الحملة الثقافية الأولى وقلعة مسلمان
![فالح بن حجري](https://www.aljarida.com/uploads/authors/613_1685039147.jpg)
صفق الحضور مرحى مرحى مرحى يسقط الإرهاب الفئراني المسلماني، تنحنح شيخ آخر يجلس وسط دائرة المؤتمر وعدل جلسته، ثم قال يا سادة الأسطول وعبيد أمواج الارتزاق: لن نخترق هذه الأسوار أبدا من الخارج، فاسمعوا وعوا لا بد من إرسال بعضنا للقلعة ومحاولة كسب ثقة أهلها، وبعدها سيصعد هؤلاء المندسون الدهاة ويقفون جنبا إلى جنب مع حماة الأسوار، وسيضعفون دفاعاتها من الداخل، ويسهلون علينا إيجاد الثغرات واستغلالها... مرحى مرحى مرحى صاح الجميع: عاش المندس عاش. كح شيخ آخر فوجه الخاسرون أنظارهم إليه، فقدر ثم عبس وبسر، وقال يا إخوة السم الناقع في عسل الحداثة، لو عبرنا فقط السور المشرقي المسمى سور الحديث فلن يطول الوقت حتى نصل إلى قلب القلعة، هذا السور تكسرت عليه أقسى هجماتنا، سأله رجل من بعيد: وكيف نعبره، وكيف السبيل إليه، وأنت تعرف صلابته وارتفاعه؟ قال الشيخ: سنضعفه يا أخياه إن قللنا من أهميته بين حراسه، ونشرنا أقاويل عبر جواسيسنا بالداخل بأن تكلفة السور المشرقي باهظة ولا يستحقها، ولا بد من الاهتمام بقلعة الآيات بالداخل بدون الاعتماد على حراسته، فبذلك ننزع اللحاء عن شجرتهم، ونتركها بدون حماية! مرحى مرحى مرحى صاح الحضور، ورفعت كؤوس الراح عاليا. في الصباح تحركت كتائب الحملة الثقافية الأولى نحو القلعة، وحسب الخطة الموضوعة، فرقة هاجمت الأسوار كالعادة، موجات وراء موجات تهدر في البداية، ثم ترغي وترتد خائبة كل مرة، وفرقة صغيرة انسلت كالثعالب للداخل، وبدأت تمارس دورها المرصود، وفرقة انتشرت في الأسواق وهي تصرخ وتصيح: ما لنا بهذا السور المشرقي ذي الأبراج الستة، اتركوه اتركوه يسقط، ولنركز على قلعتنا كي نرتاح من همه. ثار الغبار ونفثت نيران الشهوات دخان هواها، وتعالت الصيحات من الجانبين صوت يحصن سوره، وصوت يحتضن حقده، وهمهمت الآهات وتوالت الهجمات وما زالت القلعة صامدة وما زالت المعركة… مستمرة!