الفأر المثقف أكل ثلث الكتاب!
معظم الهواة والمهتمين بشراء واقتناء الكُتب والمخطوطات القديمة، تحصل معهم مواقف وطرائف وحكايات أثناء عمليات البحث لشراء نوادر الكتب، فهي لا تتوافر لدى المكتبات في الأسواق، بل تكون لدى تُجار بيع الكتب القديمة، ولهم أماكنهم الخاصة التي يعرفها ويستدل عليها الهواة، سواء كانوا من داخل الكويت أو خارجها.والآن بعد ظهور وسائل التواصل الحديثة انقرض أصحاب المكتبات القديمة، إلا القلة القليلة منهم مازالوا صامدين، وأصبحت عملية بيع وشراء الكتب النادرة تتم بسهولة ويُسر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُعرض الكتب وصورها وأثمانها، وتتم مزايدات عليها، كما هو موجود في موقع "aby" العالمي، وبعض الكتب تُباع من خلال المفاوضات الشخصية الثنائية، وتقول للبائع كلمة واحدة فقط "احجز"، ويصبح الكتاب ملكاً لك في الحال، ويصلك بالوقت الذي تحدده، إذا كنت بداخل الكويت أو خارجها، عبر البريد السريع، ويصل بعد أيام قليلة.لكن مع كل هذه الطرق السريعة والميسَّرة، إلا أن عملية شراء الكتب النادرة يجب أن تكون باحتراس ودراية وعلم وخبرة، لتفشي ظاهرة الغش والخداع، فتجد الكتاب معروضاً للبيع على أساس أنه نسخة أصلية، وعندما يصل إليك تجده خلاف ذلك، ويكون عبارة عن نسخة مصورة على نفس الورق القديم، أو تجد الصور التي بداخله منزوعة، ولا تخلو الصفحات من خربشات و"شخابيط"، مما يفقده قيمته المادية.
الطريف أثناء صفقات شرائي للكتب القديمة من بعض الدول العربية، وللأسف الشديد، تفشت ظاهرة الغش لدى بعض الباعة، رغم احتراسي الشديد، إلا أن بعض تجار الكتب لديهم طرق تحايل وغش، وحدث لبائع أن عرض مجموعة من الكتب القديمة تتعلق بالكويت، ولم يعرضها منفردة، بل عرضها بوسائل التواصل الاجتماعي وهي فوق بعضها، ويظهر فقط نصف الكتاب، والنصف الآخر يكون مخفياً، كأنه يقول هذه الكتب أبيعها جملة.وخبراء الشراء يعرفون الكتاب وندرته من عنوانه، حتى لو ظهر جزء صغير منه. وكان من بين الكتب المعروضة والمتراصة على بعضها كتاب نادر قديم دُرس في الكويت عام ١٩٥٣، عنوانه "التربية الوطنية"، وقد ظهر نصف الكتاب فقط وفوقه كتاب آخر وثالث ورابع. تفاوضت مع البائع لشراء المجموعة كاملة، وقمت بتحويل المبلغ، مع زيادة على ثمن الشراء تكلفة البريد السريع. وعند وصول الكتب، وجدت ثلث كتاب التربية الوطنية تقريباً قد أكله الفأر، والبائع بلا شك - للأسف الشديد - يعلم ذلك، لكنه أخفى الجزء المأكول، ورص فوقه كتباً أخرى.الموقف بكل تأكيد يدعو للضحك والاستهجان، لافتقار الأمانة لدى البائع، وعلَّق صديقي العزيز د. خليفة الوقيان عندما شاهد الكتاب وقال: هذا الفأر الذي قرض وأكل الكتاب يبدو أنه فأر مثقف!على كل حال، سامحت الفأر المثقف، ولربما الفاقة والفقر أجبراه على أكل الكتاب.لكن ماذا نفعل بالنسبة للفئران البشرية، التي تسرق إنتاج ودراسات وأبحاث ومؤلفات الآخرين، وتضع أسماءها على الكتاب المسروق من دون أي عناء؟! انظر أعلاه، صورة الكتاب الذي أكل الفأر ثلثه.