أدت اجراءات الحكومة الإيطالية لاحتواء تفشي فيروس «كورونا» المستجد إلى حرمان الطلاب من الذهاب إلى مدارسهم طوال أسابيع، ولم يعد بعضهم يقبل هذا الوضع أكثر من ذلك.

وانطلاقاً من مبادرة لفتاتين تبلغان من العمر 12 عاماً في مدينة تورينو شمال غربي إيطاليا، اندلعت احتجاجات عبر البلاد، حيث احتشدت مجموعات من الطلاب خارج مدارسهم للمطالبة بالعودة إليها.

Ad

وقالت أنيتا، وهى إحدى الفتاتين اللتين أطلقتا الدعوة إلى القيام بالاحتجاج لصحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية الأسبوع الماضي «لا أرغب في أن أكون ذائعة الصيت، ولكن فقط لا أريد أكثر من العودة إلى المدرسة».

ورفضت مقارنتها من جانب وسائل الإعلام بالناشطة السويدية في مجال حماية المناخ غريتا تونبرغ، التي أطلقت حركة عالمية باحتجاج فردي في الشارع في أغسطس 2018.

وقالت «كلا، لا أشعر بأنني مثل غريتا، أنا أنيتا».

ومع ذلك، هناك آخرون يسيرون على خطاها، بما في ذلك عشرات الطلاب الذين تجمعوا مؤخراً خارج مدرسة ألبرتيلي الثانوية في وسط العاصمة الإيطالية روما.

وقالت فاليريا، «17 عاماً» لوكالة الأنباء الألمانية «عندما بدأنا في الدراسة عبر الإنترنت في مارس الماضي، أخبرونا بأنه حل طارىء، وبعد مرور ثمانية أشهر على هذا الوضع، عدنا إليهم ولم يعد باستطاعتنا تحمل ذلك».

وجاءت فاليريا وأقرانها ومعهم أجهزة «اللاب توب» وسماعات الأذن لمتابعة دروسهم عبر الإنترنت، بينما كانوا يجلسون على الرصيف خارج المدخل الرئيسي للمدرسة.

وأحضر الطلاب لافتة حمراء كُتب عليها «نحن المدرسة»، وعلقوها تحت اللوحة التي تخلد ذكرى واحد من أشهر خريجي مدرسة ألبرتيلي، وهو إنريكو فيرمي الذي حاز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1938.

وفي ظل إحصاءات رسمية توضح أن أكثر من 12 في المئة من أطفال المدارس في إيطاليا لا يملكون جهاز كمبيوتر أو جهاز لوحي في المنزل، أكدت فاليريا على جوانب عدم المساواة الاجتماعية للتعلم عن بُعد.

وأضافت «بالنسبة للطلاب، زملائي في الفصل، يتابع بعضهم الدروس من خلال هواتفهم المحمولة، بينما يضطر آخرون إلى الاشتراك في استخدام جهاز كمبيوتر واحد مع ثلاثة من الإخوة أو الأخوات ولذا لا يمكنهم متابعة كل الدروس».

وأثارت فاليريا وأقرانها شكاوى أخرى، من بينها حالات الإصابة بصداع والتهاب العيون جراء قضاء وقت كثير للغاية أمام الشاشات، والواجب المنزلي الإضافي الذي يكلفهم به المدرسون «الذين يعتقدون أنه ليس لدينا ما نفعله في المنزل».

وبصفة عامة، فإنهم افتقدوا الجانب الاجتماعي للمدرسة.

وفي أوائل شهر مارس الماضي، أغلقت إيطاليا جميع المدارس في البلاد، بما في ذلك دور الحضانة، ولم تقم بإعادة فتحها حتى منتصف سبتمبر الماضي، مما أدى إلى أطول إغلاق تعليمي في العالم جراء تفشي الفيروس.

وكان ينتظر أن تكون الأمور مختلفة مع حلول العام الدراسي الجديد، ولكن نظراً لعدم السيطرة على الموجة الثانية في أكتوبر، تراجعت الحكومة بشكل جزئي عن تعهداتها بأن تبقى المدارس مفتوحة.

وتم إخطار معظم الطلاب بالبقاء في منازلهم حتى مع عدم تصنيف الفصول الدراسية على أنها بؤر ساخنة للفيروس، وربما ساعدت هذه الخطوة في الحد من الزحام في وسائل النقل العام، حيث تكون مخاطر الإصابة بالفيروس أعلى.

وما زال مسموحاً فقط للأطفال الأصغر سناً، الذين تصل أعمارهم حتى نحو 10 أعوام أو 13 عاماً، حسب المنطقة، بالتواجد دخل الفصول الدراسية، أما التعليم في المدارس الثانوية والجامعات فقد تحول بالكامل إلى الإنترنت.

ويقر المسؤولون بأن هذا الوضع ليس مثالياً.

وقال أغوستينو ميوزو، مسؤول الحماية المدنية الذي ينسق عمل لجنة المستشارين العلميين بالحكومة، يوم الإثنين الماضي «المدارس المغلقة هي حالة الطوارئ الحقيقية، ويتعين علينا إعادة فتحها».

وفي تصريح لصحيفة «كورييري ديلا سيرا» أثار ميوزو المخاوف من حدوث مشاكل تتعلق بالصحة العقلية للأطفال المعزولين في المنزل، وحتى من مخاطر الجنوح للانحراف الجنائي.

وقال ميوزو إنه في المناطق المحرومة من الاحتياجات الأساسية للحياة، قد يتم تجنيد الأطفال الذين لا يتم الحاقهم بالمدارس من جانب عصابات الجريمة المنظمة، ودق مدير مدرسة في منطقة تعج بعصابات المافيا في نابولي بالفعل ناقوس الخطر بشأن هذا الوضع.

وأكدت وزيرة التعليم لوسيا أزولينا للطلاب المحتجين تعاطفها معهم، وأنها تسعى جاهدة لإعادة فتح المدارس في أقرب وقت ممكن.

وكتبت في رسالة نشرتها صحيفة «لا ستامبا»، «علينا جميعاً أن نتفق على حقيقة أن ترككم في المنزل سيكون هزيمة للمجتمع بأكمله».

وفي مدرسة ألبرتيلي، تم بث بعض الدروس عبر الإنترنت على بعد أمتار قليلة فقط تفصل بين المعلمين والطلاب المحتجين في الشارع.

وقال دانييل سفولاتشيا «18 عاماً»، «بعض المدرسين يقومون بتعليمنا من فصولهم الدراسية العادية، لذا فهم من الناحية العملية، على الجانب الآخر من الجدار»، وأضاف «إنه أمر غريب في الحقيقة، لكن هذا هو وضعنا الآن».