بعد أسبوعين من إطلاق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حملة عسكرية ضد سلطات الإقليم الشمالي المتاخم لحدود إريتريا والسودان، سيطرت قوات حكومة إثيوبيا الاتحادية على بلدة ثانية في إقليم تيغراي، أمس.وقالت قوة المهام الطارئة لحكومة أديس أبابا إن «القوات الإثيوبية حررت بلدة ألاماتا، واتهمت قادة حركة تحرير شعب تيغراي بأنهم أخذوا معهم 10 آلاف أسير وسجين من المدينة أثناء فرارهم»، دون أن توضح من أين أخذوهم.
ولم يصدر تعليق فوري من زعماء «جبهة تيغراي» على الأحداث في ألاماتا، وهي بلدة قريبة من الحدود مع إقليم أمهرة، الداعم للحكومة الاتحادية، وعلى بعد 120 كيلومترا من ميكيلي عاصمة تيغراي.
فشل واتهام
من جهته، حث زعيم «جبهة تيغراي» (حاكم الإقليم المعزول) دبرصيون جبراميكائيل، الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي على إدانة «الاعتداءات الفظيعة للقوات الإثيوبية الاتحادية»، وسط تقارير عن وقوع انتهاكات عرقية ترقى إلى جرائم الحرب.وأكد جبراميكائيل أن قوات حكومة آبي أحمد، المنحدر من عرقية أرومو الأكبر في البلاد، تستخدم أسلحة متطورة، منها طائرات مسيرة في هجمات قال إنها «هدمت سداً ومصنعا للسكر».وقال إن «آبي يشن الحرب على شعب تيغراي، وهو المسؤول عن المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب وتدمير مشروعات كبيرة للبنية الأساسية».وأضاف: «لسنا من بدأ هذا الصراع، ومن الحتمي أن آبي أحمد شن الحرب كمحاولة لتعزيز نفوذه الشخصي»، وحذر من أن تتحول إثيوبيا إلى دولة فاشلة أو أن تتفكك.وجدد جبراميكائيل اتهامه سلطات إريتريا بإرسال دبابات وقوات بالآلاف إلى داخل إقليم تيغراي، رغم نفي أسمرة أن تكون طرفاً في الصراع الدائر بالإقليم الإثيوبي.وكان آبي أحمد أعلن الحرب على «جبهة تيغراي»، إثر خلافات بين حكومته وحكومة الإقليم حول موعد إجراء الانتخابات العامة، والتي قامت حكومته بتأخيرها لمدة عام بسبب وباء كورونا.وتسبب النزاع في إقليم تيغراي بنزوح الآلاف من منازلهم، وأبلغ السودان أنه استقبل نحو 25 ألف لاجئ من إثيوبيا، وفقا لمدير إدارة اللاجئين بولاية كسلا.وساطة ورفض
في هذه الأثناء، تعثرت محاولة أوغندية لإطلاق وساطة بين فرقاء إثيوبيا، أمس.وقال الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني إنه التقى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي الجديد ديميكي ميكونين، ودعا إلى إجراء مفاوضات لوقف الصراع في منطقة تيغراي.وبعد تقارير غير مؤكدة عن أن أوغندا ربما تلعب دور الوسيط، كتب موسيفيني على «تويتر»: «الحرب في إثيوبيا ستشوه صورة قارة إفريقيا بأكملها. يجب أن تكون هناك مفاوضات، وأن يتوقف الصراع خشية أن يؤدي ذلك إلى خسائر لا داعي لها في الأرواح وشل الاقتصاد». وبعد «التغريدة» سارعت الحكومة الاتحادية في أديس أبابا إلى نفي بدء جهود للوساطة في أوغندا.ورفض المجلس الفدرالي الإثيوبي التفاوض مع «جبهة تحرير شعب تيغراي». وقال المجلس الفدرالي، وهو الغرفة الثانية للبرلمان، إن التفاوض مع «الجبهة» خرق للدستور. ونفت لجنة الطوارئ التابعة لحكومة أديس أبابا عقد أي لقاء مع الجبهة، وقالت إن الأخبار التي نُشرت عن لقاء مرتقب بين الحكومة و»جبهة تيغراي» في أوغندا لا أساس لها من الصحة.وأكدت اللجنة أن الحكومة ملتزمة بفرض سيادة القانون في الإقليم، وفقا للإجراءات التي اتخذتها.واشنطن وموسكو
وبعد يوم من تمدد الصراع الإثيوبي ليطال إريتريا التي اتهمتها «جبهة تيغراي» بإرسال قوات وعتاد لدعم حملة أديس أبابا، عبر الحدود، وقصفت عاصمتها أمس الأول، ندّد الدبلوماسي المعني بشؤون إفريقيا في وزارة الخارجية الأميركية، تيبور ناجي، بالهجمات التي شنتها قوات تيغراي على مطار أسمرة الإريتري، واصفاً إياها بأنها «جهود لتدويل الصراع».في السياق، وجهت الخارجية الروسية، رسالة إلى إثيوبيا، بعد احتدام الصراع بين الحكومة الفيدرالية و«تيغراي».وأعلن المبعوث الرئاسي الروسي الخاص للشرق الأوسط وإفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، أن موسكو تدعو أطراف النزاع إلى ضبط النفس، وتأمل أن تجد السلطات «أساليب مناسبة» للعمل مع منطقة تيغراي لضمان السلم الأهلي في البلاد. وقال بوغدانوف إن بلاده تتواصل مع سلطات إثيوبيا التي تربطنا بها «علاقات ودية طويلة الأمد».وأضاف: «نأمل أن يتم حل كل المشاكل، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الحفاظ على الاستقرار وسلامة الأراضي ووحدة إثيوبيا، هذا البلد المتعدد القوميات والمتعدد الطوائف».