تأتي أهمية الاستطلاع من خلال المنهجيات العلمية التي تحدد خيارات عديدة يستطيع الرأي العام الوصول منه خلالها إلى أفضل تلك الخيارات لقضية ما في أي مجال كان، وتتعاظم الأهمية في أنها يمكن أن تظهر في الجانب السياسي الأغلبية التي تنوي التصويت لهذا المرشح أو ذاك، مما يمكن أن يؤثر في نتائج الانتخابات لأن الناس عادة ما ينساقون وراء الأغلبية من باب الاستدلال على الحق بالعدد، أو بسبب نمط تفكيري قطيعي، ويسمى هذا التأثير "تأثير المحاكاة" (Band Wagon)؛ بمعنى أن الناس لا يرغبون في الخروج عن رأي الجماعة ولا يتحملون حالة الانتماء إلى الأقلية.وإذا ما نظرنا إلى واقعنا الكويتي؛ نجد استطلاعات الرأي حول المرشحين غير موضوعية ومسيسة وتوجهها الجهة التي تقوم بالدراسة وفق مصالحها وأهوائها، فهي إذاً غير حيادية على الإطلاق.
ولا يخفى على أحد؛ أن بيئة الديمقراطية وحرية التعبير وحرية الصحافة هي البيئة المناسبة لثقافة الرأي العام والعمل به، ومن شروط قوته ونفوذه بالمجتمع الكويتي، وللأسف الشديد هذه البيئة غيبت مؤخرا بسبب قوانين تكميم الأفواه؛ ما من شأنه خسارة قوة يمكن أن تكون استراتيجية وفاعلة بالمجتمع.
ختاماً:
إن مراكز استطلاع الرأي العام في الكويت لو التزمت المهنية والاحترافية والعلمية والموضوعية والحيادية والشفافية، وابتعدت عن التسييس والحسابات الضيقة والرخيصة، لأصبحت إضافة كبيرة للسلطة لإدارة شؤونها بكل اقتدار؛ فكيف تدعي السلطة أنها ديمقراطية تؤمن بمبدأ المشاركة السياسية، وفي الوقت ذاته تتغاضى وتدعم أحياناً مراكز استطلاع رأي مهمتها الأساسية التأثير على نوايا الناخبين، وتغيير قناعاتهم تجاه مرشحين قبيضة أثروا على حساب المال العام، ليصبحوا مجرد تبع لمنظومة الفساد.اللهم قدر للكويت رجال دولة أقوياء، شرفاء، أمناء.