رغم أن «ميثاق الشرف» يكون حاضراً في كل انتخابات برلمانية، فإن حضوره تزايد في انتخابات مجلس أمة 2020 بشكل لافت للنظر، وبدا مختلفاً سواء من حيث العدد أو المضمون، وهو ما يضع المرشح في حرج كبير وبين خيارين أحلاهما مر، إما رفضه، وبذلك يفتح عليه «باب جهنم» من قبل القائمين عليه، أو توقيعه والتعهد بأمور قد تكون خارجة عن إرادته.ومن ميثاق «التعاون» إلى «النفط» مروراً بالمعلمين، ووصولاً إلى العاملين في وزارة الكهرباء والنفط، وكلها مطالب فئوية تخص شرائح معينة، انتشرت رسائل المرشحين وتوثيق لحظة توقيعها في مواقع التواصل الاجتماعي، رغم ما تضمنته من تعهدات غير منطقية، تضعهم في حرج كبير إذا فازوا في الانتخابات.
الأمثلة كثيرة على التعهدات غير المنطقية التي وردت في وثائق شرف 2020، فعلى سبيل المثال وبموجب وثيقة مدينة جنوب سعد العبدالله، سيكون النائب الذي وقع تلك الوثيقة أمام استحقاق انتخابي باستجواب وزير الإسكان خلال 6 أشهر، إذا لم يتم البدء بالمشروع، وهو ما سيضعف استجوابه في حال مناقشته، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات عما إذا كانت القضية الإسكانية تُحل من خلال سؤال واستجواب كما ورد في الوثيقة، وهل سيقدم النائب الاستجواب فقط من باب «أوفوا بالعهد»؟ وماذا بعده؟ وهل المطلوب رأس الوزير أم حل القضية؟مثال آخر على تلك التعهدات تجده في ميثاق اتحاد عمال البترول، الذي تضمن بنداً خطيراً وهو «معارضة ومنع صدور أي تشريعات تؤدي إلى خصخصة القطاع النفطي أو تطبيق البديل الاستراتيجي»، فقد يكون مفهوماً هنا موضوع المعارضة بالتصويت برفض أي قانون يؤدي إلى الخصخصة أو تطبيق البديل الاستراتيجي، لكن غير المفهوم هو «المنع»، إذ كيف سيمنع النائب الذي وقع «ميثاق الشرف» صدور قانون مثل هذا في حال توفر الأغلبية اللازمة لتمريره؟ هل سيفسخ عقاله مثلاً ويمنع التصويت عليه بالقوة؟ أم ماذا؟
وانتشر ميثاق شرف آخر دون تحديد الجهة القائمة عليه، وهو ميثاق التعهد باعتماد قانون جمعية المحامين لحل قضية البدون، وحشد أكبر عدد من أصوات النواب لإقراره، وكان لافتاً ما ورد به من التعهد «بالتصدي لأي قانون لا يراعي مبادئ قانون المحامين»، إذ لم يقل «لا يراعي مبادئ حقوق الإنسان»، بل اعتبر قانون المحامين مسطرة التشريع في هذه القضية التي تمس الهوية الوطنية.ميثاق الشرف الصحيح الذي لا يحتاج إلى توقيع هو الالتزام بنص القسم الدستوري، الذي ورد في المادة 91 من الدستور، والذي يؤديه النائب قبل ممارسة أعماله في الجلسة الافتتاحية للفصل التشريعي: «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن وللأمير، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق»، ومنه سيؤدي النائب أعماله بالأمانة والصدق ووفقاً لما تقتضيه مصلحة البلاد والعباد.