حراك غير متجانس مناهض للكمامات يتبلور في ألمانيا
من راقصة ترتدي سروالاً فضفاضاً تقف إلى جانب مؤيد للنازيين الجدد يرفع شعار الرايخ الألماني، إلى رسائل سلمية وسط مسيرات يتخللها العنف، يتميز حراك «مناهضة الكمامات» في ألمانيا الآخذ في الاتساع، بطابعه غير المتجانس.وجرت هذا الأسبوع أيضاً في برلين تظاهرة ضمت نحو 10 آلاف شخص معارضين للقيود الهادفة لاحتواء وباء كوفيد-19، وضمت مشاركين لا قواسم مشتركة بينهم سوى انعدام ثقتهم بمؤسسات الحكم.وأمام بوابة براندبورغ في برلين الأربعاء، اختلطت رايات مجتمع مثليي الجنس، وشعارات السلام مع رايات المؤيدين للحراك الأميركي المروج لنظريات المؤامرة «كيو أنون». وسار أشخاص وضعوا قبعات كتب عليها «ترامب 2020»، إلى جانب أنصار البيئة، والمؤمنين بعلوم الغيب، ومبشرين إنجيليين وهيبيين، وأعلن معظمهم رفضهم تلقي اللقاح، مقللين من خطورة وباء كوفيد - 19. وقالت المتظاهرة إينا ميير-ستول: «نسبة الوفاة (الناجمة عن الوباء) ليست أكبر مما تسببه الإنفلونزا»، فيما حملت لافتة كتب عليها «يساريون يعارضون ذلك أيضاً».
لا تؤمن بدورها بيرغيت فوغت (75 عاماً) بوجود الوباء، ولم تتردد بمقارنة القيود بوصول النازيين إلى الحكم في ألمانيا عام 1933، قائلةً «الخوف والهلع يسمحان بالتحكم في الناس، كما في أيام هتلر».أما عن هذه الظاهرة فيقول ميرو ديتريخ من مؤسسة «أمادو أنطونيو» لمناهضة العنصرية «كما بعد 11 سبتمبر (2001، تاريخ هجمات انتحارية هزت الولايات المتحدة)، التي كانت مصدر إلهام للعديد من نظريات المؤامرة، أخشى أننا الآن أمام ظاهرة مشابهة بالنسبة للوباء».ورأى أن «عدد مؤديها يرتفع بشكل مذهل، وكثر منهم وافدون جدد على هذه الآراء. لعب الإغلاق دوراً في ذلك، مع انعزال الناس عن بيئتهم الاجتماعية وقضائهم وقتاً طويلاً على الإنترنت». يضاف إليهم أيضاً متطرفون من اليمين، من المقربين من حزب «البديل لألمانيا» أو النازيين الجدد، الذين تتابعهم أجهزة المخابرات.وفي ختام تظاهرات الأربعاء، رفع عشرات المتظاهرين التحيّة النازية أمام عناصر الشرطة. وفي تحركات سابقة، رفعت شعارات معادية للسامية.ويوضح ديتريخ أن «الرابط بين ساحة نظريات المؤامرة واليمين المتطرف هو للأسف رابط منطقي».ويعتمد اليمين الراديكالي كذلك على الوباء لاستقطاب نشطاء جدد من المعارضين للقاح، حسب ما ذكرت دراسة دولية أعدت بتكليف من الحكومة الألمانية، ونشرت الجمعة.ويشير التقرير إلى أن «الاضطرابات التي تسبب فيها الوباء تعزز نفوذ كل من يعتبرون أنفسهم، حتى قبل ظهور الفيروس، معارضين للتيار السائد».مجموعة «كيردنكرز» أو «المفكرون الأحرار» هي خلف التظاهرات في ألمانيا، تأسست مطلع العام في شتوتغارت، وتعرف عن نفسها بأنها «مجموعة من أجل الحرية سلمية ومحايدة»، ولديها أكثر من 100 ألف مؤيد، بينهم شخصيات مشهورة كلاعب كرة القدم السابق توماس بيرتولد.لكن «منظمي المجموعة أظهروا سابقاً أنهم لا يترددون في التواصل مع منكرين للهولوكوست ومؤمنين بنظريات المؤامرة»، كما حذر سيمون تون الباحث المتخصص بالاحتجاجات في جامعة برلين للتكنولوجيا.