المحرومون من التصويت أبعد بكثير من «كورونا»
الجدل الدائر حول أحقية تصويت المصابين بكورونا يتجاوز الموضوع الطارئ، والذي يحتاج ضمن ما يحتاجه إلى تفكير خارج الصندوق، لإيجاد حلول عملية للإشكالية المؤقتة، فهي تطرح قضية أكبر، وهي الحرمان من الحق السياسي تحت أي مسمى وأي اعتبار.فقد كانت المرأة، أكثر من نصف المجتمع، محرومة من اعتماد أهليتها، حتى تم ذلك قبل ١٥ عاماً، ودخلت المجتمع السياسي، دون إرباك أو إخلال لأي اعتبارات اجتماعية أو غير ذلك. بذل المعارضون للمرأة كل ما في استطاعتهم، لمنعها من أن تلعب دوراً فاعلاً في الحياة العامة، والمشاركة في اتخاذ القرار، ووصل حد انسحابهم من جلسة مجلس الأمة، احتجاجاً على وجودها، حتى صارت وزيرة ونائبة دون إشكالية تذكر، فتقبلوها وتعايشوا معها. أحد النواب حينها أعلن قبل صدور القانون "قانون المرأة (يقصد منحها حقوقها السياسية) لن يمر إلا على جثتي"، بالطبع مر قانون المرأة، ولم تتأثر جثة النائب المحترم بخدش، بل وربما قد يكون شكَّل اللجان النسائية للانتخابات التي تليها.
الأهم هو أن هناك فئات مؤثرة مازالت محرومة، مثل فئة الشباب من ١٨ إلى ٢١ سنة، وهو ما يطبقه غالبية العالم. وقد آن الأوان لإدماج هذه الفئة، ومساواة عمر المسؤولية الجنائية مع المسؤولية السياسية. مازال ذلك يمثل تناقضاً حاداً يجب أن ينتهي، فهو متناقض في ذاته، خلافاً لتناقضه مع المبادئ العامة للدستور. كذلك هناك فئة محرومة أخرى، وهي فئة العسكريين المنتسبين للداخلية والجيش بكل قطاعاته. ويتمثل التناقض هنا في أن جهازاً أمنياً آخر هو الحرس الوطني لا يشمله ذلك الحرمان. وفي تصوري أنه لو تقدم أحد منتسبي الشرطة أو الجيش بدعوى للمحكمة الدستورية، استناداً إلى المادة ٢٩ من الدستور، فإنه غالباً سيكسبها، وقد ينهي ذلك حرماناً للعسكريين لا مبرر له، كما حدث في إلغاء حرمان المرأة من الحصول على جواز سفر، وكذلك في إلغاء سياسة القبول التمييزية ضد المرأة بجامعة الكويت.هناك أيضاً حرمان سياسي أكثر حدة بموجب المادة ٢ من قانون الانتخاب، التي تعاقب بالحرمان من الحق السياسي بسبب كلام، كذلك أيضاً هناك محبوسون ممن لا تنطبق عليهم المادة ٢ من القانون، كما أن هناك فئات متعددة موجودة خارج البلاد في وقت الانتخاب كالطلبة أو المرضى أو الدبلوماسيين وغيرهم.خلاصة القول، جاءت كورونا بكل تخرصاتها، واستثناءاتها، لتفرض واقعاً جديداً، ومنها طرح الانتخابات، واحتمالية حرمان المصابين، من التصويت، وهي قضية طارئة، نحتاج إلى التعامل معها بحلول عملية، مثل إنشاء لجنة فرعية خاصة في كل دائرة، محاطة بكل الاحتياطات الطبية لهذا الغرض، وتكون في مكان معزول من المدرسة، ولها مدخل خاص، حرصاً على إقبال الناس على التصويت. بالطبع قد يكون من الصعب تنفيذه لصعوبة موافقة مسؤولي الإشراف كالقضاة والمندوبين على تلك اللجنة، ولكن لا بأس من طرح الحلول العملية ومحاولة تطويرها، لكي نبتعد عن احتمالية إصدار قانون ضرورة، أو المنع الكلي، وفي هذه الحالة نتجنب الطعن المحتمل.ويبقى المبدأ الأساسي هو عدم التساهل مع حرمان الإنسان من حقه في التصويت والترشح، والعمل على تعديل قانون الانتخاب من كل شوائبه وما أكثرها.