"علم أولادك وأولادي ماذا تعني شالي غالي".. بهذه الكلمات تغنت فتيات يرتدين الزي المحلي أثناء افتتاح قلعة شالي بعد ترميمها، المعلم الأبرز في واحة سيوة بصحراء مصر الغربية على بعد 750 كيلومتراً عن القاهرة.

شيدت قلعة شالي (التي تعني "في بلدنا" باللغة السيوية) في القرن الثالث عشر على يد السكان البربر الذين استقروا في الواحة لمواجهة غزوات البدو.

Ad

وبنيت القلعة من "الكرشيف" وهو خليط من الطين والملح والحجر يعد عازلاً طبيعياً في منطقة ذات مناخ قاس. لكن مبانيها تدهورت بعد سيول شهدتها سيوة في عام 1926.

مشروع الترميم

واستهدف مشروع الترميم، الذي بدأ في عام 2018، تحويل سيوة إلى منطقة جذب "للسياحة البيئية"، بسحب بيان أصدرته وزارة السياحة والمانحين الأسبوع الماضي أثناء الافتتاح. وقام الاتحاد الأوروبي بتمويل ترميم القلعة الذي كلف 540 ألف يورو (قرابة 640 ألف دولار) ونفذته شركة مصرية تحت رعاية الحكومة المصرية.

وظلت الواحة معزولة عقوداً طويلة ولم تبدأ في استقبال سياح إلا في ثمانينيات القرن الماضي بعد إنشاء طريق ربطها بمدينة مرسى مطروح في شمال غرب مصر، على البحر المتوسط.

وتتميز الواحة بأشجار النخيل الكثيفة وبحيرات الملح وأطلال آثار قديمة ولذلك تشكل نموذجاً لسياحة بديلة مختلفة عن المنتجعات السياحية على البحر الأحمر والرحلات النيلية بين الأقصر وأسوان التي تجتذب السياحة الكثيفة.

في عام 2017، أعلن محافظ مرسى مطروح، الذي تتبعه واحة سيوة إدارياً، أنه يريد أن يجعل منها "مقصداً للسياحة العلاجية والبيئية".

وتراهن كل الفنادق في سيوة على احترام البيئة وتتميز بالحدائق الثرية وبالواجهات المغطاة بالكرشيف.

لكن سيوة التي تقع على بعد 50 كيلومتراً من حدود مصر الغربية مع ليبيا التي تشهد حرباً أهلية، عانت منذ 2011 جراء الاضطرابات الأمنية في المناطق القريبة منها وكذلك من أزمة فيروس كورونا المستجد، مما أدى إلى تراجع كبير للسياحة الوافدة إليها.

السياحة المحلية

وبحسب مهدي الحويطي مدير مكتب السياحة المحلي، فإن عدد السائحين الأجانب انخفض من 20 ألفاً عام 2010 إلى 3 آلاف وهو تراجع لا تعوضه تماماً السياحة المحلية.

ويقول آدم أبو القاسم الذي يبيع تذكارات يدوية الصنع عند مدخل القلعة، إن "مشروع الترميم سيفيدنا بالطبع لأنه سيأتي بالسياح".

وإضافة إلى إعادة بناء جزء من الممرات والأسوار، فإن ترميم القلعة تضمن تخصيص جزء من المكان ليتمكن حرفيو سيوة من عرض منتجاتهم وصمم ليحاكي شكل الأسواق التقليدية في الواحة.

وتشرح إيناس المدرّس المسؤولة عن مشروع الترميم "الهدف هو إعادة أهل سيوة إلى جذورهم مع خلق فرص عمل لهم".

وتعتبر المدرس استخدام الكرشيف في الترميم نموذجاً للتنمية المستدامة، موضحة أنه تم تصنيعه "من مواد عثر عليها داخل القلعة قبل تنظيفها وترميمها".

وكان أهل سيوة تخلوا عن استخدام هذه الخامة القديمة وفضلوا الأسمنت والجبس الأبيض اللذين يهيمنان الآن على مباني الواحة التي يبلغ عدد سكانها قرابة 31 ألف نسمة.

غير أن البعض يأخذون على مشروع الترميم أنه بعيد عن أولويات الأهالي.

ويقول الحويطي "لا يذهب أهالي سيوة إلى القلعة وهم مهتمون بها لكن كمشهد جميل فقط".

ويضيف أن "هناك أولويات أخرى مثل الطرق المتدهورة منذ 15 عاماً ومشكلة الصرف الزراعي" التي تهدد أشجار الزيتون ونخيل البلح، وهما موردان أساسيان للرزق في سيوة.

من جهته، يعرب وزير السياحة والآثار خالد العناني عن فخره بهذا المشروع "الأساسي"، لكنه يقر بالحاجة الملحة الى ربط سيوة بباقي العالم.

وقال العناني للصحافيين "إننا بحاجة إلى العمل على البنية التحتية في المنطقة وخصوصاً الطرق والمطار".

ويبلغ طول الطريق من مدينة مرسى مطروح إلى سيوة 305 كيلومترات، لكنه في حال سيئ "مما يؤدى إلى الكثير من حوادث السير التي راح ضحيتها العديد من شباب" الواحة، وفق الحويطي.

أما مطار سيوة فاستخدامه مقصور على العسكريين.

ويختم الحويطي بالقول: "لم تكن القلعة معرضة للانهيار وفي رأيي كان من الأفضل تركها كما هي كأثر... كانت أطلال لها تاريخ".