يعد الفنان القدير أحمد مساعد واحداً من مؤسسي فرقة المسرح الشعبي الذين ساهموا في مسيرتها، حتى وصل إلى منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، كما شغل منصب مساعد عضو الاتحاد الكويتي للمسارح الأهلية، وشارك في عدة لجان تحكيم بمهرجانات محلية، وتم تكريمه في مناسبات مختلفة، منها تكريمه ضمن فعاليات مهرجان أيام المسرح للشباب بدورته الثامنة، إلى جانب أعمدة الفن المسرحي ممن قدموا صورةً مضيئةً عن الإنسان، لكونه واحداً من الفنانين الذين نهضوا بالفن الكويتي طوال 50 عاما من العطاء.ولمساعد في الإذاعة باع طويل، فقد تدرّج في العمل الإذاعي منذ عام 1969 حتى أصبح مساعداً لمدير شؤون التمثيليات والبرامج، إلى أن تقاعد عن العمل، لكنها تظل حتى الآن نافذته الأهم على الجمهور، مؤكداً في لقائه مع «الجريدة» أن سيطرة الجيل الجديد على الساحة الفنية تسببت في إقصاء جيل الكبار، ليأخذ قراره بالابتعاد قليلاً، حفاظاً على تاريخه الطويل، وأرشيفه الذي يقترب من 130 عملاً بين التمثيل والإخراج والإنتاج.
شارك أخيراً في مسلسلات «غرس الود» و«حضن الشوك»، و«العاصفة»، و«مع الحرملك» وفيلم «طريق الهاوية»، ويستعد لبدء تصوير مسلسل جديد... وهنا التفاصيل:
• رغم حضورك الدرامي من كل عام، فإنه ظهور خفيف لا يتسم بمساحة كبيرة، فما السبب؟
- اختيار الفنانين المشاركين بالأعمال مسؤولية المنتج والمخرج، ولأن الساحة الفنية في السنوات الأخيرة تشهد سيطرة الجيل الجديد، فهم يتحيزون إلى أبناء جيلهم، وهو أمر طبيعي بعض الشيء، فعقولهم متقاربة وتجمعهم العديد من القواسم المشتركة، ولكن في المقابل كان هذا سببا لإقصاء جيل الكبار من المشهد.• يعني ذلك أنك تتقبل غيابك عن الدراما التلفزيونية، وتعتبر أنه غير مؤثر على المنتج الفني؟
- لكل زمان دولة ورجال، ولنا تاريخ طويل والجمهور يتذكرنا باستمرار، لكن أعتبر أنه قبول بالأمر الواقع، فأنا لن أقبل أدوارا لا تليق بي وأضيّع تاريخي الفني، ولن أستجدي أو أطلب أن أحصل على دور في عمل ما، فمن الأفضل هو التقبل، إضافة إلى ذلك، فالفنان الذي بذل نصف قرن في العطاء الفني قد يصل إلى مرحلة التشبع والملل أحيانا، ولذلك فإن العمل الذي لا يستهويني والدور الذي لا يحترم إمكاناتي لا يدفعني للمشاركة تحت أي بند.• مع قلة عدد جيل الفنانين الكبار الموجودين بالساحة، ألا ترى أنه من المنطقي أن تشهدوا إقبالا وطلبا أكبر؟
- هذا هو الأمر الطبيعي، ولكن إغفال النصوص لأدوارنا يجعل الإقبال علينا ضعيفا جدا، حيث إن كتّاب الدراما التلفزيونية حاليا هم أيضا من جيل الشباب ولا يعطون أدوارنا المساحة الكافية، وأنا لا يهمني حجم الدور بقدر تأثيره بالأحداث، ولكن ما يقدم حاليا يعاني إغفالا كبيرا لأهميتنا بالعمل.الاعتزال الفني• هل فكرت في الاعتزال الفني؟
- هي فكرة ليست ضمن خططي، فالفنان لا يستطيع الاعتزال طالما لا تزال طاقته الفنية متوهجة وقادرا على العطاء، وخاصة أن لديّ حضورا إذاعيا كبيرا، فضلا عن مشاركاتي التلفزيونية في أعمال مميزة، ولديّ قريبا مسلسل جديد أشارك فيه، لكني لا أستطيع الكشف عن تفاصيله حتى انطلاق التصوير.• كيف ترى تأثير انعزال الأجيال بالدراما التلفزيونية في السنوات الأخيرة؟
