احتضن ثرى الكويت جثامين الشهداء السبعة الذين تم التعرف على رفاتهم صباح أمس الأول، وذلك بحضور رسمي وشعبي كبيرين، يتقدمه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ أحمد المنصور، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أنس الصالح، ورئيس الأركان العامة للجيش، الفريق الشيخ خالد الصالح، ووكيل وزارة الداخلية، الفريق عصام النهام، وأهالي الشهداء، وحشد كبير من المواطنين.

وأقيمت مساء أمس، في المقبرتين السنية والجعفرية في الصليبيخات، جنازة رسمية لتشييع جثامين الشهداء الذين تم العثور عليهم في مقبرة جماعية بمنطقة السماوة في العراق، إذ تم تسليمهم إلى السلطات الكويتية في سبتمبر الماضي، وتمكّن مركز الاستعراف في الإدارة العامة للأدلة الجنائية من تحديد هوياتهم باستخدام تقنية الفحص الجيني.

Ad

من جانبه، قال رئيس جمعية أهالي الشهداء والأسرى والمفقودين الكويتية، الناطق الرسمي باسم فريق البحث والأسرى والمفقودين في العراق، فايز العنزي، إنه "بفضل من الله، قمنا بتشييع سبعة من شهدائنا الأبرار من الأسرى الكويتيين الذين لم يتم الإفراج عنهم من قبل النظام العراقي السابق بعد تحرير الكويت، والذين يأتون ضمن قائمة الأسرى الكويتيين في العراق وعددهم 605، تم التعرف حتى هذه اللحظة على 342 شهيدا، والمتبقي ضمن القائمة 362 لم يتم التعرف على رفاتهم حتى الآن".

وقال العنزي لـ "الجريدة"، إن "ما يسعدنا ويثلج الصدر في هذا اليوم، هو عودة التعرف على الرفات، وعودة إعلان الاستشهاد بعد توقّف دام أكثر من 12 عاما"، موضحا أن "آخر إعلان تم كان في عام 2008، وتم وقتها عن 3 شهداء فقط، وفي 2007 لم يتم الإعلان عن أي شهيد، وفي 2006 عدد قليل جدا، وكانت فترة الذروة بعد تحرير العراق في 2003 و2004

و2005، بعد ذلك، توقفت هذه العملية لأسباب عديدة ومختلفة، والحمد لله تعود هذه العملية إلى النشاط، وهو الأمر الذي يثلج صدورنا، ونتمنى ونشد على أيدي الحكومة ونطلب منها الاستمرار في متابعة هذا الملف، وكذلك الاستمرار في جلب الرفات من الأراضي العراقية إلى الكويت، والاستمرار في إجراء الفحوص الفنية من اختبارات (دي إن إيه) والبصمة الوراثية لتحديد هويات الرفات التي تحضر من العراق".

وأضاف أن "هذا الموضوع مهم جدا، نسعى من خلاله إلى أن يتم إراحة أهالي الشهداء وإغلاق هذه الملفات التي لا تزال مفتوحة منذ 30 عاما، وهذا شيء نرجو من الحكومة الاستمرار فيه"، مؤكدا اننا "نتقدم بالتهاني لا بالتعازي إلى أهالي الشهداء الصابرين الذي لديهم من الروح الوطنية ما يعد مثالا يحتذى في بذل الغالي والنفيس إلى هذه الأرض الكريمة".

وقال: "أتقدم إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ أحمد المنصور، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أنس الصالح، على حضورهم مراسم التشييع، وإجراء هذا التشييع الرسمي الذي كنا نطالب فيه، ونرجو منهم الاستمرار على هذا النهج"، لافتا إلى أن "توزيع الأعداد في المقابر الجماعية في العراق، مهم أن نعرف أن عدد الأسرى الشهداء الذين تم التعرف عليهم في مقبرة منطقة السماوة 88 شخصا، وفي مقبرة منطقة كربلاء 82 شخصا، وفي مقبرة منطقة العمارة 35 شخصا، وفي مقبرة منطقة الرمادي 27 شخصا، وفي مقبرة منطقة صبحان الكويتية 4 أشخاص".

فداء للكويت

من جانبه، قال شقيق الشهيد برجس الخالدي، "يفترض أن يتم تهنئتنا في هذا اليوم، لا تعزيتنا، لأن الشهيد برجس، قدّم نفسه من أجل الكويت، وندعو الله أن يكون شفيعا لنا يوم القيامة"، مؤكدا اننا "نشعر بالفخر، لأن برجس أحد الشهداء الذين قدّموا أنفسهم فداء لتراب الكويت".

