وصل عجز ميزانية الكويت في الربع الأول من السنة المالية 2020/ 2021 (أبريل - يونيو) إلى 1.1 مليار دينار مقابل فائض قدره 1.8 مليار في الفترة المماثلة من السنة المالية 2019/ 2020 وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة المالية.تجدر الإشارة إلى أنه سيكون من المبكر الحكم على نتائج ميزانية السنة المالية بأكملها بناءً على بيانات الربع الأول، وذلك نظراً لبعض الأمور المتعلقة بتوقيت تسجيل بعض معاملات الإنفاق، إضافة إلى ميل الإنفاق العام للارتفاع بشكل حاد في نهاية السنة المالية.
كما أن نتائج الربع الأول لا تتناسب مع توقّعات الحكومة بتسجيل عجز يتخطى 14 مليار دينار للسنة المالية الحالية.
تراجع حاد للإيرادات
وحسب الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك الكويت الوطني، انخفض إجمالي الإيرادات في الربع الأول من السنة المالية 2020/ 2021 بنسبة 72.1 بالمئة على أساس سنوي ليصل إلى 1.4 مليارات دينار مقابل 4.9 مليارات في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة المالية 2019/ 2020. وانخفضت العائدات النفطية، والتي شكلت حوالي 96 بالمئة من إجمالي الإيرادات، بنسبة 71.1 بالمئة على أساس سنوي، إذ تراجع سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 62.1 بالمئة، على أساس سنوي، ليصل في المتوسط إلى 25.78 دولارا للبرميل في حين انخفض إنتاج النفط إلى 2.48 مليون برميل يوميا، في إطار الامتثال لاتفاقية «أوبك» وحلفائها الخاصة بتقليص حصص الإنتاج. من جهة أخرى، انعكست تداعيات الجائحة على الإيرادات غير النفطية التي انخفضت بدورها بنسبة 84.5 بالمئة على أساس سنوي إلى 52.7 مليونا فقط. كما تأثرت الضرائب والرسوم بشكل كبير، إذ تراجعت بنسبة 73 بالمئة، نتيجة لضعف أداء الشركات الكويتية والأجنبية، فضلاً عن التراجع الحاد لنشاط التبادل التجاري (الواردات والصادرات) خلال الأشهر الثلاثة الممتدة بين أبريل ويونيو بنسبة 50.1 بالمئة على أساس سنوي، وفقاً للبيانات الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء.انخفاض النفقات
في الوقت نفسه، انخفض إجمالي النفقات بنسبة 20.4 بالمئة على أساس سنوي، ليصل إلى 2.5 مليار دينار، مدفوعاً بتراجع الإنفاق الرأسمالي بنسبة 65.3 بالمئة على أساس سنوي إلى 0.1 مليار. كما تراجعت النفقات الجارية بنسبة 15.6 بالمئة على أساس سنوي إلى 2.4 مليار نتيجة لتراجع تعويضات العاملين والسلع والخدمات والمنح والمنافع الاجتماعية (بنسبة 11.3 و30.3 و17.8 و44 بالمئة على أساس سنوي على التوالي). إلا أن تراجع مستوى النفقات الجارية، خاصة بالنسبة للأجور والدعوم، والتي تعتبر ثابتة بصفة رئيسية، قد يكون مرتبطا بتوقيت تسجيل تلك المعاملات. كما أن النفقات الجارية عادة ما ترتفع بشكل حاد في نهاية السنة المالية، لتصل إلى حد قريب من المبالغ المخصصة لها ضمن موازنة العام الحالي.كما أثرت الإجراءات الاحترازية التي تم فرضها بهدف احتواء الجائحة سلباً على وتيرة إسناد المشاريع التنموية. وبالنظر إلى الزيادة الكبيرة المتوقع أن يشهدها عجز الميزانية وصعوبة احتواء النفقات المتكررة مثل الأجور والدعوم، فسيواصل الإنفاق الرأسمالي تحمّل وطأة الضغوط المالية خلال العام الحالي والأعوام القادمة أيضاً.عجز ميزانية أكبر
استندت البيانات المعدلة لميزانية السنة المالية 2020/ 2021، التي أقرها مجلس الأمة في سبتمبر الماضي، على افتراضات أكثر تحفظاً لسعر برميل النفط (30 دولاراً مقابل 55 في مسودة الموازنة الأولية) والإنتاج (2.5 مليون برميل يومياً مقابل 2.7 مليون) مع توقّع وصول مستوى العجز إلى 14.1 مليار دينار. وفي ظل تلك التوقعات، ستنخفض الإيرادات النفطية إلى 5.6 مليارات، بينما يتوقع أن تصل الإيرادات غير النفطية إلى 1.9 مليار. من جهة أخرى، تم خفض إجمالي مخصصات الإنفاق بنحو مليار دينار، والتي تم استقطاعها بصفة رئيسية من الانفاق الرأسمالي (29.3 بالمئة) في حين تم الإبقاء على مستوى النفقات الجارية دون تغيير يذكر.ونتوقع أن يكون مستوى العجز أقل من ذلك، ليصل إلى حوالي 10.5 مليارات دينار، أو ما يعادل 33 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي (على أساس افتراض سعر برميل النفط عند مستوى 40 دولارا للبرميل وخفض النفقات بنسبة 5 بالمئة).إلا أن جميع السيناريوهات المحتملة تتوقع استخدام معظم الموارد المتبقية في صندوق الاحتياطي العام لتمويل العجز المتوقع. وعلى الرغم من أن الإصلاحات المالية التي طال انتظارها أصبحت من الضرورات الملحة، فإن أي تدابير سيتم اتخاذها في الوقت الحالي لن تكون كافية لمعالجة أوضاع المالية العامة على المدى القصير. لذا، فإن إقرار قانون جديد للدين العام (على الأرجح بعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 5 ديسمبر) سيوفر تمويلا مؤقتا لمعالجة الاختلالات في هيكل الميزانية عن طريق تطبيق العديد من التدابير المتعلقة بالإيرادات والنفقات في سياق برنامج تعديل مالي شامل متوسط الأجل. ومن جهة أخرى، فإن استخدام موارد صندوق الأجيال القادمة لتمويل النفقات الجارية المرتفعة لن يحظى بترحيب من المستثمرين أو وكالات التصنيف الائتماني.