أكدت محكمة التمييز في حيثيات حكمها لتعويض احد التجار بمبلغ 4 آلاف دينار كويتي بدلا من 300 دينار، أن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالمخالفة بأن الاضرار الأدبية والمعنوية التي أصابته هي أضرار جسيمة ستظل في ذاكرته مهما طال الزمن، اذ إنه أب وزوج ولديه ذرية صالحة وهو بمثابة القدوة لهم، وأنه من الأشخاص العامة وتاجر عقارات ومن قبيلة لها سمعتها الطيبة، وأن ما أتاه المطعون ضده من فعل قد أساء إليه وإلى أفراد أسرته وإلى سمعته بين أهله وعقيدته.
الأضرار
وتابعت أن ذلك أثر عليه نفسياً بين زملائه التجار، وعزوف التجار عن التعامل معه، والراغبين في الاستئجار عن التعامل معه، وهو ما يجعل الألم المعنوي الذي أصابه جسيما، الا ان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقدر التعويض عن الاضرار الأدبية التي لحقت به بمبلغ 300 دينار، وهو ما لا يتناسب مع ما أصابه من أضرار أدبية، فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.وقالت إن هذا النعي في محله، ذلك انه من المستقر في قضاء هذه المحكمة- أن الضرر الأدبي لا يعيب المضرور في أمواله، وانما في معنوياته، فلا يترتب عليه خسارة مالية مباشرة وإنما خسارة أدبية نتيجة المساس بمعنوياته المختلفة، وقد يتحقق الضرر الأدبي استقلالا نتيجة الاعتداء المباشر على معنويات الأفراد كالقذف والسب وايذاء السمعة بالنسبة للأشخاص الطبيعيين، وكذلك المساس بالعاطفة والشعور لدى الانسان، كما يتحقق بالاعتداء على الحقوق الشخصية اللصيقة بشخص الإنسان والتي تتميز بقيمتها الأدبية غير المادية.اسراف
وأكدت أنه لما كان من المقرر أنه يكفي في تقدير التعويض عن الضرر الأدبي أن يكون بالقدر الذي يواسي المضرور بغير غلو ولا إسراف في التقدير، كما انه وإن كان تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أنه لابد ان يتناسب التعويض مع الضرر، لأن الغاية من التعويض هو جبر الضرر جبرا متكافئا زائدا عليه، ويراعي القاضي في تقدير التعويض الظروف الشخصية للمضرور فيكون محلاً لاعتبار حالته الصحية والجسمية وجنسه وسنه وحالته الاجتماعية، وكل ظروف من شأنها أن تؤثر في مقدار ما لحقه من ضرر يستوي أدبيا.تقدير
وذكرت أنه يجب على المحكمة مراعاة التقدير في التعويض عن الضرر الأدبي للمضرور ألا يؤدي بسبب ضآلته الى زيادة آلامه فتسيء اليه، وان تلتزم في تقديرها مدى ما أصاب المضرور من قهر وألم وأسى مؤدياً لمواساته لا لزيادة آلامه، وان يحقق التعويض النتيجة المستهدفة منه.معايير
وقالت إن من المقرر ان تقدير التعويض الأدبي متى ما قامت اسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في شأنه من سلطة محكمة الموضوع متى اعتمد في تقديره على اسس سليمة، وبالقدر الذي يواسي المفردة ويكفل رد اعتباره، وبما يراه القاضي مناسباً في هذا الخصوص تبعاً لما يتبين من الظروف وواقع الحال في الدعوى.وتابعت، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه المعدل للحكم الابتدائي قد قضى بتخفيض مبلغ التعويض عن الضرر الادبي الذي لحق بالطاعن جراء ما أصابه من ضرر في سمعته بين أهله وعشيرته، وأثر عليه نفسياً بين زملائه التجار وعزوف البعض عن التعامل معه في تجارته، وهو ما يجعل الألم المعنوي الذي أصابه جسيما بالنظر لظروف الدعوى وملابساتها، وكان التقدير من الحكم المطعون فيه ينطوي على تقتير في التعويض يتنافى مع الغاية من اضرار التعويض وهو جبر الضرر الذي لحق بالطاعن، والمتمثل كذلك فيما ألم به من حزن وأسى، فإن تخفيض مبلغ التعويض على هذا النحو - ليس من شأنه مواساة المضرور، انما زيادة في ألمه بسبب ضآلته- ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد قدر التعويض الأدبي ضئيلاً عن جبر الضرر جبراً متكافئا مما يعيبه ويستوجب تمييزه تمييزاً في هذا الخصوص.ولفتت المحكمة إلى أن موضوع الاستئناف وبخصوص ما ميز من الحكم المطعون فيه عن التعويض عن الضرر الادبي، ولما تقدم فلما كان من المقرر- ان المحكمة المطلوب إليها القضاء بالتعويض المؤقت ان تقضي بتعويض نهائي إذا ما ثبت ان الضرر قد استقر نهائياً - ومن ثم فإن هذه المحكمة تقدر مبلغ أربعة آلاف دينار تعويضا عن الضرر الأدبي تعويضاً نهائياً.وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وقضى بالتعويض الأدبي للمستأنف هذا النظر وقضى بالتعويض الادبي للمستأنف بمبلغ ألفي دينار، فإن المحكمة تقضي بتعديله بإلزام المستأنف ضده في ذات الاستئناف بأن يؤدي إلى المستأنف مبلغ أربعة آلاف دينار تعويضاً عن الضرر الأدبي.