رودي جولياني لم يعد «رئيس بلدية أميركا»

نشر في 22-11-2020
آخر تحديث 22-11-2020 | 00:00
جولياني في مؤتمره الخميس (أ ف ب)
جولياني في مؤتمره الخميس (أ ف ب)
أظهر المؤتمر الصحافي لرودي جولياني الذي انساب خلاله صباغ شعره على جانبي وجهه وإعلانه بأن الزعيم الفنزويلي المتوفى منذ سنوات هوغو تشافيز تسبب في هزيمة الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات، أن هذا المحامي لم يعد «رئيس بلدية أميركا».

فالإشادات التي لقيها جولياني لشجاعته الهادئة في قيادة مدينة نيويورك بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، تلاشت بعد عدد من التصريحات الغريبة عن أن الديمقراطيين ووسائل الإعلام والدكتاتور الفنزويلي الراحل هم من حرموا ترامب من الفوز بولاية جديدة.

ومؤتمره الصحافي يوم الخميس الماضي، الذي روج خلاله نظريات مؤامرة في الانتخابات، كانت آخر عروضه الجريئة، دفاعاً عن ترامب الذي خسر في انتخابات الثالث من نوفمبر أمام الديمقراطي جو بايدن لكن يرفض الإقرار بالهزيمة.

وقال جولياني: «لا يمكننا السماح لهؤلاء المحتالين أن يسرقوا انتخابات من الشعب الأميركي. لقد انتخبوا دونالد ترامب. لم ينتخبوا جو بايدن»، متجاهلاً فارقاً بنحو ستة ملايين صوت بين المرشحين لمصلحة بايدن.

ووصف حاكم ميريلاند الجمهوري لاري هــــوغــــــــــان المــــؤتمـــــر الصحــــافي بـ «الكارثي».

من جانبه، اعتبر كريس كريبس مدير وكالة أمن الانتخابات الذي أقاله ترامب أخيراً بأن المؤتمر الصحافي «أخطر ساعة و45 دقيقة من التلفزيون في التاريخ الأميركي. وربما الأكثر جنوناً».

وذكرت «نيويورك تايمز» هذا الأسبوع أن جولياني طلب مبلغ 20 ألف دولار يومياً مقابل تصريحاته دفاعا ًعن ترامب، لكن التقرير قال إن المبلغ النهائي لم يُعرف.

وبغض النظر عن المال، يقول روبرت بولنر محرر كتاب عن جولياني إن المدعي العام الفدرالي السابق الذي أصبح رئيساً لبلدية نيويورك دائماً كان «انتهازياً سياسياً لا يهدأ» ولم تكن المصداقية من أولوياته. وجاءت هجمات 11 سبتمبر لتفح الطريق أمام جولياني لمهام أكبر، وشبهه أحد الكتاب في رده على الهجمات بونستون تشرتشل. لكن ذلك ربما كان أفضل لحظاته.

فقد كان يتطلع إلى مقعد البيت الأبيض في 2008، لكن استراتيجية أولية مشكوك بها فشلت، كما فشل اعتماده على سجله في 11 سبتمبر من دون تطوير منصة أوسع.

وفشل مساعيه في 2008 جعله تائهاً. لكن صديقه النيويوركي القديم وحليفه السياسي فتح له طريقاً. وقال بولنر إن «جولياني رأى طريقاً نحو السلطة نتيجة صداقته مع ترامب ولم ينظر بعدها إلى الخلف».

فطاقته واستعداده للدفاع عن ترامب في أي شيء جعل وجوده ضرورياً.

وعندما هدد تسجيل محرج فرص ترامب في انتخابات 2016، أجرى جولياني سلسلة من المقابلات التلفزيونية للتقليل من أهمية المسألة لتفقد أي تأثير لها.

بعد الانتخابات لم يلب ترامب رغبته في تعيينه وزيراً للخارجية لكن جولياني بالكاد تأثر.

فقط جنى ملايين الدولارات من دول وشركات تحتاج إلى شخص مؤثر على اتصال مباشر بالمكتب البيضاوي.

في مطلع 2018 استعان الرئيس بخدماته في حربه على تحقيق مولر.

وبأسلوبه المحب للظهور مثل ترامب، أصبح جولياني وجها دائماً على التلفزيون مدافعاً عن ترامب ومتهماً المحققين ووسائل الإعلام بالفساد والانحياز.

وكان يفرط في الحديث إلى حد أن يناقض ما قاله قبل لحظات، أو كما حصل في أغسطس 2018 على شبكة «إن بي سي»، عندما دافع عن الرئيس بعبارات مثل «الحقيقة ليست حقيقة».

لكن جهود جولياني تسببت أيضاً بمشكلات.

وتحسبا لترشح بايدن أمام ترامب في 2020، قاد جولياني في أواخر 2018 مساعي لإيجاد معلومات تسيء إلى الديمقراطي وابنه الذي قام بأنشطة تجارية في أوكرانيا.

وبناء على ما قال جولياني إنه توصل إليه، جمّد ترامب مساعدات إلى أوكرانيا وطلب من رئيسها تسليم أدلة مفترضة عن تورط بايدن في فساد.

وهذا التصرف غير القانوني جعل ترامب ثالث رئيس في التاريخ يواجه إجراءات عزل.

ويبدو أن مساعي تغيير مسار الهزيمة الواضحة لترامب في الانتخابات، هي أكبر التحديات العقيمة لجولياني. فالعديد من الشكاوى القضائية التي رفعها سحبت أو أبطلت لعدم توفر الأدلة. وفي مثوله أمام محكمة هذا الأسبوع ظل يندد بتزوير الانتخابات إلى أن أجبره القاضي على الإقرار بأن الشكوى التي يتم النظر فيها لا تتعلق بتزوير.

في مؤتمره الصحافي الخميس، قال إن لديه أدلة عن جرائم متصلة بالانتخابات لكنه لم يعرضها.

back to top