مرافعة : إنه لقسم عظيم!
![حسين العبدالله](https://www.aljarida.com/uploads/authors/233_1678300581.jpg)
بينما المشهد الثاني كان في قضية محاكمة المتهمين فيما يسمى بخلية عريفجان، عندما تم إحضار مجموعة من الشبان المتهمين في القضية، بمعية رجال القوات الخاصة الملثمين، فطلب منهم حينها رئيس الدائرة المستشار هشام عبدالله فك قيودهم والاكتفاء بتواجد حرس القاعات، ووجَّه حديثه للشبان بأنكم أمام محكمة، ولن ينالكم أذى، فبدا بعضهم بإظهار آثار الضرب على جسده، وآخر يعرض آثار كسر إحدى ذراعيه، وقرروا أن الاعترافات التي أدلوا بها أمام النيابة جاءت نتيجة إكراه ووعيد من قبل رجال الأمن الذين يقومون بنقلهم، وقضت المحكمة ببراءتهم، بعدما أجرت التحقيقات معهم بنفسها، وقررت بعدم اطمئنانها لأقوالهم أمام النيابة، وقد تأيد حكم براءتهم لغاية محكمة التمييز.فيما المشهد الأخير، ما ظهر من رئيس الجنايات في المحكمة الكلية المستشار نايف الداهوم، عندما قام بالنطق بالعديد من الأحكام القضائية بجلسته المعتادة بحق عدد من المتهمين، وكانت أغلبها أحكام بالبراءة لمتهمين محبوسين، وقرر أنه رغم تلقيه نبأ وفاة والده، رحمه الله، قبل بدء هذه الجلسة، لكنه أبى إلا أن يُكملها، ويستمر بعقدها، ويُصدر أحكاماً لمتهمين بين البراءة والإدانة في ميعادها، إعلاءً للحق والعدل، في موقف يملؤه الألم والحزن على فراق والده، وبذات الوقت إحساس بتحمُّل مسؤولية تحقيق العدالة في موعدها، ومن دون تأجيل، رغم المصاب الجلل.تلك المشاهد وغيرها مما لا يتسع المجال لذكرها تكشف عن وجود قضاة مخلصين في أداء رسالة العدل والحق، ومهما سطرت أحكامهم بمضامين الإدانة أو البراءة، فهي تعبِّر عن معاناة داخلية يمرون بها أساسها المسؤولية والخشية من إيقاع الظلم تجاه من سلموا أموالهم وأنفسهم إلى منصاتهم، ولا يردهم بذلك إلا مخافة الله، وبراً بما أدوه من قسم عظيم.