قال تقرير أسواق النقد الصادر عن بنك الكويت الوطني، إن الدولار الأميركي شهد ارتفاعاً هامشياً الأسبوع الماضي، إذ تفاعلت الأسواق مع التطورات التي جمعت بين أنباء فوز جو بايدن في سباق الانتخابات الأميركية وإمكانية التوصل للقاح فعال ضد فيروس كوفيد- 19، وكان الدولار قد تراجع بعد الانتخابات نتيجة للتوقعات التي تشير إلى أن إدارة بايدن ستكون أقل دعماً للدولار الأميركي مقارنة بسياسات الرئيس دونالد ترامب.

وحسب التقرير، استقبلت الأسواق فيما بعد خبرين ساعدا في أن يشهد الدولار تصحيحاً طفيفاً. الأول، ما أشارت إليه البيانات الحالية إلى عدم نجاح الحزب الديمقراطي في انتزاع أغلبية مقاعد مجلس الشيوخ مما يقلل من قدرة بايدن على تغيير السياسات بما في ذلك حجم حزمة التحفيز المالي الإضافية. الثاني، عدم تسلم إدارة بايدن بعد زمام الأمور، وهناك من يشكك في عملية تسليم مقاليد السلطة من الرئيس ترامب. وبصفة رئيسية، لا تتوقع الأسواق حدوث تغييرات جوهرية في السياسات الأميركية حتى الربع الأول من العام المقبل.

Ad

وفي سياق حديثه أثناء منتدى البنك المركزي الأوروبي، حاول رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول تهدئة توقعات الأسواق من خلال التأكيد على صانعي السياسة النقدية بأن يهتموا بمراقبة الأوضاع في الوقت الحالي بدلاً من التطلع إلى الإدارة المقبلة.

وكانت رسالته واضحة وأكدت أن الأوضاع في المدى القريب ستظل «صعبة» والتطورات المعاكسة ستظل مرتفعة نتيجة للجائحة مما يعني الحاجة إلى المزيد من السياسات المالية والنقدية التي تدعم الاقتصاد. وفي ظل قيام مجلس الشيوخ الأميركي باتخاذ إجراءات غير كافية، سوف يقع العبء مرة أخرى على عاتق الاحتياطي الفدرالي للقيام بما يلزم. واختتم باول كلمته قائلاً: «سيحتاج الاحتياطي الفدرالي إلى القيام بالمزيد».

و شهد الدولار الأميركي بعض الدعم في ظل ضعف عملتي الملاذ الآمن، الين الياباني والفرنك السويسري، وذلك بعد ظهور أنباء متفائلة عن فعالية تجارب لقاح ضد كوفيد - 19.

إذ صرحت شركة الأدوية الأميركية فايزر أن النتائج الأولية للقاح أظهرت فعالية تزيد عن 90 في المئة.

وتخطت تلك النتائج توقعات الخبراء التي اشارت إلى تحقيق اللقاحات السابقة لفعالية بنسبة 60-70 في المئة.

وساهمت التطورات الإيجابية في تعزيز إمكانية العودة إلى الحياة الطبيعية خلال العام المقبل، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تسريع وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي.

التضخم الأميركي

لم يشهد معدل التضخم في الولايات المتحدة أي تغيير يذكر في أكتوبر، مخالفاً بذلك التوقعات التي أشارت إلى ارتفاعه هامشياً. إذ أظهرت البيانات الصادرة عن وزارة العمل تسجيل مؤشر أسعار المستهلك 0 في المئة بعد الارتفاع 0.2 في المئة في سبتمبر.

ومقارنة بأداء العام السابق، فقد ارتفع المؤشر بنسبة 1.2 في المئة مقابل 1.4 في المئة في الشهر السابق.

كما لم يتغير المؤشر الأساسي، الذي يستثني تكاليف المواد الغذائية والطاقة التي تتسم بالتذبذب، عن مستويات الشهر السابق واستقرت عند مستوى 0 في المئة، مرتفعة بنسبة 1.6 في المئة عن مستويات العام السابق.

