فريق جو بايدن الخارجي: وسطيون مؤيدون لـ «التدخل»
أنتوني بلينكن الأساسي في عهد أوباما لخلافة بومبيو... وأختيار مهندس «نووي إيران» مستشاراً للأمن القومي
في ظل تضاؤل فرص غريمه الجمهوري دونالد ترامب في قلب نتائج الانتخابات، مضى الرئيس المنتخب جو بايدن قُدماً في تعيين أبرز المسؤولين في إدارته، ورسا في اختيار المسؤول الأول عن سياسته الخارجية على الدبلوماسي صاحب الخبرة الطويلة أنتوني بلينكن، ومهندس الاتفاق النووي جايك سوليفان مستشاراً للأمن القومي.
في قرار سيشكل عودة إلى نهج العمل المتعدد الأطراف، خلافاً لسياسة "أميركا أولاً"، التي تبناها الرئيس الجمهوري دونالد ترامب وأغضب بها الحلفاء التقليديين، يتجه الرئيس المنتخب جو بايدن لتسمية الدبلوماسي المخضرم أنتوني بلينكن وزيراً للخارجية، ومهندس الاتفاق النووي مع إيران جايك سوليفان مستشاراً للأمن القومي.وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" ووكالة "بلومبرغ"، يعتزم بايدن الكشف عن أسماء أول أعضاء إدارته المقبلة اليوم، رغم مواصلة ترامب الإصرار على حصول عمليات تزوير خلال الانتخابات، لكن من دون تقديم أدلة.وبلينكن (58 عاماً) هو أحد مستشاري بايدن الرئيسيّين في مجال السياسة الخارجية، وكان المسؤول الثاني في وزارة الخارجية عندما كان يشغل منصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما.
وبلينكن يتحدث الفرنسية بطلاقة، وهو محاور لبق، ومن مؤيدي أوروبا، وقد ارتاد مدرسة في باريس، حيث كان زوج والدته يمارس مهنة المحاماة.وتعيين بلينكن، الذي سيتطلب موافقة مجلس الشيوخ، قد يساهم في طمأنة حلفاء الولايات المتحدة الذين تعرّضوا للتهميش أو حتى للإهانة في ظل حكم ترامب.واعتبر رئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس أن بلينكن سيكون وزير خارجية قوياً، مؤكدا أنه، إلى جانب خبرته الواسعة في السياسة الخارجية، فهو "على علاقة جيدة بالرئيس، مما سيتيح له إيصال الحقيقة للسلطة".
إيران والصين
وفي حال تعيينه، سيخلف بلينكن، الذي يعد من أشدّ المؤيّدين للتعددية وزير الخارجية الحالي مايك بومبيو، المؤيد لـ "حملة الضغوط القصوى" على إيران ولسياسة لا هوادة فيها تجاه الصين.ولعب بلينكن دوراً محورياً في رسم معالم السياسة الخارجية لإدارة أوباما، بما في ذلك طبيعة الرد على اجتياح روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014، وعملية اغتيال زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن في 2011، والحرب ضد تنظيم "داعش".وبدأ العمل الحكومي في إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، وتمكن خلال بضع سنوات أن يصبح المسؤول الأول عن كتابة خطاباته المتعلقة بالسياسة الخارجية.ورافق بلينكن بايدن عن قرب خلال توليه منصب نائب الرئيس، واشتغل رفقته في إدارة أوباما على العديد من الملفات، بينها الشأن العراقي، إذ كان وراء صياغة مقترح بايدن لتقسيم العراق الى 3 مناطق حسب الهوية العرقية أو الطائفية تتمتع بالحكم الذاتي.وبحسب "واشنطن بوست"، فإن بلينكن صاحب رؤى وسطية حول العالم، في الآن نفسه يدعم السياسات التدخلية، وسبق له أن اختلف مع بايدن بخصوص دعمه التدخل العسكري في ليبيا، وكان من الداعين خلال إدارة أوباما، إلى انخراط أميركي أكبر في سورية.وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن بلينكن ساعد في تطوير الاستجابة الأميركية للربيع العربي، وكان لاعباً رئيسياً في الجهود الدبلوماسية لتسخير أكثر من 60 دولة لمواجهة تنظيم داعش في العراق وسورية.وبحسب الصحيفة، سيركز على التنافس مع الصين من خلال تعزيز التجارة والاستثمارات التكنولوجية وحقوق الإنسان، بدلاً من إجبار الدول على الاختيار بين اقتصادي القوتين العظميين.وسيسعى لتعزير العلاقة مع الهند، عبر منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وتعميق المشاركة في جميع أنحاء إفريقيا، حيث حققت الصين نجاحات، والاعتراف بأوروبا كشريك "الملاذ الأول" وليس الأخير، عندما يتعلق الأمر بالتصدي للتحديات.ويقترح استغلال عدم ارتياح موسكو من تزايد اعتمادها على الصين في مجال التكنولوجيا. وفي تغريدة له قبل أيام، انتقد بلنكين مصر بسبب اعتقالات.اتفاقات دولية
