في إطار محاولاته المضنية وغير المسبوقة لقلب نتائج انتخابات 3 نوفمبر لمصلحته، التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأعضاء الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ بولاية بنسلفانيا، بعد ساعات من لقاء مماثل مع نظرائهم في ولاية ميشيغان.ومع تلقيه سلسلة من الهزائم في ساحات المحاكم، ذكرت 3 مصادر مطلعة أن فريق ترامب يعلق آماله على محاولة لدفع المجالس التشريعية الخاضعة لسيطرة الجمهوريين في الولايات الحاسمة، التي فاز بها خصمه الديمقراطي جو بايدن، لتنحية النتائج جانباً وإعلان ترامب فائزاً بالتصويت، في سابقة في التاريخ الأميركي الحديث تحتاج بعد ذلك إلى إقرار الكونغرس والمحكمة العليا لهذه الإجراءات.
وأبلغت المصادر، بأن حملة ترامب تحولت إلى هذه الاستراتيجية الجديدة، التي تعتمد على إقناع المشرعين الجمهوريين بالتدخل نيابة عنه في الولايات الحاسمة لتقويض مصداقية النتائج.وهذا مسعى طويل المدى يركز حالياً على بنسلفانيا وميشيغان، لكن حتى وإن تحولت الولايتان لمصلحة ترامب فسيحتاج إلى قلب نتيجة التصويت في ولاية ثالثة للتفوق على بايدن في المجمع الانتخابي.ويسعى محامو ترامب لانتزاع سلطة تعيين أعضاء المجمع الانتخابي من حكام الولايات ونوابهم ومنحها لنواب جمهوريين بالمجالس التشريعية للولايات، بحجة أن الدستور يمنح هذه المجالس السلطة الأعلى.وفي ضربة لمحاولة ترامب قلب نتيجة التصويت، أكد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس شيوخ ميشيغان مايك شيركي ورئيس مجلس النواب في الولاية الجمهوري لي شاتفيلد أنهما سيتبعان القانون والإجراءات التقليدية الخاصة بأعضاء المجمع الانتخابي في الولاية، وأنهما لم يطّلعا حتى الآن على أي معلومات قد تغير نتيجة الانتخابات في الولاية.ودعا الزعيمان الجمهوريان، في بيان مشترك، إلى التحقيق في حال ثبوت أي تزوير، وأوضحا أنهما أبلغا ترامب حاجة ميشيغان إلى أموال إضافية لمواجهة جائحة كورونا.وأضافا: «بصفتنا قائدي السلطة التشريعية، سنلتزم بالقانون والإجراءات الطبيعية فيما يخص المجمع الانتخابي في ميشيغان».وسبق أن دعا فريق ترامب على لسان المحامية سيدني باول المجلسين التشريعيين بالولاية إلى منح الناخبين لترامب، وهو إجراء كان سيبطل التصويت الشعبي ويواجه تحديات قانونية.وقالت عضو مجس الشيوخ عن ولاية مين سوزان كولينز، في بيان، إن ترامب أمامه «طريق صحيح وطريق خاطئ» للاعتراض على ما يراه مخالفات انتخابية، موضحة أنه «تجميع الأدلة وتقديم طعون قضائية والطريق الخطأ هو محاولة الضغط على مسؤولي الانتخابات بالولاية».وشددت كولينز على أنه يجب منح حملة بايدن المستحقات المالية والمكاتب والموارد الحكومية التي تحتاج إليها خلال المرحلة الانتقالية.
