ما بعد الانتخابات... انتقال شاق للرئاسة الأميركية
صحيح أن بايدن حصل على ما يقرب من 80 مليون صوت لكن مع وجود أغلبية عظمى من بين أكثر من 73 مليون أميركي أدلوا بأصواتهم لترامب غير مستعدين لقبول النتيجة أو مشروعية الرئيس المنتحب، فإننا أمام عملية صعبة للانتقال.
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
وفي الوقت نفسه، اتبع ترامب بعض التصرفات المشكوك فيها مثل دعوته مسؤولي الانتخابات «الجمهوريين»، الذين أقروا التصويت في مصلحة بايدن وحثهم على سحب إقرارهم، ودعا ترامب المشرعين «الجمهوريين» في الولايات إلى تعيين مجموعة من أعضاء المجمع الانتخابي، الذين يعارضون آمال الناخبين في ولاياتهم، وأن يدلي هؤلاء المعينون بأصواتهم له في اجتماع المجمع الانتخابي في ديسمبر للتصديق رسمياً على انتخاب الرئيس. ولأن ترامب لن يُسلم ويُصر على التشبث بأنه سيُعلن أنه الفائز، رفض السماح بالعمليات الطبيعية للانتقال، فلم يسمح بالإفراج عن الأموال، التي كان يجب أن يتلقاها مكتب بايدن الانتقالي لتغطية نفقات إعداد حكومته المنتظرة، ولم يسمح أيضاً لفرق بايدن بإمكانية الدخول إلى المكاتب الحكومية للعمل إلى جانب نظرائهم من إدارة ترامب، وتلقي إفادات حتى يتم الانتقال بسلاسة في يوم التنصيب، وهناك أيضاً تقارير موثوقة تشير إلى أن أنصار ترامب يعكفون على تدمير ملفات المراسلات وأوراق رئاسية أخرى يتعين الحفاظ عليها بحكم القانون، وهذا الإجراء الأخير يكشف في جانب منه أن العناصر الفاعلة المحيطة بترامب يرون ما هو واضح للعيان، ويدركون أنه لن يكون هناك فترة ولاية ثانية لترامب رغم التغريدات وألاعيب المحامين. والمؤشرات الأخرى على هذا الواقع هي المناورات التي اتخذها الرئيس في الآونة الأخيرة على الجبهتين الداخلية والخارجية، ومن ضمن هذه المناورات إعلانه السريع عن سحب القوات من أفغانستان والعراق والصومال، ومثل هذا إعلان وزير الخارجية مايك بومبيو بإضفاء مشروعية على المستوطنات الإسرائيلية وبأن مقاطعة إسرائيل معاداة للسامية، وفي الداخل، يستعد البيت الأبيض لاتخاذ إجراءات في الهجرة والرعاية الصحية واختيار المدرسة وفتح محمية للحياة البرية في آلاسكا أمام عقود التنقيب عن النفط. والأكثر خطورة من هذه العراقيل هو الضرر الذي تلحقه ألاعيب ترامب بالثقة في نظام حكمنا، فقد أظهر استطلاع رأي في الآونة الأخيرة أن ثلاثة أرباع الناخبين تقريباً يعتقدون أن هذه الانتخابات شابتها عيوب كثيرة، ويعتقدون أن ترامب هو الفائز، وأن بايدن ليس منتخبا بشكل مشروع، ومع وجود غالبية كبيرة من أعضاء مجلس الشيوخ وحكام الولايات «الجمهوريين» وزعماء آخرين من الحزب «الجمهوري» يرددون هذا الكلام، مخافة إقصاء القاعدة الموالية لترامب، لا يمكننا توقع أن يعمل «الجمهوريون» في مجلسي النواب والشيوخ بالكونغرس بشكل بناء مع نظرائهم «الديمقراطيين»، فلقد أصبحنا بلداً أشد انقساماً من أي وقت منذ الحرب الأهلية. كان لدينا خلافات في النهج السياسي، لكننا لم نكن نختلف من قبل قط على الحقيقة. صحيح أن بايدن حصل على ما يقرب من 80 مليون صوت لكن مع وجود غالبية عظمى من بين أكثر من 73 مليون أميركي أدلوا بأصواتهم لترامب غير مستعدين لقبول النتيجة أو مشروعية الرئيس المنتحب، فإننا أمام عملية صعبة للانتقال.* رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن.