اعتادت مدينة الأقصر (أقصى جنوب مصر) استقبال وفود سياحية من شتى أنحاء العالم خلال شهر نوفمبر لحضور الاحتفال بذكرى اكتشاف مقبرة الملك الفرعوني الأشهر توت عنخ آمون في 4 نوفمبر 1922، لكن إلغاء الاحتفال هذا العام بسبب جائحة كورونا، نقل الأجواء الاحتفائية إلى فضاء الـ "سوشيال ميديا"، عبر إعادة نشر صور العثور على المقبرة التاريخية على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، بعد إعادة تلوينها بتقنيات حديثة.

لم تحظ الذكرى الثامنة والتسعين لاكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي توت بحالة الزخم التي كانت تحظى بها سنوياً في مثل هذا التوقيت من العام، بسبب تراجع معدلات السياحة الأجنبية جراء جائحة كورونا التي تجتاح العالم منذ بداية العام الحالي، وأثرت سلباً في حركة الطيران العالمية، بالتالي تقلصت رحلات الأجانب التي تعتمد عليها القاهرة في إنعاش السياحة الثقافية وسياحة الآثار على وجه التحديد.

Ad

احتفالية رمزية

واكتفت وزارة السياحة والآثار المصرية باحتفالية رمزية حضرها عدد قليل من زائري المقبرة الواقعة في مدينة الأقصر، جرى خلالها توزيع هدايا تذكارية على السائحين، أبرزها مستنسخات من قناع توت عنخ آمون، بينما ضجت مواقع الـ "سوشيال ميديا" بإعادة نشر صور العثور على المقبرة على يد عالم الآثار البريطاني الشهير هوارد كارتر، كنوع من الترويج لسياحة الآثار، لكن هذه المرة جرى نشر الصور القديمة بعد تلوينها اعتماداً على تقنيات حديثة، إذ كانت الصور الأولى التي نُشرت في عام 1922 باللونين الأبيض والأسود فقط.

وعبّر متابعو العديد من الصفحات التي تحمل اسم الفرعون المصري الشاب توت عنخ آمون عن إعجابهم بالصور بعد إعادة الحياة إليها بتلوينها، لتبدو في غاية الإبهار، حيث إن مجموعة المقتنيات التي استُخرِجت من المقبرة قبل 98 عاماً مصنوعة من الذهب الخالص، ويتجاوز عددها 5 آلاف قطعة أثرية.

في موازاة ذلك، استغل شاب مصري يُدعى إبراهيم صلاح، حلول المناسبة السنوية، وصمّم مستنسخاً من قناع الملك توت من الخردة الحديد، وعلى الرغم من الفارق الكبير بين خامتي الذهب والحديد، وعدم وجود مقارنة بين العملين من الناحية الفنية، فقد حظي التمثال الحديدي الذي استغرق صانعه نحو شهر للانتهاء منه، بتفاعل كبير من جانب رواد موقع "فيسبوك" حين نشر صوراً له، واعتبروا أن ما قام به يعد تجربة فنية تحتفي بالآثار المصرية، بغضّ النظر عن الصورة النهائية التي خرج بها العمل.

قصة رحيل «الملك توت» على جدران المقبرة

اكتشف عالم الآثار البريطاني والمتخصص في تاريخ مصر القديمة هوارد كارتر، مقبرة توت عنخ آمون عندما كان يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدي إلى قبر الملك رمسيس الرابع في منطقة وادي الملوك بمدينة الأقصر، فلاحظ وجود قبو كبير، واستمر بالتنقيب الدقيق إلى أن دخل إلى الغرفة التي تضم مقبرة توت عنخ أمون، وكانت على جدران الغرفة التي تحوي المقبرة رسوم رائعة تحكي في صور قصة رحيل الملك الشاب إلى عالم الأموات. ووقتها أحدث ذلك الاكتشاف ضجة إعلامية واسعة حول العالم، نظراً إلى التوصل إلى مومياء الفرعون الصغير كاملة المحتويات، وبكامل زينتها من قلائد وخواتم والتاج والعصي الخاصة به، وكلها من الذهب الخالص والأبنوس. وفي يوم 6 فبراير عام 1923 كان كارتر أول إنسان منذ أكثر من 3000 عام تطأ قدمه أرض الغرفة التي تحوي تابوت توت عنخ آمون.