نقطة : خلّوا الديرة مكانها
منذ أن وعدنا السيد مرزوق الغانم، قبل سنوات، بأن "يعيدها كما كانت"، لم يتوقف بعدها المرشحون عن اللعب على تنويعات ذات فكرة الإعادة والاسترجاع والحنين للماضي الجميل والعصر الذهبي، وبقية الأوصاف المثالية المتوهمة.وكعادة الكويتيين في محاكاة بعضهم البعض -فما إن تفتح مشروعاً جديداً مثلاً إلا ونافسك العشرات منهم بذات فكرتك المبتكرة- فقد استُهلك الشعار كذلك، حتى أصبح عديم التأثير، ولا يدغدغ خيال أحد إلا محبي أمجاد دورات الخليج ربما، فالماضي بالتأكيد ليس بهذه المثالية الحالمة، والأوضاع لم تكن بالنقاء والصفاء المتخيل، قد تكون أخلاق الناس أفضل نسبياً في العلاقات الاجتماعية والتجارية، لكن الفساد الإداري والحكومي لم يكن معدوماً، والناس هم الناس واللصوص والفاسدون متوفرون في كل زمان ومكان، مع اختلاف الأدوات ونوعية المسروقات.
كويت الماضي كانت أكثر انفتاحاً اجتماعياً وتقبّلاً للآخر وللفنون ولحرية الرأي والتعبير، وليست أقل فساداً ونهباً، وهذا ما يفتقده الكويتيون اليوم، أما ما يحاول نواب ومرشحو هذه المرحلة إيهام الناخبين به، فهو خلط الاجتماعي بالإداري والسياسي، بينما هم -من جهة- يقضمون من هامش الحريات بشكل تدريجي ومستمر، ويحملون الذنب على الفساد المالي والإداري الموجود أصلاً من قبل تأسيس الدولة، لا نقبل به، لكنه موجود في كويت الماضي، وما نفتقده منها فعلاً هو الحريات والانفتاح الذي تحاربونه بأنفسكم. ثم إن أغلب حملة شعارات العودة إلى الماضي موظفون حكوميون سابقون، وهم غالباً سبب ترهل وفساد الجهاز الإداري للدولة، وكانوا تنفيذيين فاشلين، والآن يريدون أن يكونوا مشرّعين، ليعيدوها إلى الزمان الذي كانوا هم بوظائفهم التي أوصلونا من خلالها إلى ما نحن فيه.مرشحون سلفيون بلا لحية أو هدف، ولا أحد مهتم بالمستقبل وكيفية التعامل مع تحدياته، مجرد لعب على المخيلة والعواطف، ورغم ذلك لا نعلم كم سنة بالضبط يريدون إرجاعنا، أربعينيات، خمسينيات، سبعينيات.مسلسل درب الزلق مثلاً، الذي عرض في أواخر السبعينيات، يتحدث عن فساد لجان التثمين بالخمسينيات، لكن الأدهى من الفساد المتوارث هو أنه لا يمكننا إنتاج أعمال تشابهه، نظراً لانعدام الحريات والرقابة المتشددة لا قلة الأموال والدعم، لذا فمع مرشحين ونواب مثل هؤلاء يحق لنا أن ندعو: "الله لا يغيّر علينا".