سجل الحساب الجاري فائضا بقيمة 0.4 مليار دينار (4.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من عام 2020)، والذي يعد أدنى المستويات التي تم تسجيلها منذ الربع الثاني من عام 2017، وفقا للبيانات الصادرة عن بنك الكويت المركزي، وكان انخفاض أسعار خام التصدير الكويتي وتراجع إيرادات الاستثمارات الخارجية أبرز العوامل الرئيسية التي ساهمت في هذا التراجع. من جهة أخرى، كشفت بيانات الحساب المالي تراجع صافي التدفقات الخارجية إلى 0.1 مليار دينار، في ظل انخفاض الودائع الحكومية في الخارج خلال نفس الفترة.وحسب الموجز الاقتصادي، الصادر عن بنك الكويت الوطني، تقلص فائض الميزان التجاري بنسبة 26.7 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الأول من عام 2020، إذ هبط سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 17.4 في المئة في نفس الفترة، ليصل في المتوسط إلى 52.1 دولارا للبرميل، بينما ظلت مستويات الإنتاج مستقرة نسبيا، إذ بلغت 2.7 مليون برميل يوميا خلال نفس الفترة، مما أدى إلى تراجع صادرات النفط (89.7 في المئة من إجمالي الصادرات) بنسبة 20.1 في المئة على أساس سنوي.
من جهة أخرى، انخفضت الواردات بنسبة 9.6 في المئة على أساس سنوي، مما ساهم جزئيا في تخفيف أثر انخفاض الصادرات، كما انخفض العجز في حساب الخدمات بمقدار 0.6 مليار دينار، في ظل انخفاض المدفوعات المتعلقة بالسفر، نظرا للقيود التي تم فرضها لاحتواء تفشي الجائحة وإلغاء الرحلات الجوية، مما ساهم في الحد من أعداد السياح الكويتيين للخارج.كما شهد فائض الدخل الأساسي، الذي يسجل صافي دخل الاستثمار وتعويضات العاملين، انخفاضا حادا بقيمة 1.7 مليار دينار، نتيجة تراجع عائدات الاستثمارات الكويتية بنفس القدر، وتأثرت إيرادات الاستثمار المباشر على خلفية التداعيات التي خلفتها الجائحة على النشاط الاقتصادي، مما أثر على سلاسل العرض والطلب، بينما تأثرت إيرادات الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية (توزيعات الأرباح والفوائد على الأدوات المالية المتداولة) سلبا نتيجة لضعف أداء الاسواق المالية على المستويين الإقليمي والدولي، والتي شهدت مؤشراتها الرئيسية تراجعا حادا مقارنة بأداء الربع الأول من عام 2019. من جهة أخرى، بلغت عائدات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الكويت حوالي 58.1 مليون دينار تقريبا، بانخفاض بلغت نسبته 69 في المئة على أساس سنوي مقارنة بالربع الأول من عام 2019، وارتفع عجز حساب الدخل الثانوي، الذي يقيس التحويلات (بشكل رئيسي المساعدات الخارجية وتحويلات العاملين) إلى 1.4 مليار في الربع الأول من عام 2020، ويعزى الارتفاع في التدفقات الخارجية إلى الزيادة الملحوظة التي شهدتها تحويلات العاملين بنسبة 42.8 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2020.
