وسط مخاوف من وقوع انتهاكات كبيرة ومذابح عرقية في حال أقدمت القوات الاتحادية الاثيوبية على اقتحام مدينة ميكيلي عاصمة إقليم تيغراي المحاصرة، رفض رئيس الوزراء أبي أحمد الإجماع الدولي المتنامي على الدعوة للحوار ووقف القتال الدامي بشمالي البلاد، باعتباره "تدخلاً".وقال أحمد، في بيان صادر عن مكتبه، أمس، إن "بلاده ستتعامل مع الصراع بمفردها بعد نفاد مهلة الـ 72 ساعة" التي منحها لقادة وعناصر "جبهة تحرير شعب تيغراي" للاستسلام أو مواجهة هجوم حاسم على عاصمة الإقليم التي يقطنها نحو نصف مليون نسمة من عرقية تيغراي.
وقبل ساعات من انتهاء المهلة ليل الأربعاء ـ الخميس، أفاد في البيان بأن إثيوبيا "تقدر مخاوف الأصدقاء، لكننا نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية".وتابع أحمد، المتحدر من عرقية الأورومو الأكبر البلاد: "يجب على المجتمع الدولي أن يقف مستعداً حتى تقدم حكومة إثيوبيا طلباتها للمساعدة من المجتمع الدولي"، وأردف قائلاً: "إننا نحث المجتمع الدولي بكل احترام على الامتناع عن أي أعمال تدخل غير مرحب بها وغير قانونية". ويصر أحمد، الحائز جائزة نوبل للسلام العام الماضي، على وصف الصراع بأنه "عملية لإنفاذ القانون"، بينما تطوق الدبابات ميكيلي، في محاولة أخيرة لاعتقال قادة "جبهة تيغراي".
تدمير الآلاف
وفي وقت تفرض حكومة آبي تعتيماً شبه كامل على الأوضاع الميدانية بالإقليم الذي يخضع لسيطرة قوات "جبهة تيغراي" المسلحة بشكل جيد والمدربة على خوض الحروب، أكدت وكالة أنباء في منطقة أمهرة المجهورة للإقليم المتمرد، أن أكثر من 10 آلاف جندي من "جبهة تيغراي"، "دمروا" خلال الصراع المستمر منذ ثلاثة أسابيع في الشمال الجبلي بإثيوبيا.وأشارت وكالة "رويترز" إلى أنه لم يتسن التحقق من تقرير الوكالة الإثيوبية، التي تديرها الحكومة الإقليمية في أمهرة الداعمة لحملة آبي أحمد.وجاء رفض أديس أبابا والتقرير عن سقوط آلاف القتلى بالتزامن مع تحذير أوروبي من زعزعة النزاع الإثيوبي الذي يكتسي بصبغة عرقية من زعزعة استقرار شرق إفريقيا ومنطقة القرن الإفريقي المضطربة على نحو خطير.وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل، في وقت متأخر، أمس الأول، إن "وقف القتال الدائر والعودة للحوار ضرورة".وأضاف بوريل: "عبرت عن قلقي البالغ بشأن العنف المتزايد على أساس عرقي والعدد الكبير من الضحايا وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي".وأشار بوريل إلى دعمه لمحاولات الوساطة التي يقوم بها الاتحاد الإفريقي، وقال "هذا هو السبيل الوحيد لتجنب المزيد من زعزعة الاستقرار".وفيما يبدو أنه محاولة للوساطة تستبق اجتياح القوات الاتحادية لميكيلي، أفاد مصدران دبلوماسيان بأن من المقرر أن يصل ثلاثة مبعوثين للاتحاد الإفريقي إلى أديس أبابا وهم رئيس موزامبيق السابق يواكيم تشيسانو ورئيسة ليبيريا السابقة إيلين جونسون سيرليف ورئيس جنوب إفريقيا السابق كجاليما موتلانثي خلال الساعات المقبلة. وذكر دبلوماسيون أنه مع تزايد القلق العالمي طرحت الدول الأوروبية الصراع في اجتماع مغلق لمجلس الأمن بالأمم المتحدة أمس الأول.ولم يتمكّن أعضاء المجلس الدولي في أول اجتماع يعقد بشأن الصراع من الاتفاق على بيان مشترك حول النزاع الذي دفع بأكثر من 50 ألف شخص للفرار إلى السودان المجاور.وردّاً على سؤال بشأن التردّد الذي يبدو أنه يهيمن على مجلس الأمن بشأن النزاع الدائر في تيغراي، أكّد المتحدّث باسم الأمم المتّحدة ستيفان دوجاريك أنّ الاتحاد الإفريقي يتصدّر الجهود الدولية الرامية لحل هذه الأزمة وأنّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يدعم هذه المقاربة.وأمس الأول، أعرب غوتيريس عن قلقه من الهجوم المرتقب على عاصمة الإقليم الانفصالي.وقال غوتيريس، في بيان، إنّه "يحثّ قادة إثيوبيا على بذل كل ما في وسعهم لحماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان وضمان وصول المساعدات الإنسانية" إلى السكّان.