أكبر هروب جماعي من السجن في تاريخ لبنان
عشية إحياء لبنان ذكرى الاستقلال بدون حكومة، وفي ظل أزمة اقتصادية تكاد تقضي على ما تبقى من أساسات الدولة بينما يُرخي تفشي وباء كورونا بظلاله على كل شيء، شهد لبنان أمس أكبر عملية هروب جماعية في تاريخه الحديث بفرار 69 موقوفاً، فجر أمس، من سجن بعبدا لقي 5 منهم حتفهم خلال المطاردة. وقال مصدر قضائي، أمس، إن "أكثر من 60 موقوفاً بجرائم مختلفة، تمكنوا من كسر الإجراءات الأمنية المشددة، وخلع الأبواب الحديدية للنظارة ومدخل قصر العدل في منطقة بعبدا (جبل لبنان)، والهروب". وأكدت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، فتح "تحقيق فوري" في الحادث. ولم تستبعد "إمكانية التواطؤ بين السجناء الهاربين والحراس المكلفين بحماية زنزاناتهم".
كما اجتمع مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي فادي عقيقي، مع مسؤولين أمنيين وضباط في قوى الأمن الداخلي، وعاين النظارة التي فرّ منها السجناء، ومكان حادث السيارة. وأكدت قوى الأمن الداخلي اللبناني أن "69 سجينا أقدموا على الفرار صباح السبت، من نظارة مخفر قصر عدل بعبدا". وأضافت في بيان أمس: "تم توقيف 15 منهم، في حين سلم 4 أنفسهم. كذلك وقع حادث سير في محلة بولفار كميل شمعون- الحدت، حيث اصطدمت سيارة بشجرة، تبين أن عددا من السجناء الفارين كان على متنها بعد سلبها من سائقها، مما أدى إلى وفاة 5 وجرح واحد، تتم معالجته في أحد المستشفيات". وأوضح البيان أن "التحريات والاستقصاءات مكثفة، ولا تزال عمليات البحث جارية لإلقاء القبض على باقي السجناء الفارين، وعددهم حتى ساعة صدور هذا البلاغ 44. التحقيقات بملابسات الحادثة جارية بكل دقة بإشراف القضاء المختص". وطلبت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي من المواطنين الذين لديهم أي معلومة عن مكان وجود أحد من الفارين، إبلاغ السلطات، علما بأن "كل مواطن يساهم في إعطاء أي معلومة يبقى اسمه طي الكتمان، وفقا للقانون".واطّلع الرئيس اللبناني ميشال عون من وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، امس، على "تفاصيل عملية الفرار مطالباً بـ "التشدد في البحث عنهم والقبض عليهم، إضافة الى التحقيق في ظروف فرارهم واتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الصدد". ووجه رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب عبر حسابه على "تويتر"، أمس، رسالة الى الرئيس عون، قال فيها: "فخامة الرئيس من المهم إلقاء القبض على السجناء كما أمرت لكن الأهم معاقبة المهملين"، مضيفا: "فخامة الرئيس لست بحاجة الى تذكيرك بأن العاصمة احترقت نتيجة مثل هذا الإهمال. فخامة الرئيس حلنا أن نحاسب زلمي واحد، وإلا فلنعلن الاستسلام لمنظومة الفساد والإهمال التي تحميها أجهزة الدولة".وهذه ليست المرّة الأولى التي تسجّل فيها حالات هروب لسجناء من سجون لبنان، وخصوصاً من النظارات التي غالباً ما تعاني اكتظاظا كبيرا في عدد الموقوفين، الذين ارتفع منسوب قلقهم جرّاء تفشي فيروس "كورونا" ودقّة الوضع الصحي. ويضغظ السجناء لإقرار قانون العفو العام، في أحيان كثيرة من داخل السجن، فينظّمون أعمال شغب وتكسير ويهدّدون بالانتحار، ومع ذلك، ما زال مصير القانون معلّقا بالخلافات السياسية التي تحول دون اتفاق الفرقاء على صيغة مشتركة بشأنه.