ويعول على بلينكن لقيادة جهود واشنطن للعودة للانضمام إلى اتفاقات دولية مهمة، مثل باريس للمناخ، ومنظمة الصحة العالمية وإحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه ترامب.ويؤشر اختياره إلى رغبة بايدن في وضع مسؤولين راكموا خبرة طويلة في المناصب الحساسة بإدارته، وكذا العودة إلى نهج سياسة خارجية تمنح الأولوية لإقامة الشراكات والتعاون، في تناقض صارخ مع نهج ترامب في أيامه الأولى بالمكتب البيضاوي.وبلينكن خريج جامعة هارفارد وجامعة كولومبيا للقانون، وبعد انتهاء ولاية أوباما، قام بتأسيس مكتب "ويستاكسيك" للاستشارات السياسة، رفقة ميشيل فلورنوي، المسؤولة السابقة بوزارة الدفاع، التي يرجح أن تتولى منصب وزيرة الدفاع، في سابقة من نوعها.وأفاد موقع "أكسيوس" بأن الجمهوريين قد يرفضون بعض أسماء إدارة بايدن، ويعتزمون عدم تمرير ترشيحه لبلينكن وزيرا الخارجية في مجلس الشيوخ.سوليفان وغرينفيلد
وقالت صحيفة "واشنطن بوست"، ووسائل إعلام أخرى، إن بايدن سيسمي أيضاً جايك سوليفان أحد أقرب معاونيه، مستشاراً للأمن القومي.وقاد سوليفان اجتماعات سرية جرت بعيداً عن الأنظار عن طريق عُمان، ونجح في مهمة معقّدة أوكلها له أوباما للوصول إلى الاتفاق النووي مع مجموعة "5+1" وإيران في 2015.وفي إطار استعداداته لتسلّم الحكم في يناير، يعتزم بايدن تسمية ليندا غرينفيلد، التي شغلت منصب مساعدة وزير الخارجية لشؤون إفريقيا في عهد أوباما، سفيرةً الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.دوامة ترامب
في المقابل، واصل ترامب ومحاموه تقديم التماسات للقضاء للتنديد بعمليات تزوير. وغرّد مجدّدًا أمس الأول، مشيراً إلى حصول "تزوير هائل وغير مسبوق" في الانتخابات، وهو ما نفاه قضاة كثر في ولايات عدّة.وأعلن فريق ترامب أنه لن يتعامل بعد الآن مع المحامية سيدني باول، المثيرة للجدل، بعد أن أكدت في مؤتمر صحافي الخميس الماضي، وعادت وكرّرت في وقتٍ لاحق، أنّ ترامب هزَمَ بايدن بفارق كبير، مشيرة إلى أن أنظمة احتيال انتخابي إلكترونيّة مرتبطة بفنزويلا وكوبا استُخدِمت لتحريف نتائج الانتخابات وسرقة ملايين الأصوات منه.وقبل ساعات من عقد لجنة المسؤولين الانتخابيين في ميشيغان اجتماعاً أمس للمصادقة على نتيجة هذه الولاية، أقرّ عدد متزايد من الشخصيات الجمهورية الكبرى بفوز بايدن، أو قاموا على الأقل بحضّ رئيس إدارة الخدمات العامة على الإفراج عن أموال فدرالية لتغطية الفترة الانتقالية له.وقال حاكم ولاية نيوجرسي السابق، كريس كريستي، الحليف الوثيق لترامب إن سلسلة الطعون القانونيّة لترامب تشكل "إحراجاً وطنياً"، وإن الوقت حان كي تصرف إدارة الخدمات العامة التمويل المخصص لإنجاز عملية انتقال السلطة.وأكد الحاكم الجمهوري لولاية ميريلاند، لاري هوغان، أن ترامب يجعل الولايات المتحدة تبدو كـ "جمهورية موز"، داعياً إياه في تغريدة إلى "التوقف عن لعب الغولف والإقرار بالهزيمة".ودافع السيناتور عن داكوتا الشمالية، كيفن كريمر، عن إصرار ترامب على ضمان نزاهة الانتخابات، لكنه اعتبر أن "الوقت حان لبدء الانتقال"، مؤكدا أنه "يفضل أن يكون أمام أي رئيس أكثر من يوم للتحضير" لانتقال السلطة.وقالت النائبة ليز تشيني، التي تُعد ثالث أبرز شخصية جمهورية في مجلس النواب، إنه إذا تعذّر على محامي ترامب إثبات مزاعم حصول تزوير، فعليه "احترام قدسية العملية الانتخابية".وقالت سامانتا باور، التي شغلت منصب سفيرة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة في عهد أوباما، إن عدم إطلاع ترامب بايدن على فحوى اجتماعات بالغة الأهمية، على غرار عديد قواتنا في أفغانستان، وإن كان هناك تهديد محتمل لأهداف أميركية في الخارج هما "أقصى درجات التهور".