الشيكات والصفة المفقودة
سَنَّ المشرع الكويتي في قانون الجزاء ابتداء مجموعة من الضوابط التي من شأنها تجريم الشيكات من دون مقابل لها، وعاد لتنظيمها مرة أخرى من خلال تخفيض عقوبتها، ووضع أسباباً جديدة للإباحة في هذه الجريمة، وبناءً على هذا التخفيض جعل اختصاصها ينعقد إلى محكمة الجنح بدلاً من الجنايات، ورغم ذلك يبقى هناك قصور تشريعي في معالجة هذه الجريمة.لا نناقش اليوم فكرة اعتبار الشيك ورقة تجارية مجردة من الحماية الجنائية، فهي لها بحثها الخاص الذي له وجاهته في الرأي، ولكن نناقش بعض القصور الذي نشاهده يومياً في قضايا الشيكات والناتج عن عجز النصوص الحالية في معالجته، مما أدى إلى تخمة النزلاء في السجون بسبب هذه القضايا.
استقرار المبادئ القانونية في المحاكم على تجريم الشيك لمجرد توقيعه دون النظر لكثير من الاعتبارات الخارجة عن أسباب الإباحة الواردة في نص المادة 237 والمعدل عليها في قانون 84 لسنة 2003، ومثال ذلك توقيع الممثل القانوني للشركات على الشيكات والتي قد صدرها لاعتبارات تجارية وبسبب صفته في هذه الشركات.فالممثل القانوني لشركة ما يقوم بتحرير الشيكات لمعاملات تجارية بالأجل وقبل موعد استحقاقها تتغير صفته بالشركة، وبناء على هذا التغيير يفقد محرر الشيك قدرته وسيطرته على حسابات الشركة، وبالتالي يصبح الممثل الجديد للشركة مسؤولاً عنها وعن حساباتها البنكية وهو القادر على أداء المبالغ المحررة في الشيكات التي تصدرها الشركة، وهو كذلك قادر على الامتناع عن ذلك.فلا يستقيم أن يحاسب الشخص بصفته التي أصدر بها الشيك، ويمتد عقابه عنها حتى بعد زوال الصفة عنه قبل استحقاق قيمة المبلغ أو أن يقوم بدفع تلك المبالغ من حسابه الشخصي والرجوع عليه شخصياً بها رغم أنه أصدرها بصفته ممثلاً قانونياً عن الشركة والتي يفترض أن يحاسب بها ممثلها القانوني الجديد أو إيجاد صيغة مناسبة تعالج هذه الثغرة التي يمكن للشركاء التضحية بالممثل القانوني للشركة من أجل التملص من المديونية الجنائية.هذه الثغرة وغيرها من الثغرات تدعونا إلى مراجعة شاملة لبعض النصوص القانونية التي جعلت القضاء يستقر عليها بسبب قصورها، وكذلك التشخيص الدائم لأوجه القصور التي تطرأ عن الواقع العملي للنصوص القانونية والتي يفترض مراقبتها وتقديم ما يفيد ذلك من قبل الجهات القضائية التي يقع الاختصاص تحت أيديها بالتعاون مع الزملاء المحامين وهو دورهم في إظهار ذلك القصور التشريعي لمعالجة النصوص.