وسط ضغوط دولية متزايدة لإنهاء النزاع الذي يثير قلق دول شرق إفريقيا وغيرها، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن العملية العسكرية الجارية، منذ أسبوعين، في محيط إقليم تيغراي المنشق ستدخل مرحلتها «النهائية»، ممهداً الطريق للهجوم على ميكيلي عاصمة الإقليم الذي يسكنه نحو 5 ملايين شخص قرب حدود إرتيريا والسودان. وكتب آبي على «فيسبوك» أمس: «مهلة الثلاثة أيام المعطاة للقوات الإقليمية وميليشيات تيغراي للانضمام إلى الجيش الفدرالي، بدلاً من البقاء ألعاباً بأيدي المجلس العسكري الجشع لجبهة تحرير شعب تيغراي، انتهت».
ورحّب رئيس الحكومة الاتحادية بالجنود الذين «استخدموا» المهلة، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وقال: «بما أن المهلة انتهت، العمليات النهائية لحفظ النظام ستُجرى في الأيام المقبلة».
ضربات وتجميد
وجاء تحذير رئيس الوزراء، المتحدر من عرقية الأورومو الأكبر في البلاد، بعد أن نفذت القوات الحكومية «عمليات جوية بالغة الدقة» خارج ميكيلي وتقدمت القوات البرية.وقالت لجنة الطوارئ الحكومية، إن الضربات استندت إلى «معلومات وردت عن أهداف معينة مهمة لجبهة تيغراي» التي تحكم الإقليم، مضيفة أنه لم تجر مهاجمة أهداف مدنية.ولم تذكر الحكومة متى وقع أحدث هجوم جوي خارج ميكيلي، لكن مصادر دبلوماسية وعسكرية أشارت إلى ان الغارات الجوية نُفذت في منتصف نهار أمس الأول.من جانب آخر، جمّدت أديس أبابا حسابات مصرفية لنحو 34 مؤسسة تابعة لـ «جبهة تيغراي».وذكرت أن «القرار شمل شركات مرتبطة بقطاعات الإنشاء والتجارة والهندسة والطباعة والكهرباء والنقل».صمود وقتال
في المقابل، أكد رئيس إقليم تيغراي دبرتسيون غبرميكائيل أن «حكومة وشعب تيغراي» سيصمدان، في إشارة إلى أن المعارك ستستمر.وقــــال «هـــــذه الحــملـــــة العسكريــــة لا يمكن أن تنتهي. مادام جيش الغزاة موجودا على أرضنا، المعركة ستستمر. لا يمكنهم إسكاتنا بالقوة». وأكد غبرميكائيل أن ضربة جوية استهدفت ميكيلي عاصمة الإقليم، «متسببةً في مقتل وجرح مدنيين».وفي حين يؤكد الجيش الفدرالي أنه يسيطر على غرب منطقة تيغراي حيث تركزت المعارك، وكذلك على بلدة ألاماتا في جنوب شرق المنطقة، توقع خبراء أن تسعى قوات «تحرير تيغراي» للصمود مع تقدم الجيش الاتحادي في المنطقة الجبلية باتجاه ميكيلي، وأن يكون القتال في المناطق المرتفعة أكثر شدة.«نوبل» وإجلاء
من جهة ثانية، قالت اللجنة التي منحت آبي أحمد جائزة نوبل للسلام إنها تشعر بالقلق الشديد إزاء الصراع الذي أودى بحياة المئات وسط اتهامات بارتكاب فظائع منذ شن رئيس الحكومة الاتحادية حملته.ودعت اللجنة، التي نادراً ما يكون لها موقف بشأن ما يفعله الفائزون بجوائزها بعد حصولهم عليها، جميع الأطراف الضالعة في الصراع إلى أن تنهي العنف المتصاعد وأن تحل الخلافات والصراعات بالوسائل السلمية.وحصل آبي على الجائزة في عام 2019 لأنه حقق السلام مع إريتريا بعد حرب مدمرة دارت رحاها بين عامي 1998 و2000 وتبعتها مواجهة استمرت طويلا على الحدود.من جهة أخرى، ذكرت خمسة مصادر دبلوماسية أن من المتوقع أن تصل قافلة من 4 حافلات وبضع سيارات تجلي 400 أجنبي من ميكيلي إلى العاصمة اليوم.ومارست الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وعدة دول أخرى ضغوطا من أجل إجراء محادثات، لكن آبي قاوم ذلك قائلاً إن الحكومة لن تتفاوض إلا بعد إعادة حكم القانون في تيغراي.وأرسل آبي، أمس الأول، وزير خارجيته إلى أوغندا وكينيا لتوضيح ما تصفه الحكومة بأنه صراع داخلي. وقال مسؤولون إثيوبيون، إن الزيارتين لا تعنيان بدء مفاوضات رغم تنامي المخاوف مع تمدد القتال إلى إقليم أمهرة المجاور، وقيام «جبهة تيغراي» بقصف عاصمة إريتريا واتهامها لها بدعم حملة أديس أبابا بالأفراد والسلاح على 16 جبهة.تحذير أممي
في هذه الأثناء، حذرت الأمم المتحدة، من اندلاع «أزمة إنسانية» كبيرة، بمنطقة الحدود بين إثيوبيا والسودان.وأفادت السلطات السودانية بأن عدد اللاجئين الإثيوبيين الذين وصلوا إلى ولايتي القضارف وكسلا حتى السبت، قد ارتفع إلى 24 ألفاً و944 لاجئا. وتوقع أن يرتفع العدد إلى ما بين 70 و100 ألف لاجئ بنهاية نوفمبر الجاري.ولاحقاً، أفادت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن قرابة 27 ألف إثيوبي فروا عبر الحدود إلى السودان، وأن العدد يزداد بواقع أربعة آلاف يومياً بالإضافة إلى رصد حركة نزوح داخلية كثيفة مع توارد روايات عن عمليات قصف وقتل.نفي حكومي
في السياق، نفت شركة الكهرباء الإثيوبية، اتهام «جبهة تيغراي» للحكومة الاتحادية بقصف سد تيكيزي مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عنه لاحقا. وقال مدير الاتصالات في شركة الكهرباء، موجس مكونن، إن المجلس العسكري في تيغراي نشر أخبارا لا أساس لها لاستخدامها كغطاء على هجومه المخطط على أفراد الشرطة الفدرالية أثناء أداء الخدمة.وأكد أنه على الرغم من «كل المعلومات المضللة التي ينشرها قادة الجبهة، لم يعد هناك ضرر على السد»، وبناء على ذلك، فإن السد الذي يحتوي على 9.3 مليارات لتر مكعب من المياه يعمل بشكل جيد مع تدفقه الطبيعي. وبحسب وكالة الأنباء الرسمية، استهدف هجوم «جبهة تيغراي» عناصر من الشرطة الفدرالية، الذين كانوا يقومون بواجب حماية السد، ولا يزال سد «تيكيزي» الذي يبلغ ارتفاعه 175 متراً قادراً على توليد 300 ميغاواط من الكهرباء.