قبل نهاية ولايته بشهرين ونيّف، استطلع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال اجتماع في المكتب البيضاوي رأي معاونيه، وبينهم نائبه مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الدفاع بالوكالة كريستوفر ميلر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي "إذا كانت لديه أي خيارات للتحرّك وضرب موقع نطنز النووي الرئيسي في إيران خلال الأسابيع المقبلة".

وفي تقرير أكده مسؤول أميركي رفيع، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأنّ ترامب طرح هذا السؤال على معاونيه غداة تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أفاد بأنّ طهران تواصل تكديس اليورانيوم المخصّب في موقع نطنز، مبينة أنّ مستشاريه وكبار المسؤولين في إدارته "أعطوه السيناريوهات المحتملة، وأقنعوه بعدم المضيّ قدماً في شنّ الضربة العسكرية" ضدّ طهران خوفاً من أن تؤدّي إلى نزاع واسع النطاق.

Ad

وشهدت العلاقات المقطوعة منذ أربعة عقود بين الولايات المتحدة وإيران زيادة في منسوب التوتر منذ تولي ترامب مهامه في 2017، ثم انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرضه عقوبات مشدّدة عليها، وصولاً إلى اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني بضربة جوية في بغداد مطلع العام الجاري.

ومن شأن أي ضربة على موقع إيراني أن تتحول إلى صراع إقليمي، وتشكل تحدياً خطيراً على السياسة الخارجية للرئيس المنتخب جو بايدن، الذي لم يعترف ترامب حتى الآن بفوزه.

وامتنع الفريق الانتقالي لبايدن، الذي لم يتسن له الوصول إلى معلومات الأمن القومي، بسبب رفض إدارة ترامب بدء المرحلة الانتقالية، عن التعليق.

تعذيب المنطقة

وفي حين أبدى بايدن نيّته "تغيير المسار" حيال إيران، شدد بومبيو على أن "الولايات المتحدة مازال لديها مزيد من العمل" في الأسابيع المقبلة، لتقليل قدرة إيران على "تعذيب الشرق الأوسط".

وقال بومبيو، لصحيفة "لوفيغارو"، "حرصنا على أن يكون لديهم أقل قدر ممكن من الدولارات (إيران) والموارد لبناء برنامجهم النووي، وسنواصل الضغط"، مؤكداً العزم على تشديد العقوبات بسبب سياسة "القمع السياسي" للنظام الإيراني ضد معارضيه.

وجاء في بيان نشرته الخارجية الأميركية، يوم الأحد، أن طهران حاولت، بعد المظاهرات التي شهدتها المدن الإيرانية قبل عام، "إخفاء أدلة أعمالها القمعية القاسية بواسطة الرقابة وأساليب الترهيب، وقطع خدمات الإنترنت".

وتابع بومبيو أن السلطات الإيرانية لاتزال ترفض إجراء تحقيقات مستقلة في أعمال القتل المرتكبة في تظاهرات العام الماضي، مضيفاً: "لكننا لن ننسى ضحايا النظام. وسنواصل مساهمتنا في محاسبة المسؤولين، وسنعلن إجراءات لاحقة بحق الضالعين في أعمال القمع، لتحقيق العدالة للشعب الإيراني الذي طالت معاناته أكثر من غيره من الاضطهاد".

وأعرب بومبيو عن أمله أن "تنضم جميع الدول لندائهم الموجه إلى النظام الإيراني الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي".

إيران

وفي إيران، حذر المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي من أي تحرك أميركي سيقابل برد ساحق، قائلاً: "أي عمل ضد الشعب الإيراني سيواجه بالتأكيد برد ساحق".

وأكد المتحدث باسم البعثة الدائمة لدى الأمم المتحدة علي رضا ميريوسفي أن إيران أثبتت قدرتها على استخدام قوتها العسكرية المشروعة، لمنع أو مواجهة أي مغامرة سوداء من أي معتد.

الانسحاب من العراق وأفغانستان

في غضون ذلك، نقلت شبكة CNN عن مسؤولين مطلعين أن إدارة ترامب ستصدر أوامر لوزارة الدفاع (البنتاغون) بسحب 2000 جندي من أفغانستان و500 من العراق، في خطوة ستعني أنّها ستبقي على كتيبة عسكرية واحدة في كلّ من البلدين قوامها 2500 جندي.

وأكدت الشبكة أن من المنتظر أن يصدر ترامب هذا الأسبوع أمراً بخفض القوات في البلدين، مشيرة إلى أنه يوجد حالياً 4500 جندي أميركي في أفغانستان، و3000 آخرون في العراق.

وأوضحت أن هذه الخطوة تتعارض مع توصيات القادة العسكريين الأميركيين الذين جادلوا منذ فترة طويلة بأن أي انسحابات إضافية من البلدين يجب أن تكون قائمة على شروط، وأن الوضع لا يستحق حالياً.

تشجيع الأعداء

ووجّه زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل تحذيراً شديد اللهجة إلى حليفه ترامب من مغبّة تسريع وتيرة الانسحاب من أفغانستان أو العراق، معتبراً أنّه "يمثّل تخلّياً عن الحلفاء ويسعد الأعداء ويشجع حركة طالبان على بسط نفوذها، كما سيعطي تنظيم "داعش" فرصة لإعادة تجميع صفوفه والقاعدة الضعيف والمشتّت انتصاراً دعائياً كبيراً جداً وملاذاً آمناً للتخطيط لهجمات على أميركا".

وقال ماكونيل، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، "تداعيات الانسحاب المبكر ربما ستكون أسوأ من الخروج من العراق عام 2011 خلال رئاسة (باراك) أوباما، ما أدّى إلى صعود تنظيم داعش"، مشيراً إلى أنه لا شيء تريده الجماعات المسلحة في أفغانستان أكثر من انسحاب "أقوى قوة خير في التاريخ العالمي".

وحذّر الحليف الوثيق لترامب من أنّ "مشهد تخلّي الجنود الأميركيين عن منشآتهم ومعدّاتهم سيبثّ في جميع أنحاء العالم على أنّه رمز لإذلال وهزيمة أميركيّين وانتصار للتطرّف".

وقبل أن يقيله ترامب الأسبوع الماضي، شدّد وزير الدفاع مارك إسبر على ضرورة بقاء 4500 جندي على الأقلّ في أفغانستان إلى أن تبرهن "طالبان" على التزامها الواقعي بتخفيض وتيرة العنف بموجب الاتفاق التاريخي، الذي أبرمته مع واشنطن في الدوحة في فبراير الماضي.

ولاحقاً، حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ من أن انسحاباً متسرعاً من أفغانستان سيكون "ثمنه باهظا جداً"، مشيراً إلى أنها "تواجه خطر التحول مجدداً لقاعدة لإرهابيين دوليين يخططون وينظمون هجمات في الغرب، وإمكانية إعلان داعش مجدداً خلافة الرعب التي خسرها في سورية والعراق".

تصنيف الحوثيين

في غضون ذلك، نقلت مجلة "فورين بوليسي" عن مصادر دبلوماسية أن إدارة ترامب تخطط لتصنيف جماعة "أنصار الله" الحوثية تنظيماً إرهابياً، معتبرة أن هذه الخطوة من شأنها تقويض جهود السلام بقيادة الأمم المتحدة بين الجماعة والحكومة اليمنية.

وبينما اعتبرت أن القرار الوشيك سيمنح بومبيو "انتصاراً آخر" في استراتيجيته المناهضة لإيران، أشارت "فورين بوليسي" إلى أن وزارة الدفاع وخبراء وزارة الخارجية يعارضون هذه الخطوة، فيما يقوم تحالف من الجمعيات الخيرية الدولية بإعداد بيان مشترك يستبق التصنيف، ويتوقع آثاراً شبيهة للمجاعة في الصومال، بعد أن صنفت الولايات المتحدة حركة الشباب جماعة إرهابية في 2008.

ولفتت المجلة إلى أن نية تصنيف جماعة الحوثي تنظيماً إرهابياً جزء من مسعى أوسع للبيت الأبيض لزيادة الضغط على إيران وحلفائها بالشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة لإدارة ترامب، وهو تطور من المرجح أن يعقد جهود بايدن في إعادة فتح المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي.

5 إيرانيين في فريق بايدن

أشار تقرير إخباري إيراني، أمس، الى وجود 5 أميركيين من أصل إيراني في فريق الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن.

وقالت صحيفة «شرق» الإيرانية إن هؤلاء المسؤولين قد يلعبون دوراً في تخفيف العداء والتوتر بين واشنطن وطهران، مضيفة أنهم يتولون مناصب مهمة بالإدارة المقبلة، من بينها وزارتا الخارجية والخزانة، وإدارات خاصة بالسياسات المالية.

وذكرت الصحيفة أن هؤلاء هم: الأكاديمية سوزان بينياز، المعروفة بـ «سو»، والتي عملت نحو 30 عاما مستشارة في الخارجية الأميركية، والسياسي رامين طلوعي الذي تولى عدة مناصب في الخارجية مع 3 رؤساء، هم بيل كلنتون وجورج بوش الابن وباراك أوباما، والأكاديمية مهرسا برادران التي تقلدت مناصب رفيعة في مجموعات السياسات المالية والمصرفية، وعملت خبيرة في مجلس الشيوخ، وشهرزاد شارا مهتدي، ووارس جيزان، الذي يعمل في وزارة الإسكان والتنمية الحضرية.