كتب مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط (MEI) ومقره واشنطن، أليكس فاتنكا، تقريراً تحت عنوان «إيران تفتقد النفوذ في القوقاز على عكس العالم العربي»، يشرح فيه تداعيات الصراع بين أرمينيا وأذربيجان على إيران. وذكر فاتنكا: «يوجد مستشارون عسكريون إيرانيون وجماعات أجنبية موالية لإيران من اليمن والعراق إلى سورية ولبنان. عشرات الآلاف من المسلحين العاملين في جميع أنحاء الشرق الأوسط يتطلعون إلى طهران للحصول على التوجيه. هذا النوع من النفوذ جعل إيران قوة إقليمية على الأقل في العالم العربي، لكن استثمارات طهران الأيديولوجية والمالية العميقة في الدول العربية جاءت على حساب إهمال المصالح الإيرانية الأقرب إلى الوطن».
وأضاف: «يُظهر اتفاق السلام الأخير بين أرمينيا وأذربيجان، والذي أنهى أسابيع من الصراع العسكري على عتبة إيران، عدم أهمية طهران تقريباً في ديناميكيات جنوب القوقاز الهش. فرغم جهودها للتوسط في نوع من الاتفاق الإقليمي لإنهاء الصراع، سرعان ما ثبت أن طهران ليست عاملاً، لأنه ببساطة، لم يكن لديها النفوذ للتأثير على نتيجة الصراع. وبدلاً من ذلك، شكّل الروس والأتراك مسار الحرب ومسار وقفها. والآن، يراقب الإيرانيون بقلق انتشار القوات العسكرية الروسية والتركية لإبقاء القوات الأرمنية والأذربيجانية منفصلة عن بعضها البعض ودعم اتفاقية السلام». وأكد الكاتب أن «النظام الإيراني محرج ويجب أن يكون كذلك. إن قرب طهران الجغرافي الوثيق وعلاقاتها التاريخية العميقة بجنوب القوقاز ينبغي أن تجعلها لاعباً طبيعياً في المنطقة، لولا التركيز الساحق للجمهورية الإسلامية على العالم العربي».وشرح التقرير أنه بمجرد التوصل إلى الاتفاق حول ناغورني كاراباخ أصبح على إيران أن تواجه تكهنات بأنها قد تفقد حدودها الدولية مع أرمينيا، مشيراً إلى أنه كجزء من الاتفاق، سيتم ربط أذربيجان بجمهورية نخجوات الاذرية المتمتعة بالحكم الذاتي عبر ممر عبور يمتد على طول الحدود الأرمينية الإيرانية، مما يعني أن طهران قد تفقد طريق العبور إلى أرمينيا.وبات بإمكان تركيا الآن الوصول إلى البر الرئيسي لأذربيجان دون الحاجة إلى المرور عبر إيران كممر ترانزيت، وأصبح بإمكان روسيا وتركيا استبعاد إيران بسهولة من أي طرق مستقبلية لنقل الطاقة إلى أوروبا، مما يعني خسائر بمليارات الدولارات لطهران. ولفت التقرير إلى أنه «كان من الواضح أن موسكو ليست قلقة بشأن موقف طهران أو مشاركتها المحتملة في هذا الصراع بل بشأن قدرة أنقرة على شن مزيد من الغزوات في جنوب القوقاز». وأضاف أنه منذ البداية «كان لدى الإيرانيين قلقان رئيسيان: الأول هو أن الحرب من شأنها أن تغذي الشعور بالقومية الأذربيجانية داخل إيران التي يعيش فيها نحو 20 مليون شخص يتحدرون من أصول أذربيجانية، مما يعني احتمال أن تنجر طهران عن غير قصد إلى الحرب الأرمنية الأذربيجانية. والثاني هو احتمال أن سياسة تركيا في دعم أذربيجان ستعطي أنقرة حصة أكبر في مستقبل جنوب القوقاز.هذا الاحتمال أصبح الآن حقيقة واقعة، على إيران أن تتعلم التعايش معها. وإضافة إلى ذلك تلقت أذربيجان أيضاً دعماً عسكرياً إسرائيلياً يعني أن العلاقات بين البلدين ستصبح أكثر عمقاً.وختم بأن «الحقيقة البسيطة هي أنه على مدى السنوات العشرين الماضية أو نحو ذلك، اختارت إيران إعطاء الأولوية للعالم العربي على أنه تركيزها الإقليمي، وكانت نتيجة ذلك أنها فقدت الكثير من نفوذها ووضعت مصالحها في جنوب القوقاز تحت رحمة روسيا، وبدأت بالفعل تدفع ثمناً باهظاً».
دوليات
استثمار إيران في العالم العربي خسّرها حدودها الشمالية
22-11-2020