الجيش الإثيوبي يستعد لمحاصرة عاصمة تيغراي
تحذير أممي من «حرب استنزاف» طويلة
بعد سيطرته على مناطق واسعة بالإقليم المتاخم لحدود إريتريا والسودان، أعلن الجيش الإثيوبي أنه يستعد لمحاصرة مدينة ميكيلي عاصمة تيغراي بالدبابات، في وقت حذر تقرير أممي سري من احتمال تطور الصراع الذي يكتسي بصبغة عرقية إلى حرب استنزاف طويلة الأجل، رغم وعود أديس أبابا بتحقيق «نصر سريع» على المتمردين. وقال المتحدث باسم الجيش الاتحادي ديغين تسيغايي، أمس، إن القوات الاتحادية ستستخدم الدبابات والمدفعية للسيطرة على ميكيلي التي يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة.وتحدث تسيغايي عن العملية المرتقبة للسيطرة على ميكيلي بوصفها حاسمة، ودعا السكان للاحتماء، لأن الجيش قد يقصف المدينة بالمدافع، متوعداً بالتعامل «بلا رحمة» مع مسلحي «جبهة تحرير شعب تيغراي».
وألقت مروحيات الجيش منشورات في المدينة تطالب السكان بالبقاء في منازلهم، بالتزامن مع تحرك تعزيزات عسكرية ضخمة باتجاه ميكيلي، وهي آخر المدن الكبرى المتبقية بيد «الجبهة».وكان الجيش قد أكد، في بيان مساء أمس الأول، تقدمه باتجاه ميكيلي، بعد إعلان سيطرته على مدينة عديغرات، ثاني أكبر مدن تيغراي، وتبعد 116 كيلومترا شمال مركز الإقليم المعزول تقريباً عن العالم، بعد قطع الاتصالات عنه منذ انطلاق العملية العسكرية الحالية في 5 الجاري.
تقدم واستدراج
وفي وقت سابق، أفادت تقارير بخسارة قوات «جبهة تيغراي» نحو 80 بالمئة من مساحة الإقليم، بعد تقدم القوات الحكومية من جميع المحاور.وأعلنت لجنة الطوارئ التي شكلتها حكومة آبي أحمد في أديس أبابا أن الجيش سيطر على مدينة عداقا حمسوس التي تبعد 97 كيلومترا شمال ميكيلي، مؤكدة استمرار الجيش الاتحادي في التقدم باتجاه عاصمة الإقليم الذي يبلغ عدد سكانه نحو 5 ملايين نسمة يشكلون أكثرة من 6 بالمئة من سكان إثيوبيا البالغ عددهم 116 مليونا.وفي حين سيطر الجيش على 10 مدن كبرى في المنطقة الغربية والشمالية المحاذية لإريتريا والسودان، ومناطق جنوبية وشرقية محاذية لإقليمي عفار وأمهرة، قالت سلطات الإقليم المناهضة للحكومة إن قواتها انسحبت من المدن الكبرى لاستدراج القوات الاتحادية لمعركة حاسمة في مواقع مختارة.وأكد قائد «جبهة تيغراي» دبرصيون غبرميكائيل في رسالة نصية، أمس، أن القتال لا يزال مستمراً حول عديغرات، وقال إن قواته تقاتل بثبات القوات الحكومية التي تشن ضربات جوية.في غضون ذلك، كشف تقرير سري للأمم المتحدة عن أنه رغم الحديث عن «نجاحات متلاحقة» للجيش الإثيوبي في إقليم تيغراي، فإن القوات الحكومية تواجه مقاومة شديدة، وهي معرضة لـ «حرب استنزاف» طويلة الأمد.وذكرت صحيفة «غارديان» البريطانية أن التقرير الأممي، إضافة إلى عشرات المقابلات التي أنجزتها مع عمال في منظمات إغاثية دولية، تثير مخاوف حقيقية من أن الصراع بين الحكومة الفدرالية وقوات «جبهة تيغراي» قد يتطور إلى معركة طويلة ووحشية، تزعزع الاستقرار في منطقة تعد من أكثر مناطق إفريقيا هشاشة.وذكر التقرير الأممي وتحليلات لمنظمات إغاثية أن التوقعات بحدوث انتصار سريع وحاسم للقوات الحكومية في تيغراي «سيناريو متفائل»، مرجحة أن تشتد المقاومة هناك أكثر في ظل لجوء قوات «جبهة تيغراي» للمرتفعات الجبلية شرقي ميكيلي.وأشارت الوثائق التي اطلعت عليها «غارديان» إلى أن القتال مستمر حتى في المناطق التي تزعم أديس أبابا أنها تخضع الآن لسيطرتها.وتؤكد الوثائق أن وحدات الجيش الإثيوبي الموجودة في الجبهة «المدربة تدريباً جيداً والمدججة بالسلاح» تتجاوز المدن الرئيسية لتجنب القتال المكلف في المناطق الحضرية، وتسارع نحو ميكيلي العاصمة، لكن الميليشيات والقوات شبه العسكرية التي تتركها في تلك المناطق ليست مجهزة تجهيزاً كافياً ولا منضبطة، وبالتالي فهي معرّضة بشكل كبير للهجمات المضادة من قبل مقاتلي «تيغراي».وبالتزامن مع التطورات الميدانية ورفض آبي أحمد، المتحدر من عرقية الأورومو الأكبر بالبلاد، المناشدات الدولية المتكررة لوقف الاقتتال وإنهاء النزاع الذي تسبب في فرار عشرات الآلاف ومقتل المئات، جددت الأمم المتحدة توقّعها بارتفاع أعداد الفارين من القتال للسودان إلى 200 ألف لاجئ.