تظاهرات واتهامات
من جهة أخرى، رفض قاض في نيفادا طلباً طارئاً لوقف تصديق الولاية على نتائج الانتخابات، معتبراً أن ذلك سيحرم أكثر من مليون ناخب من حقوقهم.وجاء ذلك بعد طلب تقدمت به منظمة «مشروع نزاهة الانتخابات» اليمينية حددت فيه هوية نحو 1400 شخص سجلوا للتصويت في نيفادا، وانتقلوا إلى كاليفورنيا، ثم صوتوا في نيفادا.وفي ظل تزايد الضغط على ترامب لبدء عملية الانتقال الرسمي، قرر أنصاره تنظيم تظاهرات حاشدة في واشنطن في 12 ديسمبر المقبل قبل يومين من تصويت المجمع الانتخابي على النتائج وإعلان الفائز بالرئاسة، بحسب صحيفة «واشنطن بوست».وبدا مسعى ترامب للتشبث بالسلطة أضعف من أي وقت مضى أمس الأول، بعدما أعلن سكرتير جورجيا المسؤول عن العملية الانتخابية براد رافينسبرغر أن الفرز اليدوي ومراجعة كل الأصوات بالولاية الجنوبية يؤكدان فوز بايدن.وفي فعالية بالبيت الأبيض أقيمت حول خفض أسعار الدواء، قال ترامب، في أول تصريحات علنية عن نتيجة الانتخابات، «أنا فزت وحصلت على 74 مليون صوت رغم أن وقوف كبريات شركات الأدوية والتكنولوجيا ووسائل الإعلام ضدي».واتهم ترامب شركات الأدوية وخص «فايزر» بأنها تعمدت تأخير نجاحها في التوصل للقاح مضاد لفيروس كورونا لمنع فرصه في الفوز بالانتخابات، مؤكداً أنها صرفت الملايين في الإعلانات السياسية ضده لأن سياساته تهدف إلى تخفيض أسعار العلاج.وأكد ترامب، الذي شارك في القمة الافتراضية لمجموعة العشرين وفي اجتماع المنتدى الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، أن إدارته استطاعت خفض أسعار الأدوية للمرة الأولى منذ 51 عاماً، مبيناً أنه سيسمح لحكام الولايات باستيرادها من كندا بعد الانتهاء من إعداد قرار خفض الأسعار، وذلك لأن أسعار الأدوية هناك أقل بالنصف من أسعارها في الولايات المتحدة.حكومة بايدن
في المقابل، قضى بايدن يومه أمس في الاجتماع مع نائبته المنتخبة كاملا هاريس وعدد من مستشاريه لبحث الفترة الانتقالية والتخطيط لتشكيل إدارته الجديدة، التي لا تزال إدارة الخدمات العامة لا تعترف بها وتمنعها من دخول المقار الحكومية ومن استخدام التمويل المتاح عادة للفريق الفائز.وقال السيناتور الجمهوري لامار ألكسندر، الذي سيتقاعد نهاية العام، إن لدى بايدن «فرصة جيدة جداً» ليصبح الرئيس التالي، مطالباً في بيان إدارة ترامب بالبدء في عملية الانتقال.وفي دفعة مهمة لبايدن، قرر أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين ميت رومني وسوزان كولينز وليزا ميركويسكي الوقوف مع الديمقراطيين لتمرير تعييناته الحكوميــــــة، مـــــــا يعطـــــيـــــــه أغلبيـــــة بـ 52 صوتاً.وبعد اتصال مع عشرة من حكام الولايات، وصف بايدن محاولة ترامب لقلب النتائج بأنها «غير مسؤولة بالمرة وتبعث برسالة مروعة بشأن وضعنا كدولة».ودعا بايدن، أمس الأول، الأميركيين إلى التبرع لتمويل عملية انتقال السلطة في ظل رفض ترامب التعاون مع فريقه، معلناً تعيين 4 أشخاص آخرين ليشغلوا مناصب بارزة في إدارته بينهم وزيرا الخزانة والخارجية على أن يختار كبار قادة حكومته بداية الأسبوع المقبل.وأكد مقربون من بايدن أنه يمكن إصدار إعلانات مجلس الوزراء على دفعات، مع تركيز مجموعات المرشحين على مجال معين، مثل الاقتصاد أو الأمن القومي أو الصحة العامة، مرة واحدة.ومن خلال تشكيل الفريق المكون من 15 شخصاً، يواجه بايدن مطالب من مصالح متعددة ومتضاربة، فضلاً عن الوضع السياسي في مجلس شيوخ منقسم تقريباً بالنصف بين جمهوريين وديمقراطيين.واتفق بابدن حلال اجتماعه مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر على ضرورة تمرير الكونغرس حزمة تحفيز تناهز قيمتها 1.4 تريليون دولار، مخصصة لدعم الأسر والشركات الصغيرة ومساعدة حكومات الولايات لدعم القطاع الصحي وتوسيع نطاق التعويضات عن البطالة.وحذرت بيلوسي من ن الولايات المتحدة تعيش كارثة اقتصادية وصحية، مطالبة قادة الحزب الجمهوري بالعودة إلى طاولة التفاوض من أجل الاتفاق على حزمة ثانية للإنعاش الاقتصادي.نقل السلطة
وقال بايدن، بمعقله في ويلمينغتون بولاية ديلاوير، «الأميركيون يشهدون عدم مسؤولية لا تصدق ورسائل مضرة إلى حد غير معقول توجه إلى باقي العالم حول طريقة عمل الديموقراطية»، مضيفاً: «من الصعب فهم كيف يفكر هذا الرجل، وإنني على قناعة بأنه يعرف أنه خسر وأنني سأؤدي القسم في 20 يناير. ما يفعله مخز بكل بساطة».وبينما بدأت حملة بايدن بجمع التبرعات لتمويل انتقال السلطة مع استمرار العرقلة من قبل الإدارة الجمهورية، نفت المتحدثة باسم البيت الأبيض كيلي ماكناني إصدار ترامب أوامر بعدم التواصل مع حملة بايدن.وشددت ماكناني على أن حملة ترامب الانتخابية متمسكة بالدعاوى القضائية وتنتظر مسارها قبل أي تصريح، مشيرة إلى تجهيز 40 مليون جرعة من لقاح كورونا، قبل نهاية العام في ظل تراجع نسب الوفيات وتداعيات الوباء على كافة المستويات.