وأشارت البيانات أن التضخم ما يزال ضعيفاً حيث يستمر تأثير الجائحة على الطلب في بعض الانشطة الاقتصادية.

وعلى الرغم من استقرار معدل التضخم في ظل تعافي الاقتصاد الأميركي في الربع الثالث من العام الحالي، إلا ان مخاطر تسارع وتيرة النمو على نطاق واسع تظل منخفضة نظراً لضعف نشاط قطاع الخدمات.

ومع تراجع معدل التضخم واستمرار ارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين الأميركيين، قد تأتي خطوات الاحتياطي الفدرالي أسرع مما كان متوقعاً عقب التصريحات التي أدلى بها جيروم باول أخيراً على هامش منتدى البنك المركزي الأوروبي.

تراجع إمكانية تطبيق الفائدة السلبية

اتخذ الجنيه الإسترليني مساراً متذبذباً مقارنة بالارتفاع الهامشي الذي شهده الدولار الأميركي خلال الأسبوع الماضي. إذ أثرت توقعات تطبيق بنك إنكلترا لسياسات أسعار الفائدة السلبية على سلوك المتداولين خلال الأسابيع القليلة الماضية.

لكن تلك الاحتمالات قد تراجعت فيما يبدو أن بنك إنكلترا متردداً في اتباع سياسة معدلات الفائدة السلبية خصوصاً وسط الدور الذي لعبته أنباء فعالية اللقاح في تعزيز آمال التعافي الاقتصادي.

وفي واقع الأمر، قال أندرو بيلي محافظ بنك إنكلترا أخيراً لمجلس اللوردات البريطاني أن البنك ما يزال غير قادراً على تطبيق أسعار الفائدة السلبية.

وما يزال الاقتصاد البريطاني يواجه مأزقاً شديداً يجب تخطيه بمجرد وصول اللقاح. إذ ظل الاقتصاد البريطاني منكمشاً بنسبة 10 في المئة تقريبا بنهاية الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بنهاية العام 2019. ويأتي ذلك على الرغم من تسجيل نمو قياسي بنسبة 15.5 في المئة في الربع الثالث.

وأظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الشهرية أن اقتصاد المملكة المتحدة بدأ يفقد بالفعل بعض الزخم في سبتمبر، ومن المتوقع أن تتباطأ وتيرة النمو الاقتصادي بشدة خلال الشهر الحالي بعد أن قررت الحكومة إعادة فرض الإغلاق العام حتى الثاني من ديسمبر على الأقل.

انفصال المملكة المتحدة

ما يزال انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي من أبرز النقاط الرئيسية المؤثرة في أداء الجنيه الإسترليني. وحتى الآن لم تشهد المحادثات التجارية أي تقدم يذكر، إذ حذر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، ميشيل بارنييه، من استمرار وجود «اختلافات خطيرة» بشأن قواعد الصيد والمنافسة.

وأثر ذلك سلباً على التوقعات المتعلقة بالتوصل إلى اتفاقية تجارية في وقت سابق من الشهر الحالي. لكن على الرغم من ذلك، من الممكن أن تكون المحادثات التجارية قد تم تأجيلها حتى تتضح الرؤية بشأن نتيجة الانتخابات الأميركية.

وقد يؤدي فوز بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية إلى تقليل جاذبية انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، وذلك في الوقت الذي سوف تتجه فيه الحكومة البريطانية إلى تعقيد اجراء صفقة تجارية سريعة المسار بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة مقارنة بالتعامل مع إدارة ترامب الحالية.

لذا قد تتعرض المملكة المتحدة لبعض الضغوط لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية التجارية مع الاتحاد الأوروبي قبل نهاية العام الحالي. كما قد يؤدي هذا الاحتمال إلى الحد من المخاطر الحالية التي تضغط على الجنيه الإسترليني.