقين الاقتصادي العالمي الحالي والتهديدات البيئية المتفاقمة، يصادف التجمع فترة حرجة، وتحظى هذه القمة بالترحيب لأنها فرصة للنظر في الطريقة التي يمكن أن تساعد بها المؤسسات المالية العامة في عملية توجيه التمويل نحو الحفاظ على الموارد الطبيعية واستخدامها المستدام، ومن ثم فتح فئة الأصول التي تدعم الناس والكوكب.وتعد القمة أيضا فرصة للتأكيد على الأهمية البالغة لبيئة صحية على أنها أساس تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، واتفاقية باريس للمناخ، وإطار عمل جديد وطموح بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، وبطريقة مباشرة، سيكون لبنوك التنمية العامة دور حاسم في الجهود العالمية لإعادة البناء بصورة أفضل بعد جائحة كوفيد19 وتداعياتها الاقتصادية.وأكد تقرير حديث صادر عن مبادرة التمويل من أجل التنوع البيولوجي على الحاجة الملحة لمعالجة أوجه القصور في حزم التحفيز الاقتصادي المتعلقة بكوفيد19 والخاصة بحكومات مجموعة العشرين، وخلُص إلى أن مسار التعافي الحالي يخاطر بتعزيز الاتجاهات البيئية السلبية، ولكن التقرير سلط الضوء أيضا على فرصة العمل بصورة حاسمة لمنع إلحاق أضرار دائمة بالطبيعة، والتي ستصمد فترة طويلة بعد الوباء.
ولتغيير المسار، نحتاج إلى وضع الطبيعة في صميم التخطيط الاقتصادي والاستراتيجيات وصنع القرار، إذ تعد خدمات النظام البيئي التي توفرها الطبيعة ضرورية لتحقيق 80٪ من أهداف التنمية المستدامة، في حين تمثل الحلول القائمة على الطبيعة 30٪ من الطريق نحو تحقيق هدف اتفاقية باريس المتمثل بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل العصر الصناعي، وإن الحفاظ على الطبيعة ضروري أيضا لمنع عودة ظهور الأوبئة.ومن ثم، فإن بنوك التنمية العامة لديها فرصة كبيرة لتكملة استثماراتها المناخية من خلال وضع أهداف وغايات واضحة قائمة على الطبيعة باعتبارها جزءا أساسيا من جهودها لدعم التنمية المستدامة. وعلى أي حال، على عكس البنوك الخاصة، فإن العديد من بنوك التنمية العامة لديها مساهم واحد فقط: الحكومات.وفي الوقت نفسه، يجب أن تتجنب بنوك التنمية العامة تمويل المشكلة وكذلك الحل، وتقول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، إن الاستثمارات الإيجابية في التنوع البيولوجي على مستوى العالم لا تمثل اليوم سوى جزء بسيط من الإنفاق على الأنشطة ذات الآثار السلبية العالية، ولا يمكننا المبالغة في تقدير التأثير المحتمل للمؤسسات المالية العامة التي تنهي دعمها لمشاريع الوقود الأحفوري وللمخططات التي تؤدي إلى إزالة الغابات أو التدمير الطبيعي. إن تحول الاستثمار الذي طال انتظاره لدعم الانتقال إلى اقتصاد ذي تأثير إيجابي على الطبيعة، والحلول القائمة على الطبيعة للتصدي لتغير المناخ من شأنه أن يشكل تطور الصناعات، والطاقة، والنقل، والخدمات، والاستهلاك، لعقود قادمة. وعلى الرغم من أن تقديرات التمويل اللازم لحماية التنوع البيولوجي تختلف باختلاف الافتراضات والمنهجيات والسيناريوهات المستخدمة، والتي تتراوح من أدنى أرقام مئات الملايين إلى أعلاها، فإنها تشير برمتها إلى فجوة كبيرة ومستمرة في هذا العقد، وعلى هذا الأساس، يعني الاستثمار المستدام التعرف على فرص الاستثمار في الطبيعة والالتزام بسد هذه الفجوة.ويمكن أن يؤدي مثل هذا التركيز على الاستثمار إلى أرباح كبيرة، إذ خلُصت الدراسات الحديثة إلى أن حماية المزيد من الموارد الطبيعية ستحقق فوائد تتجاوز التكاليف بما لا يقل عن خمسة إلى واحد، وستدعم 30 مليون وظيفة في السياحة البيئية والصيد المستدام، ومع اعتماد أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي على الطبيعة، فإن الاستثمار في المشاريع الخضراء ضروري للنمو الاقتصادي العالمي، إذ يمكن أن يولد الانتقال إلى اقتصاد ذي تأثير إيجابي على الطبيعة ما يصل إلى 10.1 تريليونات دولار من قيمة الأعمال السنوية، وأن يخلق 395 مليون وظيفة بحلول عام 2030.إن العمل الآن لدعم الحفاظ على الطبيعة، واستعادتها، واستخدامها المستدام هو اقتراح ناجح، ويمكن للحكومات أن تمهد الطريق نحو الاستثمارات اللازمة لتمكين هذا التحول، وبصفتها مؤسسات تتيح 2.3 تريليون دولار من التمويل السنوي– وهي نسبة تمثل 10٪ من إجمالي الاستثمار العالمي– تضطلع بنوك التنمية العامة بدور حاسم في دعم السياسات العامة، وتعبئة الموارد العامة والخاصة على نطاق واسع لوضع العالم على مسار مستدام.وتعتبر قمة التمويل المشترك خطوة مهمة في الفترة التي تسبق مؤتمر المناخ COP26 (كوب 26) في العام المقبل في غلاسكو، اسكتلندا، واجتماع التنوع البيولوجي COP15 (كوب 15) في كونمينغ، الصين، ويسعدنا جدا معرفة أن بنوك التنمية العامة ستلتزم في إعلانها المشترك للقمة الأسبوع الماضي بدعم العمل المناخي، وأهداف التنمية المستدامة، وحماية التنوع البيولوجي، ولهذا السبب قررت اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي (كوب 15) دعم الحدث، وسنراقب عن كثب تنفيذ بنوك التنمية العامة لهذه الالتزامات، وتطور مناهجها في الاستثمار وإدارة المخاطر.ونتطلع خلال الأشهر المقبلة إلى العمل مع كل من مؤسسات التمويل العامة والخاصة لتحقيق أهداف مشتركة، واعتماد إطار طموح للتنوع البيولوجي العالمي لما بعد عام 2020، ومن خلال رسم مسار نحو مستقبل اقتصادي أكثر استدامة، يمكن للعالم تحقيق رؤية اتفاقية التنوع البيولوجي لعام 2050 المتمثلة في «العيش في وئام مع الطبيعة».* إليزابيث مريما الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي*كارلوس مانويل رودريغيز الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة مرفق البيئة العالمية.
سنراقب عن كثب تنفيذ بنوك التنمية العامة لتطوير مناهجها في الاستثمار وإدارة المخاطر