تشييع مهيب

من جهته، قال عمار العجمي (من أقارب الشهيد وليد الجيران)، إن "وليد وإخوته أسروا في الأسابيع الأولى من الغزو العراقي الغاشم، ونحتسبه عند الله شهيدا بإذن الله، وأن يعوّض شبابه خيرا في الجنة"، موضحا أن "التشييع الرسمي والشعبي الذي رأيناه اليوم، كان منظرا مهيبا يليق بهذه الكوكبة من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الكويت، وفي الوقت نفسه يذكرنا بالاحتلال العراقي الغاشم والتضحيات التي قدّمها في تلك الحقبة أبناء الكويت رجالا ونساء، والتي لن ينساها أي كويتي، لاسيما أن الكويت تستحق منا جميعا التضحية، لذلك أرى أن هؤلاء الشهداء الأحياء عند ربهم، ما هم إلا استمرار لهذه التضحيات الكبيرة التي عرف بها أبناء هذا الوطن المعطاء".

سعادة وألم

بدوره، أكد محمد الجيران، (شقيق الشهيد وليد)، أن "استشهاد وليد ما هو إلا امتداد لعائلتنا الكريمة، في فداء الكويت وتقديم الروح وكل ما نملك في الحروب التي تمت في السنوات السابقة، سواء في العصر الماضي، في مصر أو في الكويت خلال الغزو العراقي الغاشم، ونحن كذلك نؤكد استمرارنا على هذا الطريق من خلال الحرص على الدفاع عن أرضنا بأرواحنا وأولادنا وكل ما نملك، ولا شك في أنه شعور ممزوج بالسعادة والألم، كيف لا ونحن نحتسب وليد شهيدا، لكن تبقى مشاعر الأخوة موجودة، وما يصبرنا هو أنه حي عند الله سبحانه وتعالى".

شعور بالفخر

من ناحيته، قال عبدالعزيز مال الله، (عم الشهيد وليد الجيران)، "نحن نفخر بأن ولدنا قدّم نفسه فداء لهذا الأرض الطيبة، كما هي حال أقرانه في هذا الركن من المقبرة المخصص للشهداء، ونحمد الله على أننا تعرّفنا على رفاته، لاسيما أن الجميع كان يشعر بفقده طوال هذه السنوات، لكن لله الحمد والمنة، فقد تم دفنه في وطنه وبين أهله وأحبائه"، مشيرا إلى أننا "نشكر جميع من حضر مراسم التشييع اليوم، خصوصا الوزراء والمسؤولين في الدولة وأهالي وأصدقاء الشهداء والمواطنين الذين توافدوا لمشاركتنا في هذه المناسبة، والحرص على تقديم واجب العزاء".

من ناحيته، قال محمد الجري (من أقارب الشهيد منذر السيف): "نزف البشرى لنا جميعا، خصوصا أن استشهاد منذر مبعث فخر واعتزاز لكل من يعرفه، وبذلك رفع رأس والديه وأن يكون لهما شفيعا يوم القيامة، ونسأل الله العفو والعافية للجميع".

لقطات

تقديم أعلام الكويت لأسر الشهداء

قدم الوزيران الصالح والمنصور أعلام الكويت، التي غطيت بها نعوش الشهداء، لذويهم لدى تقديم واجب العزاء لهم باسم صاحب السمو أمير البلاد، وسمو ولي العهد، وسمو رئيس مجلس الوزراء.

مراسم عزاء الشهيد القبندي بالمقبرة الجعفرية

أقيمت مراسم عزاء الشهيد حسين القبندي في المقبرة الجعفرية بحضور الوزيرين المنصور والصالح والقيادات الأمنية والعسكرية، وأقيمت مراسم دفن عسكرية للشهيد بمشاركة الطلبة الضباط في أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية.

مقبرة جماعية بالسماوة

قال المدير العام للادارة العامة للادلة الجنائية العميد عيد العويهان، إن رفات الشهداء عثر عليها في مقبرة جماعية بمنطقة السماوة العراقية، لافتا إلى أن الفريق المختص بمركز الاستعراف في الإدارة تمكن من تحديد هويات الشهداء.

جنازة عسكرية

أقيمت للشهداء جنازة عسكرية شارك فيها طلبة أكاديمية سعد العبدلله للعلوم الأمنية، الذين حملوا جثامين الشهداء، وساروا بهم في مسيرة عسكرية، منكسين أسلحتهم حتى ووريت جثامين الشهداء الثرى.

مباركة لا عزاء

طالب أهالي الشهداء من الحضور بالمباركة لهم في استشهاد أبنائهم لا تقديم واجب العزاء لهم، لأن الشهداء ضربوا أروع مثل بالتضحية، وقدموا أرواحهم فداء من أجل الكويت.

شقيق الخالدي: والداه كانا يعيشان على أمل عودته

قال أحمد عشوي الخالدي شقيق الشهيد برجس الخالدي، إن والديه توفيا وهما ينتظران عودته من الأسر، وكانا يعيشان على أمل عودته، إما أسيراً محرراً أو شهيداً بطلاً، وفي كلتا الحالتين كانا ينتظران عودته إليهما... رحمهم الله جميعا.

جهود كبيرة للإعلام الأمني

بذل المدير العام للادارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني بوزارة الداخلية العميد توحيد الكندري، وضباط الإدارة جهدا كبيرا في تنظيم عملية تشييع الشهداء منذ بدايتها حتى نهاية مراسم التشييع، وسهلوا مهمة وسائل الإعلام في تغطية المراسم.