- أرى أن الساحة تشهد كمّا جيدا من الإنتاج، لكن على مستوى الكيف، فقليلة هي الأعمال القوية التي تستحق المتابعة، وهو عكس الواقع بالإذاعة التي أعتبرها "عشيقتي"، ولديّ معها ولهٌ خاص، فهي فن ساحر ومؤثر في الواجدان والقلوب والنفوس، كما أنها تتيح الظهور لكل الأجيال، وخاصة جيل الكبار، مثل سعد الفرج وجاسم النبهان وغيرهما، ولي فيها تاريخ طويل منذ عملت بها في صغري، ولا تزال حتى الآن تكرم الفنانين الكبار وتضعهم في المكان المناسب ماديا وفنيا.تكريم الفنان• ما أهمية التكريم للفنان من وجهة نظرك؟
- أهمية كبيرة، فهي فكرة التقدير، وأن يشعر الفنان بأن عمره وجهده وتاريخه لم تذهب هباء، فالفنان يشعر بالألم حين ينساه الجمهور، ولو أن الإذاعة حالها كالتلفزيون مثلا، كيف سيكون حضورنا الفني أنا وزملائي من الفنانين كبار السن الذي تغفلهم الدراما التلفزيونية؟ والمسرح يعتبر عبئا صحيا عليهم، فهو يحتاج إلى جهد كبير لا يتناسب مع فئتنا، فضلا عن ذلك، فالأعمال المسرحية حاليا يشوبها الكثير من الضعف، فقد كنت كمخرج أجهز للعمل المسرحي 3 أشهر من البروفات المستمرة، أما الآن فجيل الشباب يبدأون بروفات في منتصف رمضان ويعرضون في العيد.. فأي نوع من المسرحيات هذا؟!منحنى متذبذب• يعني ذلك أنك غير راض عن المنتج المسرحي أم عن آلية العمل به التي لا تروق لكبار الفنانين؟
- أنا محب للمسرح و"أموت عليه"، وكانت نشأتي وشهرتي من خلاله، فهو في منحنى متذبذب بين الصعود والهبوط، ولكن يلاحظ أن المسرح الأكاديمي وأعمال المهرجانات أفضل كثيرا من الأعمال الجماهيرية أو التجارية، وبشكل عام حالة أفضل من الدراما التلفزيونية التي تشهد تراجعا ملحوظا بشهادة الجميع، ولكن لا يزال لبعض الأعمال رونقها الخاص، فلقد تابعت أخيرا مسلسلات وجدت فيها جهدا طيبا ومنها "إقبال يوم أقبلت" للفنانة هدى حسين، ومسلسل "أم هارون" للفنانة القديرة حياة الفهد، وهو شكل جديد للدراما الخليجية غير مألوف، ويفتح مجالا للتغيير والتجديد، وأعمال الفنانة القديرة سعاد عبدالله التي أتابعها باستمرار.• هل تفكر في العودة إلى الإنتاج الدرامي والمساهمة بأعمال تثري الساحة الفنية؟
- الساحة الفنية حاليا لا تستهويني لإنتاج أعمال جديدة، بعد ما قدمت في السابق، وخاصة أني شاركت في إنتاج أعمال تاريخية لا تمحوها الذاكرة، ومنها مسلسل "ابن سينا"، الذي ضم عمالقة الفن في ذلك الوقت، وعلى رأسهم الراحل محمود ياسين، وأنتجت "الخروج من الهاوية" و"البري والبحري" و"الحائط"، وغيرها الكثير من الأعمال، أما الآن فجيل الشباب يفتقد أمورا مهمة، بعضها الموهبة الحقيقية ومعناها الهدف من العمل الفني والرسالة، وبعضها أمور شخصية تتمثل في الالتزام بالمواعيد واحترام موقع التصوير وتقبُّل النصح، وللحقيقة هي طبيعة جيل كامل خرج في ظروف مغايرة لنا تماما، أتفهم ذلك جيدا، لكن التعامل في المجال الفني أصبح مختلفا تماما عن السابق.• هل تتابع أعمالا خليجية؟
- إلى حد ما، فلديّ اطلاع كبير على منتجات الدراما الخليجية، ومن خلال ذلك أرى أن الإنتاج الدرامي السعودي تقدّم بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مقارنة بالدراما المحلية، فبدأ الآن إنتاج سينمائي وتلفزيوني ومسرح يلقى كل أنواع الدعم المادي والمعنوي، ولكن أكثر ما يميز الدراما السعودية أنها طبيعية وبعيدة عن التكلف، وتقدّم مستوى عاليا جدا من أداء الفنانين، وهو مؤشر جيد ربما يحمل الخير للساحة الفنية الخليجية بشكل عام.