تدفقات الحساب المالي
شهد الحساب المالي لميزان المدفوعات، الذي يقيس التغيرات في صافي الأصول الخارجية المملوكة للمقيمين وغير المقيمين، صافي تدفقات خارجية بقيمة 0.1 مليار دينار، مقابل 1.9 مليار في الربع الأول من عام 2019، إذ تأثرت بصفة رئيسية بانخفاض الودائع الحكومية في الخارج، ويأتي ذلك على الرغم من ارتفاع استثمارات محفظة الأوراق المالية في الخارج.من جهة أخرى، واصل حساب الاستثمار المباشر، الذي عكس اتجاهه في الربع الثالث من عام 2019، وبدأ تسجيل صافي تدفقات خارجية، وذلك نتيجة ارتفاع الاستثمارات الكويتية ضمن حقوق الملكية. وبنفس الوتيرة، سجلت استثمارات محفظة الأوراق المالية صافي تدفقات خارجية بقيمة 3.9 مليارات دينار، مقابل تدفقات خارجية بقيمة أقل نسبيا بلغت 2.4 مليار في الربع الأول من عام 2019.في المقابل، سجل بند الاستثمارات الأخرى تدفقات صافية للداخل بقيمة 4.7 مليارات دينار، على الرغم من ارتفاع ودائع غير المقيمين لدى البنوك المحلية بمقدار 0.9 مليار، بينما شهدت الودائع الحكومية في الخارج انخفاضا قدره 3.6 مليارات في الربع الأول من عام 2020.الأصول الاحتياطية
وارتفع إجمالي الأصول الاحتياطية الدولية لبنك الكويت المركزي بنحو 91 مليون دينار تقريبا ليصل إلى 12.2 مليارا (30.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من عام 2020، وبما يكفي لتغطية حوالي 8.5 أشهر من الواردات، وبنسبة 32.1 في المئة من عرض النقد بمفهومه الواسع (ن2)) بنهاية مارس 2020، ولا تتضمن الأصول الاحتياطية اجمالي الاحتياطيات المالية للهيئة العامة للاستثمار، والتي تقدر بما لا يقل عن 400 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعكس الفوائض المتتالية التي سجلها ميزان المدفوعات، ويوفر للكويت الاستقرار المالي واستقرار سعر الصرف.من جهة أخرى، ارتفع سعر الصرف الفعلي الاسمي للدينار مقابل العملات الرئيسية الأخرى في الربع الأول من عام 2020 بنسبة 2.0 في المئة، مقابل تسجيله معدل نمو أعلى بلغت نسبته 4.0 في المئة في الفترة المماثلة من العام السابق، بينما ارتفع سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية في الربع الأول من عام 2020 (مقابل اليورو واليوان الصيني والليرة التركية بنسبة 2.9 في المئة و3.5 في المئة و13.6 في المئة على أساس سنوي على التوالي) ويرجع ارتفاع الدينار إلى ارتفاع الوزن الترجيحي للدولار ضمن سلة العملات المرتبطة بسعر صرف الدينار.وفي ذات الوقت، ظلت الضغوط التضخمية منخفضة نسبيا عند مستوى 1.7 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2020 مقابل 2.5 في المئة للشركاء التجاريين للكويت، بدعم من قوة الدينار وتأثيره على قيمة السلع والخدمات المستوردة، إضافة إلى الإجراءات الإدارية التي تحد من انتقال الأثر السعري للأسعار المحلية. ووفقا لذلك، فقد شهد سعر الصرف الفعلي الحقيقي معدل ارتفاع معتدل بلغت نسبته 1.3 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2020، مقابل ارتفاعه بنسبة 3.0 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2019.نظرة مستقبلية
وأظهرت بيانات الربع الأول من عام 2020 انعكاس تداعيات الجائحة بمستويات معتدلة على ميزان المدفوعات، إلا أنه من المتوقع أن تتفاقم حدة تأثيرات الجائحة والتدابير الصحية المفروضة لاحتوائها خلال الفترات المقبلة، إذ سيكون لذلك تأثير سلبي على الميزان التجاري (السلع والخدمات)، وكذلك على عائدات الاستثمارات الكويتية في الخارج. لكن من المتوقع أن يقابل تلك التطورات تراجع متوقع على صعيدي تحويلات العاملين والواردات، على خلفية ضعف النشاط الاقتصادي، لذا يتوقع أن يسجل رصيد الحساب الجاري عجزا بنسبة 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي. من جهة أخرى، من المتوقع أن تشهد استثمارات محفظة الأوراق المالية و«الاستثمارات الأخرى» تغيرات ملحوظة خلال العام الحالي، لإعادة توازن محفظة الاستثمارات، وهو الأمر الذي قد يؤدي للاتجاه إلى تفضيل الاحتفاظ بالسيولة على الرغم من انخفاض أسعار الفائدة.